لم تعد حالة القلق والاحتقان داخل صفوف حزب العدالة والتنمية ، قائد الائتلاف الحكومي، شأنا داخليا ولا حديث مجالس ومؤسسات، بل تعدتها لتصبح موضوع نقاش سياسي عام يتابعه الرأي العام، داخليا وخارجيا.
وارتفعت حرارة الجدل حين بلغت قياديي ما يسمى "الصف الأول" (رموز الحزب ومؤسسوه)، خصوصا بعد تجميد الأمين العام السابق وأحد القادة المؤسسين للحزب عبد الاله بنكيران لعضويته، وإعلانه مقاطعة وزراء بأسمائهم، في مقدمتهم سعد الدين العثماني الأمين العام الحالي للحزب ورئيس الحكومة.
وجرى الكثير من الماء تحت جسر يربط أطروحة وخطاب الحزب الإسلامي المغربي بسلوكه السياسي خلال التدبير الحكومي، مما جعله محط انتقاد داخلي وخارجي، يطال وفاءه لهويته وقيمه، واستقلالية قراره ومواقفه.
تكاثف مطبات
مباشرة بعد مصادقة المجلس الحكومي الخميس الماضي على مشروع تقنين القنب الهندي (المعروف لدى المغاربة باسم الكيف)، أعلن بنكيران تجميد عضويته في حزبه، وقبله وضع رئيس المجلس الوطني وعضو أمانته العامة إدريس الأزمي استقالته من مهامه الحزبية، وجمد المفكر المقرئ الإدريسي أبو زيد عضويته في وقت سابق، ناهيك عن انسحابات في قيادات الصف الثاني والقواعد.
وقال سليمان العمراني نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية إن حزبه في مساره الطويل كشأن أي كيان يعيش مطبات في حياته، ويعرف صعوبات، وأضاف العمراني في تصريح للجزيرة نت أن المرحلة شهدت تكاثفا في هذه المطبات، في وقت وجيز منذ إعلان التوقيع الثلاثي (التطبيع مع إسرائيل) من طرف الأمين العام للحزب بصفته الحكومية، مرورا بمشروع قانون القنب الهندي، واستقالة رئيس المجلس الوطني.
وأقر العمراني بأن الحزب يعيش حالة من القلق والغضب والنقاش معبرا عن نفسه داخل مختلف الفضاءات، واعتبر أن الانتقاد والنقاش حالة طبيعية، ودليل حياة، قبل أن يستطرد أن المهم هو كيف تدبر القضية داخل الحزب.
المنعطف الأخطر
ووصف القيادي في شبيبة حزب العدالة والتنمية وعضو مجلسه الوطني حسن حمورو المرحلة التي يمر بها الحزب حاليا بالمنعطف الأخطر في تاريخه، موضحا في تصريح للجزيرة نت أن ما وقع خلال هذه المرحلة غير مسبوق.
من جانب آخر، اعتبر رئيس المعهد المغربي لتحليل السياسات محمد مصباح أن حزب العدالة والتنمية مر بهزات تنظيمية في محطات سابقة (منها حراك 20 فبراير، وأزمة 2016 خلال تأخر تنصيب الحكومة…)، واستطاع تدبيرها داخليا، لكنه أول مرة يفشل في تدبير الشأن الداخلي.
وقال مصباح في حديث للجزيرة نت "يبدو أن ميكانزمات امتصاص الغضب، وتدبير الاختلافات الداخلية لم تعد قادرة على استيعاب ما يجري"، في حين يقول نائب الأمين العام للحزب "ندبر بتعقل وبحكمة وتبصر، وسبق أن عشنا أزمة حادة في السابق وتغلبنا عليها".