فتح ملفات قضائية في حق رؤساء جماعات..روائح فساد في صفقات بجهة الرباط

لم يكن العديد من رؤساء الجماعات، ممن يفتقدون إلى التجربة، وأغراهم المنصب، و»لهفة» الحصول على “الحبة” من «الجيل الجديد»، الذين رمت بهم أمواج الانتخابات الجماعية لثامن شتنبر الماضي، في جهة الرباط سلا القنيطرة، يدركون أن ملفات قضائية ستفتح في وجوههم.
وحطم البعض منهم حسب مقال لجريدة الصباح، خصوصا بإقليم القنيطرة، الرقم القياسي في تفويت صفقات مشبوهة لأصحاب مكاتب دراسات، البعض منهم يخصص نسبة من الأرباح لمنتخبين كبار.
وكلما اتخذت وزارة الداخلية إجراءات وتدابير لتحسين أداء الجماعات المحلية، وتصحيح أخطائها من خلال وضع ترسانة من القوانين والإجراءات بهدف تقويض هامش هدر المال العام والتلاعب بمصالح المواطنين، كلما تفتقت عبقرية المنتخبين في “النصب والاحتيال”، وتمرير الصفقات بطرق أكثر مكرا.
واهتزت جهة الرباط سلا القنيطرة، أخيرا، على وقع هجمة شرسة من قبل مكتب دراسات شهير بالعاصمة، وجد المجال خصبا للهيمنة والاستحواذ على أغلب الصفقات الدسمة، التي أسالت الكثير من المداد وواكبتها احتجاجات كبرى، أرغمت رئيس مجلس معروف على التراجع، والاحتفاظ بهذه الصفقات بالرفوف في انتظار المجهول.
وبعد فشل مكتب الدراسات المحظوظ في نيل كعكة مجلس قريب من الرباط، زحف نحو الضواحي فكان الموعد هذه المرة مع غنيمة دسمة للجماعة التي تصنف من أغنى الجماعات بالإقليم، وفاز بها بالدراسة، فيما رست صفقة إنجاز المشروع على مقاولة تربطها علاقة وطيدة بمكتب الدراسات، في واحدة من أضخم الصفقات التي عرفتها الجماعة، التي يرأسها رئيس مقرب من وزير سابق، فاقت ميزانيتها ستة ملايير.
ولم تقف أطماع هذه الشبكة من المصالح، عند هذا الحد، بل توسعت لتشمل جماعة قروية مجاورة لسيدي قاسم، إذ استفاد مرة أخرى مكتب الدراسات المحظوظ من صفقة دراسة شبكة الماء الصالح للشرب، وصفقة دراسة تهيئة مركز بأثمنة خيالية، وهي أثمنة باهظة جدا، وتفوق بكثير أثمنة السوق، ويكفي فقط مقارنتها بأثمنة تطهير وتهيئة مراكز جماعات مجاورة.
وتأتي هذه “المجازر” التي ترتكب في حق المال العام، تزامنا مع ما نبهت إليه سلطات الوصاية واستأثرت باهتمام المشرع وأفرد لها حيزا مهما، بخصوص مشكل الصفقات العمومية بالجماعات المحلية، وذلك في محاولة لمنع تفويتها بطرق مشبوهة لجهات معينة دون غيرها، وهكذا ألزم المشرع الوحدات الترابية باحترام قوانين صارمة في هذا الصدد، منها إنجاز دفتر تحملات واضح المعالم ونشر إعلان الصفقات بالجرائد والبوابة الإلكترونية الوطنية والإعلان بشكل صريح عن القيمة التقديرية لإنجاز الدراسة أو المشروع، ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص، وحتى يتمكن جميع المتنافسين من المشاركة دون قيود.