غاز “نيجيريا-المغرب” يخنق الجزائر

التقارب بين محمد السادس وبخاري يثير أزمة داخلية للجيران والدعم الأوربي للمشروع يغضب الجنيرالات

مادامت الطبيعة تخشى الفراغ، فإن نيجيريا لن تنتظر الجزائر عقودا لتستفيق من سباتها، بعد عرقلة مشروع ضخم، يهم ربط الاتحاد الأوربي بالغاز النيجيري، باعتباره أحد أكبر التجمعات المستهلكة للغاز، ومن هنا جاء التفاهم والتقارب المغربي النيجيري، من أجل إنجاز مشروع خط أنبوب الغاز، خاصة أن المشروع الذي كان مبرمجا تنفيذه مع الجزائر، جمد منذ 2003، إضافة إلى غياب الأمن، باعتبار الصحراء الجزائرية مرتعا للجماعات الإرهابية والعصابات الدولية.

وقال الديوان الملكي، قبل أسبوعين، إن المغرب ونيجيريا جددا تعهدهما ببناء خط أنابيب غاز ومصنع أسمدة. وذكر الديوان الملكي، أن تجديد الالتزام بالمشروعين جاء في اتصال هاتفي بين الملك محمد السادس، والرئيس النيجيري محمد بخاري، وأثار هذا الاتصال والتقارب الجديد بين البلدين، غضبا عارما لدى الجارة الشرقية، إذ سارع الجنيرالات إلى احتواء الأزمة، خاصة بعد توالي الانتقادات من الداخل، إضافة إلى الغضب الشعبي على شركة “سونطراك”، التي كانت تمني النفس بالإشراف على المشروع.

واتفق الزعيمان أيضا على تسريع جهود اضطلاع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، ببناء مصنع للأسمدة في نيجيريا. وكان المغرب ونيجيريا قد اتفقا على مشروع خط الأنابيب في 2016، خلال زيارة الملك إلى “أبوجا” حيث التقى محمد بخاري، وأطلقا دراسات الجدوى في 2017، والتي انتهت ببلورة خطة لمد الخط برا وبحرا.

ووقع المغرب ونيجيريا على إعلان مشترك في الرباط، يحدد خطوات استكمال اتفاق لمد خط لأنابيب الغاز بين البلدين، عبر غرب إفريقيا في 2018. وسيمتد الأنبوب على طول 5660 كيلومترا بين نيجيريا والمغرب، وسيمر بكل من بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.

ورحبت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، المعروفة اختصارا بـ”سيدياو”، بمبادرة المغرب ونيجيريا، في ما يتعلق بخط أنبوب الغاز الذي سيربط البلدين، وسيمر من بلدان عديدة بغرب إفريقيا، مشيرة إلى أن هذا الخط، باعتباره مشروعا عابرا وجامعا للإقليم، “سيساهم في بلوغ أهداف الاندماج والتسريع من التنمية الاقتصادية، التي تتابعها مجموعة “سيدياو”، وكذا ضمان منافذ للغاز المنتج في غرب إفريقيا الموجه نحو الأسواق الأوربية”.

ويحظى المشروع المغربي بدعم أوربي، باعتبار أن دول الاتحاد الأوروبي ضمن التكتلات الكبرى عالميا، التي تستهلك نسبة هامة من الغاز المطروح في السوق الدولية، إذ تستورد أكثر من 80 بالمائة من احتياجاتها. وتعتبر روسيا، (حليف الجزائر)، الممون الرئيسي للغاز بنسبة 40 بالمائة، في حين هناك مصادر أخرى للغاز، مثل الجزائر ونيجيريا وقطر والولايات المتحدة.

ويعمل الاتحاد الأوربي على تطوير مصادر الاستيراد الأخرى، والتي لا تتأثر بالنزاعات السياسية الدولية ولا تستعمل الاختلاف للتلاعب بحصص الغاز في السوق الدولية، ومن هذه المصادر، الغاز النيجيري الذي يعتبر هاما للاتحاد الأوربي، خاصة لبعض دوله، مثل إسبانيا وفرنسا، إذ يستوردان منه ما بين 7 بالمائة إلى 9 سنويا من الاحتياجات من هذه الطاقة.

وفي هذا السياق، يدخل الاهتمام الأوربي بأنبوب الغاز النيجيري-المغربي، الذي سيمتد إلى أوربا، إذ يتكون من مرحلتين، الأولى تهم إفريقيا الغربية إلى المغرب، وهي دول ضعيفة الاستهلاك، ولكن هذا الأنبوب سيوفر لها سهولة الحصول على الغاز، وبالتالي سيساهم في تطوير المنطقة اقتصاديا، وأما المرحلة الثانية، وهي التي تراهن عليها نيجيريا، وهي من المغرب نحو إسبانيا لربطه بالشبكة الأوربية لتوزيع الغاز في مجموع أوربا، وخاصة البرتغال وفرنسا.

المصدر : يومية الصباح