ذكرى رحيل الحسن الثاني: إستشراف لعصرنة الدولة و هندسة موجات الانتقال الديمقراطي بالمغرب

الملك الراحل الحسن الثاني طيّب الله ثراه لم يكن رجل عاديا فقد كان يمتاز بالذكاء السياسي و بحكمة مكنته من ان تدبير شؤون الدولة برؤية معاصرة للشأن المؤسساتي، انقد البلاد من أزمات سياسية و إقتصادية عصيبة، وقد مثّل الراحل الكبير بحراً في الحكمة، ونموذجاً فريداً في التعاطي للقضايا السياسية على المستوى الوطني و العربي و الدولي
 
*بناء الدولة الحديثة: 
عمل الملك الراحل جلالة الملك على نهج سياسة تنموية ترمي في جوهرها جعل المؤسسات تواكب العصرية التي تنظر إلى المستقبل، فقد طبع الملك الراحل التاريخ الحديث للمغرب عبر حصيلة تدبيرية عكستها الإصلاحات العميقة التي باشرها والأوراش الكبرى التي أطلقها بغية جعل المغرب يصنف من أبرز الدول العربية التي استطاعت أن تجمع بين الأصالة والمعاصرة على مستوى الفكر و الممارسة، حيث قام الملك الراحل بوضع سياسة تنموية ترتكز على مؤسسات قوية جعلت المغرب ينتقل إلى مرحلة متطورة من التحديث العمراني
 
*هندسة الانتقال الديمقراطي و تعزيز منضومة حقوق الإنسان
 
لقد أجمع العديد من الباحثين على أن أولى ملامح الانتقال الديمقراطي بدأت مند خطاب الملك الراحل الحسن الثاني عند افتتاحه لدورة الخريفية للبرلمان المغرب سنة 1995 الذي شخص من خلاله وضع البلاد و ما قد تتعرض له من سكتة قلبية استنادا إلى مضامين تقارير المؤسسات الدولية المانحة سيما البنك الدولي بشأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ليدفع هذا الوضع ضرورة الإصلاح الشامل بعدما تجاوزت المؤسسات معدلات و مستويات تنمية الاقتصادية الخطوط الحمراء، كما شلت الإدارة العمومية، و بالتالي اعتبر عقد التسعينيات من أبرز المراحل السياسية بالدولة توجت بإسناد الملك الحسن الثاني مسؤولية تدبير الحكومة للمعارضة على رأسها عبد الرحمن اليوسفي، فكانت بداية مرحلة جديدة في علاقة الملك بالمعارضة و التي أسفرت عن تصويتها بنعم على دستور 1996، لتبدأت تفاصيل التناوب الذي دعا له الملك الحسن الثاني،
 
عرفت هذه المرحة مجموعة من الأحداث سبقت و تخللت حكومة التناوب التوافقي لعل أبرزها تأسيس المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان، و العفو على المعتقلين السياسيين ثم عودة بعض رموز المعارضة المتواجدة في الخارج، كما عرفت هذه المرحة نقاشا حول الإصلاح الدستوري، و إشراك المعارضة في التدبير الحكومي، و إحداث هيئة الإنصاف و المصالحة التي اعتبرت مبادرة دشن فلسفتها الحسن الثاني من خلال تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان فس عام 1990 و تعديل الدستور في سنتي 1992 و 1996 عبر التنصيص في ديباجته على ان المغرب متشبت بحقوق الانسان كما هو متعارف عليها دوليا كما ان هذه المبادرات تبعتها تفاعلات ايجابية في الساحة الوطنية

 

كل هده المحطات، و أخرى عديدة تبرهن على أن الملك الحسن الثاني كان رجل سابق لعصره خطا خطوات هامة في سبيل بناء الديمقراطية و التنمية بشتى أنواعها، و ذلك باعتماد مجموعة من الإصلاحات السياسية، و القانونية، و المؤسساتية طبعت مسار حكمه المتميز