تتجه الانظار غدا نحو مخرجات الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للعدالة والتنمية التي تعقد في سياق دقيق من تاريخ الحزب لم يعرف له مثيلا منذ تأسيسه. سياق مأزوم تنظيميا وتدبيريا وسياسيا بالنسبة للحزب بعد الهزات العنيفة التي عرفها مؤخرا :استقالات ، تجميدات، انسحابات،استئناف العلاقات مع اسرائيل، التصويت على القانون القاسم الانتخابي والمصادقة على تقنين القنب الهندي الخ .
تعقد الدورة الاستثنائية غدا والامانة العامة للحزب وكل اعضاء المجلس الوطني للعدالة والتنمية واعون بدقة اللحظة وبتداعيات كل قرار سيتخذ غدا. دورة الغد ستضع حاضر ومستقبل الحزب امام عدة خيارات خصوصا بعد تأكيد الامانة العامة للحزب ان عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة ومقاطعتها هو خيار سياسي صعب محاط بعدة مخاطر لن يقدر الحزب تحمل تبعات هذا الخيار . لكن المهم في تنظيم هذه الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للعدالة والتنمية انها جاءت بعد ان وُضع هذا المجلس الوطني امام محطات استثنائية كثيرة في الشهور الاخيرة خصوصا بعد مطالبة اكثر مكونات المجلس الوطني في شخص مبادرة ''النقد والتقييم ''عقد مؤتمر استثنائي للخروج من وضعية الضبابية والتردد والغموض بعد التوقيع على استئناف العلاقات مع اسرائيل وتجميد المقرئ ابوزيد عضويته بالمجلس، وبعدها استقالة ادريس الازمي رئيس المجلس الوطني لاسباب سياسية محضة،وبعدها تجميد بنكيران لعضويته داخل المجلس الوطني.
اكيد ان حضور بنكيران الى هذه الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني ما زالت حولها الكثير من الشكوك، والعارف بشخصية بنكيران يمكن ان يتوقع كل شيء منه في آخر لحظة ، لكن الاساسي هو ان حضور او غياب بنكيران في هذه الدورة له دلالات عميقة.نفس الشيء يقال عن الازمي الذي من المنتظر حضوره لدورة الغد رغم تقديم استقالته من رئاسة المجلس الوطني، لكنه سيوجد في موقف حرج الى جانب عدد من اعضاء المجلس الوطني الذين يوجدون اليوم في وضعية صعبة للدفاع عن المرجعية والمنهج والاوراق الحزبية بعد اقتناع الكثير من اعضاء المجلس الوطني ان حزب البيجيدي فقد عذريته في الزمان والمكان غير المناسبيين،بل ان الازمي سيوجد في وضع صعب بعد وصف الحزب في رسالة استقالته بانه فقد جيناته الاصلية .
لذلك سيتوجه اعضاء المجلس الوطني الى دورتهم الاستثنائية غدا، وامامهم ثلاث خيارارات صعبة ولكل خيار تكلفة:
- الرهان الاول هو المطالبة باستقالة الامانة العامة الحالية لانقاذ الحزب من هزات عنيفة قد تزداد تداعياتها في الايام المقبلة،وهو ما يرفضه بعض اعضاء الامانة العامة لكون السياق لا يسمح بذلك والانتخابات على الابواب وتكلفة هذا الخيار ستكون مكلفة سياسيا.
- الرهان الثاني هو مطالبة الحزب مغادرة الحكومة خصوصا وان الحزب اصبح معزولا بعد تصويت احزاب الاغلبية الحكومية مع احزاب المعارضة معا ضد الحزب في مشروع قانون مجلس النواب. هذا الرهان صعب ويرفضه جميع الوزراء وعلى راسهم رئيس الحكومة مبررين ذلك بعدم رغبتهم الدخول في مواجهة مع الدولة التي لن تقبل بوقوع ازمة حكومية سياسية ،خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي يمر منها المغرب لذلك يتوقع ان تكون تكلفة هذا الخيار باهضة جدا في العلاقات المستقبلية للحزب مع القصر.
اقرأ أيضا
- الرهان الثالث يتمثل في نهج القيادة الحالية خيارالمناورة السياسية والانتظارية والبحث عن توافقات والاستثمار في خطاب المظلومية والاستهداف وعودة التحكم مع صقور المجلس الوطني للحزب للحفاظ على الوضعية الحالية مع تصعيد في الخطاب اتجاه خصوم الحزب ان داخل الحكومة او البرلمان الى ما بعد تنظيم الانتخابات المقبلة لكون كثيرين من الامانة العامة يعتقدون أن العدالة والتنمية سيتصدر الانتخابات المقبلة وهي مناسبة لتجديد اعضاء الامانة العامة وقيادتها مبررين ذلك الحفاظ على المصلحة العامة للحزب ومبرهنين على ان قوة الحزب تتجلى في قدرته على اتخاذ المواقف المناسبة في اللحظات التاريخية الدقيقة...وإن كان الكثير من اعضاء حزب المصباح يشاركون في هذه الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني وهم محبطين ومقتنعين بانهم فقدوا الثقة في مؤسسة المجلس الوطني بعد مخرجات الدورات الأخيرة وفي القيادة الحالية وهم ينتظرون المؤتمر الوطني المقبل ليحددوا علاقتهم بهذا الحزب الكبير الذي سيعود الى حجمه الحقيقي كحزب عادي وليس كحزب استثنائي خصوصا وانه يستفيد من ضعف الاحزاب الاخرى.
وهذا هو الخيار الذي يراهن عليه الكل الوزراء والامانة العامة واعضاء المجلس الوطني والشبيبىة للحفاظ على وحدة الحزب التي اصبحت مهزوزة وقابلة للانفجار في اي لحظة لذلك ستكون دورة الغد دورة شعارها العريض الاستمرارية رغم كلفتها الباهضة سياسيا وشعبيا في انتظار التغيير لان خيار استقالة الامانة العامة حاليا او مغادرة الحكومة في هذه الظروف سيكون انتحارا سياسيا بعد ان ذاق وزراء العدالة والتنمية عسل ونعم السلطة.