تقرير | "أزمة وبائية" تعبد الطريق أمام "إلزامية التلقيح"

ما تزال الحالة الوبائية في المغرب، في ارتفاع متصاعد، مسجلة أعلى نسب الإصابة، منذ بداية انتشار الوباء بالمملكة .

 

وفي الوقت الذي كانت الوضعية في طريقها للتحسن، أو بالأحرى الاستقرار، ولاسيما في ما يتعلق بالحالات النشيطة، تصعد الحصيلة مجددا، حيث بلغ إجمالي الإصابات في البلاد حالة إصابة، بينهم مازالت تتلقى العلاج .

 

 

"الوضع مقلق"

 

معاد لمرابط، منسق المركز الوطني لحالة الطوارئ الصحية، يصف الوضع بـ"المقلق"، وبأن المواطن وجب عليه الالتزام بالتدابير الوقائية التي أقرتها السلطات، بالإضافة للقاح الذي يعد السبيل الوحيد لتجاوز الأزمة الوبائية، التي تمر منها البلاد .

 

وعن ما إذا كان الارتفاع في عدد الاختبارات التي تقوم بها وزارة الصحة، هي التي أظهرت هذه الحصيلة، وهو الأمر الذي لم يكن سابقا، يقول المرابط، "بالفعل كان هناك ارتفاع في عدد الاختبارات، ولكن الحالة الوبائية التي نمر منها، هي التي أجبرتنا على ذلك، لأن الإصابات في ارتفاع متزايد وبالتالي هناك مخالطين وأشخاص تظهر عليهم الأعراض، وبالتالي فمن الطبيعي الزيادة في عدد الاختبارات" .

 

"التلقيح هو الحل"

 

وعلى الرغم من تجاوز عتبة الـ10 مليون تلقيح، بـ"الجرعتين"، لكن مازال الإصابات في الارتفاع المتواصل، وهو الأمر الذي بات ينذر بـ"كارثة وبائية" .

ويراهن المغرب كباقي دول العالم على التلقيح ويعتبره مفتاح الخلاص من الوباء، لذلك يسابق الزمن من أجل الوصول إلى المناعة الجماعية التي ستمكنه من الحفاظ على صحة مواطنيه، والعودة بشكل تدريجي للحياة العادية، وبالتالي عودة العجلة الاقتصادية مجددا .

 

 

"إجبارية التلقيح"

 

وفي هذا السياق، وفي مراسلة داخلية موجهة إلى المندوبين الجهويين للصحة وكذا مدراء المستشفيات الجامعية ، توصلت "بلبريس" بنسخة منها، تتجه وزارة الصحة إلى "إلزامية التلقيح" .

وتأتي هذه الخطوة عكس سابقتها التي أقرت بـ"الاختيارية"، طبعا لتوصيات من اللجنة العلمية الوطنية المخصصة لمواكبة استراتيجية التلقيح ضد فيروس "كورونا" المستجد .

 

المراسلة برقم "N°DP-19/046/3"  الموقعة بتاريخ 26 يوليوز، ستلزم المواطنين على "التقليح" ضد الفيروس المستجد،  وذلك بسند قانوني يرجع للمرسوم بقانون رقم 2.20.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية .

"التلقيح والإصابة"

مولاي مصطفى الناجي، الخبير في علم الفيروسات، يؤكد على نجاعة كل اللقاحات المعتمدة من قبل السلطات الصحية .

ويتساءل المراقبون للوضع الصحي، عن سبب إصابة مجموعة من الأشخاص، بفيروس "كورونا" المستجد بالرغم من تقليهم للقاح، وحول هذا يرى الناجي، أن "فعالية اللقاح تختلف من شخص إلى آخر تبعا لارتفاع أو انخفاض مستويات الأجسام المضادة لديه".

 

الناجي يضيف أن "15 في المئة من الأشخاص الملقحين لا يتوفرون على هذه المضادات، مما يعرضهم للإصابة بالفيروس رغم تلقيهم للتطعيم".

 

"70 في المئة"

 

 ويرى الناجي بأن "نجاح المغرب في الوصول إلى "المناعة الجماعية" رهن بتطعيم 70 في المئة من المغاربة" .

 

واعتبر المتحدث  أن "العودة للحياة الطبيعية تقتضي الوصول إلى هذه النسبة من الملقحين، وهو لن يتحقق سوى عن طريق الرفع من وثيرة التطعيم".

 

"تشكيك"

 

في مقابل تصريح الدكتور مولاي مصطفى الناجي، مازال التشكيك قائما في الأعراض الجانبية للقاح ضد "كورونا"، ولاسيما بعد وفاة شابة بمدينة مراكش، بعد تطعيمها بلقاح "جونسون آند جونسون" الأمريكي، ما دفع وزارة الصحة لفتح تحقيق طبي في الموضوع .

 

ويرى المراقبون للوضع الوبائي، أن هذا الأمر وفي غياب تفاصيل حول الموضوع، ونتائج التحقيق، بالإضافة إلى استمرار العمل باللقاح المذكور، لا شك أنه سيضعف نوعا ما من ثقة المواطن في مسألة التلقيح، بالرغم من الحملة الواسعة التي تقوم بها السلطات من أجل حث المواطنين على التطعيم ضد الفيروس المستجد.

من جانبه يرى معاد لمرابط، أن التلقيح هو السبيل الوحيد لتفادي "الانتكاسة الوبائية"، ويتعين على المواطنين التوجه لمراكز التقليح من أجل التطعم ضد الفيروس المستجد .

 

"سلالتا بريطانيا والهند"

 

أما بالنسبة للمتحورات التي باتت مصدر تخوف الرأي العام الوطني، فأكد المرابط، أن الأمر يتعلق بسلالتين البريطانية والهندية كذلك .

وعن ما إذا كانت هذه السلالات أكثر فتكا، بالمقارنة مع "كوفيد19" بشكله الكلاسيكي، ينفي منسق مركز الطوارئ الصحية الأمر، مؤكدا أن الاختلاف بين "دلتا" و "ألفا" والفيروس التاجي المستجد، يكمن في سرعة انتشاره الكبيرة، وهو الأمر الذي جعل الحالات في ارتفاع متواصل .

 

"الحجر الصحي"

 

"الحصيلة الوبائية المقلقة"، تنذر بعودة الحجر الصحي، كما يرى ذلك مجموعة من المراقبين، وذلك لنجاعته في محاصرة الوباء .

في مقابل ذلك، للحجر الصحي، "سلبيات" عديدة، اجتماعية منها واقتصادية بالأساس، حيث أن المغرب ما فتئ ، يتجاوز الأزمة، وتعافي الاقتصاد المحلي .

 

"تكلفة باهضة"

 

وحول هذا الموضوع، في جانبه الاقتصادي، يرى الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، أن الحجر الصحي الشامل أمر مستبعد، لما فيه من أثر كارثي على الاقتصاد الوطني، ولكن قد يكون الأمر بشكل جزئي من خلال تطويق مجموعة من المدن بسبب الارتفاع في الإصابات المسجلة بها .

الكتاني يضيف  أن "الدولة اليوم يريد بأي طريقة الحفاظ على المكتسبات، وإنقاذ الاقتصاد الوطني، من الأزمة التي يواجهها اليوم بسبب الأزمة الصحية التي يمر منها العالم بأسره ".

الخبير الاقتصادي، أكد أن المغرب اليوم بين نارين، ارتفاع الإصابات وإرهاق المنظومة الصحية، وأزمة اقتصادية، و "كارثة" تلوح في الأفق .

المتحدث أشار كذلك، أن الدولة اليوم في هذه الأزمة الصحية والاقتصادية كذلك، لم تعد قادرة على سياسة التقشف، وأنه في حال عودة الحجر الصحي من جديد ستكون له آثار كارثية على الاقتصاد الوطني .

 

أسلوب "الترغيب" أولا

 

ولأن المغرب اعتمد أسلوب "الترغيب" أولا، حيث أنه سمح للمواطنين بحرية التنقل، باستعمال "جواز التقليح"، وهو الأمر الذي واجهه عناصر الدرك بالرفض، رغم قرار الحكومة .

إلا أن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، وجه مراسلة اطلعت عليها "بلبريس"، للعمال والولاة والقياد، باعتماد جواز التلقيح، والسماح للمواطنين بالتنقل بحرية في حال امتلاكه .

في المقابل، وأمام مراسلة وزير الصحة الداخلية، قد يتجه الأمر لـ"الإجبارية"، من أجل عودة الحياة مجددا في شكلها الطبيعي .