جرأة حامي الدين: النزعة الإصلاحية انطفأت في “البيجيدي” والحزب لم ينتصر للديمقراطية

أكد عبد العالي حامي الدين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أن الخط السياسي للبيجيدي زاغ عن النزعة الإصلاحية الديمقراطية التي تحاول إصلاح البنيات السياسية للدولة في أفق ملكية برلمانية ديمقراطية، حيث انطفأت هذه النزعة تقريبا مع المشاركة في الحكومتين السابقتين.

وفي مقال له منشور بموقع “عربي21” توقف حامي الدين على مسار تذبذب الخط السياسي للحزب وتأرجحه بين هذه النزعة الديمقراطية، والنزعة الإصلاحية البراغماتية التي تؤمن بالدور الوظيفي للحزب في ظل ملكية تنفيذية مطلقة.

كما رصد حامي الدين تغليب الحزب للهواجس الإيديولوجية والدفاع عن الهوية على حساب المطلب الديمقراطي من خلال الموقف من حكومة التناوب، بعدما عارضها معارضة شرسة على أرضية الدفاع عن المرجعية الإسلامية، خاصة في مشروع إدماج المرأة في التنمية، وهو ما تسبب في انقسام مجتمعي كبير، أظهر بأن بروز العوامل الإيديولوجية لن يساهم في خلق شروط التوافق الضروري لتحقيق الانتقال الديموقراطي المطلوب.

هذه العوامل الإديولوجية، حسب حامي الدين، شكلت فرصة مناسبة للمؤسسة الملكية لتعزيز مكانتها التحكيمية، ولأول مرة سيتم توظيف الصفة الدينية للملك في عهد الملك محمد السادس، وسيتدخل باعتباره أميرا للمؤمنين ليشكل لجنة ملكية ستسهر على إعداد مدونة الأسرة.

وستساهم المدونة في تعزيز المكانة الدينية والسياسية للملك ولمؤسسة إمارة المؤمنين التي وجدت فيها القوى اليسارية ملاذا آمنا ضد الإسلاميين، كما أن التيار الإسلامي سيعتبر بدوره أن مؤسسة إمارة المؤمنين ضمانة للحفاظ على المرجعية الإسلامية، يضيف حامي الدين.

ونبه القيادي بالبيجيدي إلى أن حزبه وقف ضد المنطق الديمقراطي بعد انتخابات 2002، حيث وقع على بيان رفقة أحزاب أخرى يتحفظ على تعيين وزير أول من حزب الاتحاد الاشتراكي المتصدر للانتخابات، وهو ما مهد الطريق نحو تعيين التقنقراطي ادريس جطو، خلافا لما تقتضيه المنهجية الديمقراطية.

وأكد حامي الدين أن الانقسام الإديولوجي لم يكن في صالح الانتقال الديمقراطي، ولم تنجح القوى السياسية في تأجيله إلى حين ترسيخ هذا الانتقال، كما أن تجربة التناوب لم تكن مؤطرة بإرادة الانتقال الديمقراطي، بل أملتها اعتبارات انتقال الملك إلى جانب الوضعية الصعبة للبلاد.

ولفت حامي الدين إلى أن حزب العدالة والتنمية خلال هذه المرحلة تحكمت فيه اعتبارات إيديولوجية أكثر منها اعتبار الانتصار للمنطق الديموقراطي، كما أن حزب الاتحاد الاشتراكي بدوره لم يساهم في تبديد مخاوف “البيجيدي” المتعلقة بالمحافظة على الهوية وعدم المس بالقطعيات الإسلامية في القوانين والتشريعات.

وإلى جانب ذلك، توقف حامي الدين على تذبذب الخط السياسي لحزبه منذ أول امتحان له في مساره حول المراجعة الدستورية سنة 1996، حيث عبر عبد الكريم الخطيب ومصطفى الرميد عن عدم جدوى المشاركة لكون التعديلات لا تستجيب للانتظارات، وهو ما قابله على الجانب الآخر إعلان عبد الإله بنكيران عن موقف الداعي للتصويت بنعم.

هذا الانقسام هو نفسه الذي حدث بعدما قررت قيادة حزب العدالة والتنمية أن تساند حكومة التناوب دون أن تكون جزءا منها، بعد الاعتذار عن تولي منصب حكومي واحد، وعبر بنكيران عن رأيه المخالف بأن يقبل الحزب بالمشاركة، وهو الانقسام الذي تجدد بعدما قرر الحزب بعد مرور حوالي سنتين تبني موقف المعارضة الناصحة لحكومة اليوسفي، وأعلن بنكيران عن موقفه المتحفظ من قرار خروج الحزب للمعارضة.