أشارت المندوبية السامية للتخطيط، إلى أن المغرب سيتضرر بشكل كبير، من السياق العالمي الصعب، الذي يعرف صدمات متتالية، تمثلت في الأزمة الصحية لوباء كورونا والصراع الروسي الأوكراني والجفاف، حيث سيتواصل تفاقم المخاطر وتراجع الثقة، وستفرز هذه الوضعية، إختلالات على مستوى الإنتاج والإستهلاك الشيء الذي سيؤدي إلى إرتفاع كبير في أسعار المنتجات الأساسية.
وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط، أن وتيرة نمو معتدلة للإقتصاد العالمي في 2023 ستؤدي إلى تباطؤ الطلب العالمي الموجه نحو المغرب وعلى مواصلة الأسعار العالمية للسلع تسجيل مستويات عالية، كما تعتمد هذه الآفاق على سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب وعلى نهج نفس السياسة المالية المتبعة خلال سنة 2022، غير أن هذه الآفاق تبقى رهينة بمدى تطور العديد من مظاهر القلق والمخاطر المرتبطة أساسا بالتطورات التي ستعرفها الوضعية الجيوسياسية والتداعيات المترتبة عليها، خاصة الإختلالات التي تعرفها سلاسل التخزين وضعف الإحتياطي من المنتجات الأساسية.
ولفتت المندوبية، إلى أنه تسجل القيمة المضافة للقطاع الأولي زيادة ب11,8 بالمئة، مدعمة بتعزيز أنشطة الزراعات الأخرى وتربية الماشية خلال الموسم الفلاحي 2002-2023، غير أن الأنشطة غير الفلاحية ستعرف تباطؤا في وتيرة نمو قيمتها المضافة لتصل إلى حوالي%2,9 سنة 2023 عوض %3,5 سنة 2022.
كما سيسجل القطاع الثانوي، بحسب المصدر ذاته، نموا ب%3,5 سنة 2023، نتيجة التحسن المتوقع للصناعات التحويلية ولقطاع المعادن الذي سيستفيد من إنتعاش الطلب على الفوسفاط ومشتقاته، وستواصل أنشطة قطاع البناء تأثرها بشكل سلبي بإرتفاع أسعار منتجات البناء.
ومن جهته، سيعرف القطاع الثالثي نموا معتدلا، حيث ستتراجع وتيرته إلى حوالي %2,5 سنة 2023 عوض%4,5 المرتقبة سنة 2022، ويعزى ذلك أساسا إلى تباطؤ وتيرة نمو الخدمات التسويقية إلى حوالي%2,1 عوض%4,5 سنة 2022، في حين ستسجل الخدمات غير التسويقية زيادة ب %4,1 سنة 2023.
وبناء على تطور الضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الإعانات ب %1,5، سيعرف الناتج الداخلي الإجمالي نموا بمعدل%3,7 سنة 2023 بعد تباطؤه المرتقب سنة 2022 إلى %1,3. وعلى المستوى الإسمي، سيسجل الناتج الداخلي الإجمالي ارتفاعا ب %4,5. وستفرز هذه التطورات زيادة في التضخم، المقاس بالمؤشر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي ب%0,8 عوض%4,9 سنة 2022.
وسجّلت المندوبية، في تقريرها أنه سيعرف الطلب الداخلي سنة 2023 ارتفاعا ب %3,3 عوض %1,3 خلال سنة 2022، حيث ستبلغ مساهمته في النمو الاقتصادي حوالي3,6 نقط عوض1,5 نقطة. ويعزى هذا التحسن إلى الزيادة المرتقبة في استهلاك الأسر ب%2,4 سنة 2023، نتيجة انتعاش المداخيل، حيث ستصل مساهمته في الناتج الداخلي الإجمالي إلى حوالي1,4 نقطة عوض0,9 نقطة سنة 2022. ومن جهتها، ستستقر مساهمة استهلاك الإدارات العمومية في النمو في حدود نقطة واحدة. وسيعرف الاستثمار الإجمالي زيادة بحوالي%3,5 ، ليسجل مساهمة موجبة في النمو ستصل إلى حوالي1,1 نقطة عوض مساهمة سالبة خلال السنة الجارية.
وبالموازاة مع ذلك، سيسجل الطلب الخارجي مساهمة منعدمة في النمو، نتيجة زيادة الواردات من السلع والخدمات ب %4,1 سنة 2023 مقابل ارتفاع الصادرات ب%5,2 . وسيواصل الميزان التجاري تأثره بارتفاع أسعار المنتجات الطاقية والغذائية، غير أنه سيتقلص مقارنة بمستوى %17,8 من الناتج الداخلي الإجمالي المرتقب سنة 2022، ليستقر سنة 2023 في حدود %17,5. وبناء على آفاق المبادلات من الخدمات، سيتراجع عجز الموارد ليستقر في حدود %10,8 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %11,6 سنة 2022.
وبناء على زيادة الناتج الداخلي الإجمالي الإسمي ب%4,5 سنة 2023 وارتفاع الاستهلاك النهائي الوطني ب %4,1، سيعرف معدل الادخار الداخلي تحسنا ليصل إلى%21,2 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023 عوض %20,8 المتوقعة سنة 2022. وأخذا بعين الاعتبار لحصة المداخيل الصافية الواردة من باقي العالم، التي ستمثل حوالي%5,3 من الناتج الداخلي الإجمالي، فإن معدل الادخار الوطني سيستقر في حدود%26,5 من الناتج الداخلي الإجمالي. غير أن هذا الادخار سيبقى دون مستوى الاستثمار الإجمالي الذي يمثل%30,9 من الناتج الداخلي الإجمالي. وبالتالي، ستستقر الحاجيات التمويلية للاقتصاد في حدود%4,4 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023.
وأفاد المصدر ذاته، أنه ستواصل المالية العمومية تأثرها خلال سنة 2023 بالضغوطات الناتجة عن استمرار نهج نفس سياسة الاستثمار وتعزيز نفقات المقاصة، نتيجة ارتفاع الاسعار، والمجهودات المالية المبذولة لتعميم الحماية الاجتماعية وإصلاح قطاعات الصحة والتعليم.
وفي هذا الإطار، ستواصل النفقات العمومية تسجيل مستويات عالية لتصل إلى حوالي %19,7 من الناتج الداخلي الإجمالي، متجاوزة بذلك المتوسط السنوي الذي بلغ%18,7 خلال الفترة 2015-2020. وتعزى هذه الزيادة أساسا إلى استقرار نفقات المقاصة في حدود%2,5 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض%1,4 كمتوسط سنوي خلال نفس الفترة. كما ستؤدي الزيادة المتوقعة في نفقات السلع والخدمات الأخرى ونفقات كتلة الأجور إلى مواصلة الضغوطات وصعوبة التحكم في النفقات العمومية.
وبخصوص المداخيل الجارية، فإنها ستعرف تباطؤا خلال سنة 2023 مقارنة بمستواها المقدر سنة 2022، لتستقر في حدود %19,5 من الناتج الداخلي الإجمالي، خاصة نتيجة الانخفاض المتوقع لمداخيل الضريبة على الشركات وحقوق الجمارك ومداخيل الضريبة على القيمة المضافة على الواردات. ومن جهتها، ستصل المداخيل غير الجبائية إلى حوالي %2,2 من الناتج الداخلي الإجمالي، مستفيدة من تعبئة آليات التمويل المبتكرة ومداخيل الاحتكار.
وبناء على حصة نفقات الاستثمار، التي ستبلغ حوالي%5,5 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023، سيستقر عجز الميزانية في حدود%5,5 من الناتج الداخلي الإجمالي، أي بتفاقم طفيف يصل إلى1,1 نقطة مقارنة ب%4,4 كمتوسط سنوي خلال الفترة 2014-2021.
أمام هذه العجز وبناء على مستوى الاحتياطي من العملة الصعبة وارتفاع صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحوالي %10، ستتم تغطية الحاجيات التمويلية باللجوء إلى الاقتراض الخارجي والداخلي.
في ظل هذه الظروف، سيواصل معدل الدين للخزينة، حسب المصدر ذاته منحاه التصاعدي ليصل إلى حوالي %71,2 من الناتج الداخلي الإجمالي، ليتجاوز بشكل كبير المتوسط السنوي %62,4 المسجل خلال الفترة 2014-2021. وبناء على الدين الخارجي المضمون، الذي سيتراجع إلى حوالي%12,4 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023، ستبلغ حصة الدين العمومي الإجمالي في الناتج الداخلي الإجمالي حوالي%83,6 عوض%83,3 المقدرة سنة 2022 و%77,1 المسجلة سنة خلال الفترة 2014-2021.