لم ينتظر المسؤول عن السياسة الخارجية الجزائرية رمطان لعمامرة ( 69 سنة ) طويلا عقب اعادة هندسة الحكومة الجزائرية برئاسة ايمن بن عبد الرحمن في 7 يوليوز 2021 ، وهو الذي سبق ان تقلد تحت ادارة الرئيس بوتفليقة حقيبة الدبلوماسية الجزائرية من 2013 الى 2019 , بل بادر داخل المناقشات الوزارية العامة لحركة عدم الانحياز التي انعقدت بشكل افتراضي يومي 13 و 14 يوليوز 2021 برئاسة ازربيجان - الى ركوب مطية إدعاءات واهية في أول خرجة رسمية له في المحافل الدولية بعد توليه المنصب" الجديد " ، متجاهلا عن عمد وسبق اصرار ان مجال طرح ملف الصحراء المغربية يبقى من الاختصاص الحصري لمجلس الامن الدولي ، و ليس داخل الاجتماع السالف الذكر الذي لم يكن يتضمن جدول أعماله اية اشارة للموضوع الذي تم اقحامه بنية مبيتة.
وقد انبرى السيد عمر هلال السفير الممثل الدائم للمغرب بالامم المتحدة للرد على الاراجيف والتراهات التي وردت في تدخل وزير الخارجية الجزائري ، والذي نعرض للبعض من مضامينه عبر القراءة التالية :
حاول رمطان لعممارة ان يمرر في هذا اللقاء الدولي أن المنطقة تعرف اشتعالا للنزاع العسكري ، وهو ادعاء كان يقصد منه خلق اهتمام دولي يدفع في اتجاه إحياء الملف و حلحلة مواقف الامم المتحدة و الدول الكبرى ، بعد ان خابت مساعي دولته في استصدار اية قرارات اممية من شانها ان تعيد ملف ما تسميه منذ ازمان "بتقرير مصير الشعب الصحراوي " الى الواجهة ، خصوصا بعد اعتراف واشنطن الحاسم بمغربية الصحراء !!.
وفي هذا الاطار تصدى ممثل المغرب للأكاذيب حول النزاع المسلح بالمنطقة والتي وصفها بانها لا تخرج عن كونها مجرد وهم لا يوجد الا في البلاغات الدعائية للجماعة الانفصالية المسلحة ( بوليساريو ) وفي قصاصات وكالة الانباء الجزائرية، خلافا لتقارير بعثة المنيرسو التي هي خلو من اي أثر لهكذا توصيف للوضع بالمنطقة !!
كما تميز اجتماع دول عدم الانحياز بتاكيد الجانب المغربي على ان الامر يتعلق بجمهورية وهمية صنعتها الجزائر ومولتها لاغراض جيوسياسية اقليمية ، وان هذه الدمية " لا تحظى باي اعتراف لا بحكم الواقع ولا بحكم القانون " من طرف اقوى واكبر المنتظمات الدولية .
لكن الخطاب الموجع للجزائر جاء في ختام الكلمة ، عندما أكد السيد هلال ان الجزائر التي " تناصر مبدأ تقرير المصير تنكر هذا الحق على شعب القبايل احد اقدم الشعوب في افريقيا والذي يعاني من اطول احتلال اجنبي " ، مشددا على “ ان تقرير المصير ليس حقا مزاجيا ، ولهذا السبب يستحق شعب القبايل الشجاع ، أكثر من اي شعب آخر ، التمتع الكامل بحق تقرير المصير “
من جهة اخرى يتعين تعرية بعض الالتباسات المحتملة في المواقف بين الطرفين ، فاذا كان جنرالات المتاهة يناصرون ميلشيات انفصالية ترفع السلاح الذي يزودونها به في وجه بلدهم المغرب ، فان المملكة المغربية تدعم الحق في تقرير المصير لشعب اصيل يعتبر من اقدم شعوب القارة الافريقية يطالب منذ اجيال و بشكل مسالم بالاستقلال رغم محاولة الصاق تهمة الارهاب بزعمائه … و شتان بين هذا الموقف وذاك !!
من خلال البلاغ الصادر عن الخارجية الجزائرية عقب تدخل السيد عمر ، يمكن استخلاص الملاحظات التالية : لا يستسيغ العقل فعلا ان يتضمن البلاغ الجزائري هذا النوع من التباكي من طرف الحكام العسكريين حول توزيع الممثلية الدبلوماسية المغربية لوثيقة رسمية على جميع الدول الاعضاء في حركة عدم الانحياز ، والذي تطرق الى ما أسماه " بانخراط المغرب في حملة معادية للجزائر ، عبر دعم ظاهر وصريح لتقرير مصير الشعب القبائلي " !!
هل تناسوا انهم يشربون من نفس الكأس التي أذاقوها للشعب المغربي عندما زرعوا في جواره اشواك الفتنة وازلام الانفصال ، الا يعوون ان تقرير مصير الشعوب ليس حقا مزاجيا نعلنه متى شئنا ونرفضها متى احببنا ؟؟
كيف لا يخجلوا من اجترار ًنفس الاسطوانة المشروخة حول مساندة المغرب لحركة ارهابية ، وهم يعلمون انهم الذين انخرطوا منذ سنوات خلت في معاداة المملكة المغربية بخصوص سيادتها الترابية، وهم الذين يتحدثون اليوم عن مؤامرة ضدهم وعن تصريح مغربي غير مسؤول داخل منتظم دول عدم الانحياز ؟ ؟ فاين كانت هذه المسؤولية المجنى عليها ؟ و كيف تم تغييبها منذ سنة 1975 عندما بادرت الطغمة المتحكمة بالنار والحديد في مصير الشعب الجزائري الشقيق الى ادخال المنطقة في طاحونة الصراع ، في مغامرة سياسية مازالت مستمرة شراراتها لحد الساعة و دون انقطاع للسيطرة على المنطقة و لتقزيم الدور الاقليمي للمغرب وتحجيم امتداداته الجغرافية والتاريخية المشروعة وفصله أبنائه الصحراويين المغرر بأغلبهم عن بلادهم الأم ؟
ودون حياء يتحدث بلاغ وازرة الخارجية الصادر عن الجارة الشرقية عن كون تصريح السفير الممثل الدائم للمملكة بالامم المتحدة ً " يتعارض بصفة مباشرة مع المبادئ والاتفاقيات التي تهيكل وتلهم العلاقات الجزائرية المغربية، وان التصريح يتعارض بصفة صارخة مع القانون الدولي والقانون التاسيسي للاتحاد الافريقي"
هل سمع المغاربة بمنطق ادعى للشفقة والسخرية من هذه الهرطقة ؟ عن اي مبادئ مهيكلة و ملهمة للعلاقات الثنائية يتكلمون ؟؟ و عن أي علاقات بين الحزائر والمغرب يتحدثون ؟؟ وعن اي هيكلة او إلهام يلمحون ؟؟ هم الدولة الجارة التي بادرت الى اغلاق الحدود ، وهم الذين لم يستحوا ذات يوم صادف مناسبة دينية هي عيد الاضحى من سنة 1975 وأقدموا على طرد أكثر من 358 الف مغربي ومغربية من مدن الجزائر و من سلبهم اموالهم وعقاراتهم وتفريقهم بالقوة عن ارحامهم وعائلاتهم ؟
هل كانت الجزائر في يوم من الايام غير مناورة وغير عدوانية وغير مجازفة باقتناء الاسلحة المتطورة ووضعها رهن اشارة المرتزقة وشراذم الارهاب الدولي و الاقليمي ؟ ، و هي التي خلقت الفرقة والبلبلة داخل اروقة الاتحاد الافريقي التي تتباكى اليوم عن عدم احترام مواثيقه ؟؟ الم تكن دبلوماسيتها اول من يخترق القوانين والاعراف على مرأى ومسمع من الامم المتحدة و المنتظم الافريقي على وجه الخصوص ، أحيانا جهرا ، وتارات أخرى لا تحصى داخل دهاليز الكواليس والمناورات والوساخة ؟
حلال عليهم ضربنا بحراب و سيوف المكائد والمؤامرات في كل محفل دولي ، سرا و علانية ، وحرام على المملكة المغربية ان تجاهر بتمام الوضوح ودون التواء او مساحيق بحق شعب القبايل في تقرير المصير !!
كم مرة كان على المغرب ان يطلب توضيحات من هؤلاء الحكام على سفاهة مواقفهم و فداحة خروقاتهم ، ورغم ذلك كان يلوذ غير ما مرة بصمت الحكمة والصبر مفضلا التريث في تقييم المواقف تمشيا مع شيم التبصر والرجاحة التي يتمتع بهما جلالة الملك محمد السادس نصره الله ؟ ؟
الم يصرح تبون مؤخرا لمجلة Le Point بان المغرب يعتدي يوميا على الجزائر، وذلك في اًتفه خروج اعلامي لرئيس دولة لم يلبث ان اثار سخرية الاوساط السياسية والاعلامية والملاحظين الدوليين ؟؟
فعلا لم يكذب المثل المغربي القائل :
" لا تسرج حتى تلجم ، واعقد عقدة صحيحة، ولا تتكلم حتى تخمم لا تعود عليك فضيحة " !!!