كوماندو مسلح يحاصر بين الويدان بعد أن تحول إلى ملياردير

حكاية جريمة

المال القذر للمخدرات

في شهر غشت من سنة 2006 فوجئ رواد مقهى الغروب بضواحي مدينة طنجة بكوماندو مسلح يصل على متن سيارات رباعية الدفع، ويطوق المقهى قبل أن يختار هدفا بعينه، شل حركته، ووضع الأصفاد في يديه قبل مغادرة المكان.

الغنيمة كانت كبيرة، وتحمل لقبا معروفا في عالم الاتجار الدولي في المخدرات بالشمال وإسبانيا. لقب غريب كان يسبق صاحبه، ويحيطه بهالة من الغموض.
إنه «الشريف بين الويدان»، الذي أطاح ملفه برؤوس من العيار الثقيل، أبرزهم مدير سابق للقصور والإقامات الملكية.
اعتقال محمد الخراز، المعروف ب«بين الويدان»، لم يشكل صدمة فقط لعدد كبير من سكان المنطقة، الذين يعلمون جيدا حجم النفوذ الذي يتمتع به، بل شكل ضربة موجعة جعلت عددا من بارونات المخدرات يفرون خارج المغرب، لعلمهم بأن وقوع الشريف بين الويدان وراءه عاصفة ستحصد المزيد من الأسماء.
لم يكن اسم الشريف بين الويدان، الذي تربع على هرم بارونات المخدرات، معروفا بشكل قوي قبل سنة 1996.

السنة التي سحق فيها عدد من كبار المهربين تحت ضغط دولي بعد أن تم نشر غسيل تجارة المخدرات بالمغرب، وتوجيه أصابع الاتهام إلى مسؤولين كبار من خلال تقرير دولي رصد شبهات في صلتهم بعمليات إعادة تدوير الأموال القذرة لهذه التجارة.
قبل هذه السنة لم يكن اسم الخراز معروفا في بورصة المخدرات الدولية، لكن حملة الاعتقالات التي نفذتها الداخلية، واستنفرت لأجلها جميع الأجهزة الأمنية، جعلت الساحة فارغة ليدخل بين الويدان على الخط، بعد أن نجح في الإفلات من ماكينة الحصاد التي أعقبت الحملة بعفو أسقط عنه باقي العقوبة.
في سبيل تحقيق هذا الهدف لم يتردد الشريف بين الويدان الذي انطلق من الصفر في سحق منافسيه، مستفيدا من الخبرة التي راكمها في بداية حياته في مجال تهريب السلع، ثم معاونا لبعض تجار المخدرات الكبار، وهو ما مكنه من فهم شروط اللعبة في وقت مبكر، بعد أن اطلع على المسالك والدروب التي تمر منها المخدرات، وكيفية إغماض العيون التي يمكن أن تشكل حاجزا في طريقها.
وبفضل دهائه تمكن محمد الخراز من بسط نفوذه على عالم المخدرات بالشمال بعد أن اشتغل بشكل عمودي وأفقي، مما جعل القوارب تعمل بنشاط محموم في نقل أطنان المخدرات، في الوقت ذاته كانت مئات الملايين تتدفق إلى أرصدة وجيوب عدد من كبار المسؤولين، مما حول البحر إلى طريق معبدة للمخدرات، قبل أن يقرر بين الويدان الانتقال إلى المرحلة الثانية، حيث وظف عددا من الطائرات الصغيرة في نقل شحنات مهمة إلى إسبانيا حيث تم إعداد مدرج ترابي تحيط به عدد من السيارات والرجال الجاهزين.
الكميات الهائلة من المخدرات، التي نجح الشريف بين الويدان في نقلها إلى الضفة الأخرى في أمان تام، مستفيدا من الحصانة التي يقتطع ثمنها من الأرباح، جعلته يتحول إلى ملياردير في وقت قصير، إذ فاقت ثروته ملياري درهم. لكن هذه الثروة ذهبت في مهب الريح بعد أن وقع في قبضة الأمن.
بعد اعتقاله كان بين الويدان يعتقد بأنه سيفلت مثلما حصل من قبل، بعد أن وجد نفسه مدانا بعقوبة حبسية بعشر سنوات خلال حملة التطهير سنة 1996، والتي استطاع بعدها أن يغادر السجن بعد مرور ثلاث سنوات، لكنه أخطأ الحساب هذه المرة، واكتشف أن القضية «حامضة» بعد أن وقفت جهات عليا على سير القضية، مما جعله يقرر البوح بأسرار خطيرة عجلت بسقوط عدد من كبار المسؤولين.