نظام القمع..غلق مقرات حزب شيوعي في الجزائر وحل جمعية شبابية اشتهرت في فترة الحراك

أصدر القضاء الإداري في الجزائر، في يوم واحد، قرارا بوقف نشاط الحركة الديمقراطية الاجتماعية وغلق مقراتها، وهي حزب يعبر عن التيار الشيوعي في البلاد، وآخر بحل جمعية “تجمع عمل شبيبة” المعروفة بـ”راج” والتي عرفت بنشاطها اللافت في فترة الحراك الشعبي.

وتأتي هذه القرارات بعد دعاوى قضائية رفعتها وزارة الداخلية ضد أحزاب وجمعيات، بمبرر أن نشاطها يخالف قانون الأحزاب والجمعيات، حيث تتهمها بفتح مقراتها لاستضافة أنشطة سياسية وحقوقية لتنظيمات غير معتمدة بالإضافة لتبني خطاب تحريضي ضد مؤسسات الدولة.

ووجهت وزارة الداخلية في البداية إنذارا للحركة الديمقراطية الاجتماعية، بخصوص طبيعة الأنشطة التي تنظمها في مقرها الوطني بمنطقة تيليملي بقلب العاصمة الجزائرية، ثم لجأت في أغسطس 2022 للقضاء الإداري بشكل استعجالي للمطالبة بتجميد نشاط الحزب.

وفي ذلك الوقت، ذكر فتحي غراس المنسق العام للحركة الديمقراطية الاجتماعية، أن ما أزعج السلطات، هي النشاطات التي كان ينظمها حزبه بمعية هيئة الدفاع عن المعتقلين وعائلاتهم والصحافيين والنقابيين وبقية المجتمع المدني المقاوم، وهو ما يندرج بحسبه في “منطق القضاء على الممارسة السياسية المقاومة للتعسف والاستبداد”، مؤكدا أن حزبه “لن يرضخ لمثل هذه التهديدات وسيبقى أداة في يد الشعب الجزائري المقاوم من أجل تحقيق هدف السيادة الشعبية ودولة الحق والعدالة والمساواة”.

وتواجه الحركة الديمقراطية الاجتماعية المحسوبة على أقصى اليسار في الجزائر، مصيرا مجهولا اليوم؛ لأن الحكم الصادر عن مجلس الدولة يبدو غير قابل للاستئناف باعتبار هذا المجلس أعلى جهة في القضاء الإداري بالجزائر.

وتعد الحركة الديمقراطية الاجتماعية من الأحزاب القديمة في الجزائر، وهي امتداد لحزب الطليعة الاشتراكية الذي تشكل بعد الاستقلال وظل ينشط بشكل سري زمن الحزب الواحد، ممثلا للتيار الشيوعي في الجزائر الذي كان تأثيره لافتا في سنوات الستينات والسبعينات والثمانينات. ويعتبر الراحل الهاشمي شريف من أبرز قادة التيار، ومؤسس الحركة الديمقراطية الاجتماعية بعد فتح المجال للتعددية السياسية بداية التسعينات.

وخلال السنتين الأخيرتين، لجأت وزارة الداخلية في تعاملها مع الأحزاب التي تعتقد أن نشاطها يخالف قانون الأحزاب السياسية، إلى توجيه “إعذارات” لمسؤوليها أولا، ثم التوجه للقضاء الإداري من أجل طلب حلّ هذه الأحزاب أو تجميد نشاطها. وتعد الحركة الديمقراطية الاجتماعية ثاني حزب يتم تجميد نشاطه بعد حزب العمال الاشتراكي المحسوب أيضا على أقصى اليسار.

وتعرض حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، لإشكالات مماثلة نهاية 2021، حيث كشف عن مراسلة مشابهة، تطالبه بوقف عقد اجتماعات التنظيمات غير المرخصة داخل مقر حزبه، تحت طائل اتخاذ إجراءات قانونية ضده.

ووجد الاتحاد من أجل الرقي والتغيير نفسه في الوضع ذاته، بعد أن رفعت وزارة الداخلية دعوى قضائية ضده في أبريل 2021، لكن هذا الحزب الذي تقوده القاضية السابقة زبيدة عسول، استطاع كسب المعركة القضائية مؤقتا.

وفي نفس السياق، قرر مجلس الدولة تأييد حل جمعية “راج”، ليكون بذلك قرار حلها نهائيا، وفق ما علم رئيس الجمعية عبد الوهاب فرصاوي. وكانت وزارة الداخلية في دعواها أمام القضاء الإداري، قد التمست حل الجمعية لكونها خرجت عن إطار القانون الأساسي المنظم لنشاطها والأهداف من وراء تأسيسها وتبنت العمل السياسي الذي لديه قانون خاص ينظمه في إطار الأحزاب السياسية.

وتعرف ”راج” بأنها جمعية تنظم نشاطات شبابية تعنى بالمسائل السياسية والحقوقية والاجتماعية منذ إنشائها سنة 1993، وعرفت بانخراطها القوي في مسيرات الحراك الشعبي منذ انطلاقه في فبراير 2019، وكلفها ذلك اعتقال أغلب قادتها ورئيسها عبد الوهاب فرصاوي قبل الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، بتهم تتعلق بالإضرار بالمصلحة الوطنية والمساس بالوحدة الوطنية.

وكانت السلطات الجزائرية قد واجهت بسبب هذه الإنذارات والدعاوى القضائية ضد أحزاب وجمعيات، انتقادات من منظمات حقوقية غير حكومية مثل “أمنستي إنترناشيونال” وكذلك تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في العالم لسنة 2021. كما تعرضت خلال الاستعراض الدوري لملفها الحقوقي أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، لعدة انتقادات، بخصوص حرية النشاط الجمعوي والسياسي من قبل دول غربية خصوصا.

ورد وزير العدل الجزائري رشيد طبي على الملاحظات بوجود تعطيل للحياة السياسية والجمعوية، بأن ثمة قوانين يجري تحضيرها لإزالة عوائق النشاط. وكشف في هذا السياق، عن إعداد “مشروع قانون عضوي يحدد شروط وكيفيات إنشاء الجمعيات”، وأبرز أيضا أن الحكومة تعكف على إنجاز “مشروع القانون الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حرية التجمع والتظاهر السلمي”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *