تعاني المكتبة والحياة السياسية المغربيتين من فقر فظيع في موضوع المؤتمرات الحزبية لا من حيث تعريفاتها او كيفية عقدها او تكلفتها المادية والسياسية واللوجستيكية او مرجعياتها القانونية او اهميتها بالنسبة للأحزاب او مخاطرها او التمييز فيها بين المؤتمرات العادية والمؤتمرات الاستثنائية .
وهذا هو ما ينطبق على المؤتمر الاستثنائي لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي ينعقد في سياق استثنائي يضع مستقبل عزيز اخنوش السياسي امام تحديات كبرى، لكون الحزب يتوفر على قيادة قوية مقابل ضعفا في الانضباط والتنظيم والتنشئة السياسية والتواصل.
سياق المؤتمر الاستثنائي: ينعقد المؤتمر الاستثنائي لحزب التجمع الوطني للأحرار في سياق استثنائي دقيق من اهم مميزاته : أولا -انه ينعقد تحت تمديد حالة الطوارئ. ثانيا -انه يتزامن مع آخر سنة من الولاية الحكومية. ثالثا -انه يعقد سنة قبل الانتخابات المقبلة. رابعا -انه مؤتمر استثنائي .خامسا -يتزامن مع تحديات كبرى ترتبط بكيفية بناء مغرب ما بعد كوروناـ، وضرورة انزال الجهوية المتقدمة، و بناء النموذج التنموي الجديد. تحديات ثلاث بحاجة لحكومة قوية ومنسجمة، ونخب تدبيرية مؤهلة، ومؤسسات حزبية ذات شرعية ومشروعية .
المرجعيات القانونية المؤطرة للمؤتمر الاستثنائي: عقد المؤتمرات الحزبية الاستثنائية او العادية خاضعا لمساطر قانونية صارمة منها مقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية رقم 11-29 ،والأنظمة الاساسية والقوانين الداخلية للأحزاب حسب ما نصت عليه المادة 24 من قانون الأحزاب السابق ذكره.
وبالنسبة للمؤتمر الاستثنائي لحزب التجمع الوطني للاحرار فقد احترم المساطر القانونية السالفة الذكر، اضافة لمقتضيات المادة 3-33 من النظام الأساسي للحزب عن طريق المحادثة المصورة عن بعد كما هو منصوص عليه في المادة 7 من النظام الداخلي بعد مصادقة المجلس الوطني المنعقد 3 أكتوبر في دورته العادية على عقد هذا المؤتمر الاستثنائي بهدف تمديد ولاية جميع هيئات وهياكل الحزب إلى ما بعد الانتخابات".
وعليه فمن الناحية القانونية فدعوة رئيس حزب التجمع الوطني للاحرار لمؤتمر استثنائي تعتبر سليمة في شكلها وفي مضمونها لكونها احترمت جميع القوانين المؤطرة للمؤامرات سواء كانت عادية او استثنائية ، إضافة الى تزكية هذا الدعوة من طرف المجلس الوطني للحزب.
المؤتمر الاستثنائي لحزب التجمع الوطني للأحرار: دعا عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار المنتهية مدة انتدابه في 28 من أكتوبر الحالي تنظيم مؤتمر استثنائي تفعيلا لمقتضيات المادة 3-33 من النظام الأساسي لحزبه عن طريق المحادثة المصورة عن بعد كما هو منصوص عليه في المادة 7 من النظام الداخلي، يعرض لتصويت المؤتمرين "تمديد ولاية جميع هيئات وهياكل الحزب إلى ما بعد الانتخابات". مضيفة الى ان تحدد دورية وشروط عقد اجهزة وهيئات الحزب لاجتماعاتها العادة والاستثنائية من خلال النظام الأساسي للحزب ومن خلال مقتضيات النظام الداخلي للحزب ,اما في ما يخص الحضور فقد نصت نفس المادة يجوز لأي جهاز او هيئة المشاركة في الاجتماعات عن طريق تقنية المحادثة المصورة اذا قرر رئيس الجهاز او الهيئة استخدامها .
وفي هذا السياق نقول أن تنظيم حزب التجمع الوطني للأحرار لمؤتمره الإستثنائي عبر تقنية المحادثة المصورة بسبب ظروف فيروس كورونا ، يشكل قرار نوعيا في المشهد الحزبي المغربي بعد المصادقة في المؤتمر السابق على هذه الإمكانية في نظامه الداخلي.
اسباب ومبررات عقد مؤتمر استثنائي وليس عادي: عكس ما هو متداول فعقد مؤتمر استثنائي لحزب الحمامة فرضه السياق العام الاستثنائي للمؤتمر الذي اشتغل عليه رئيس الحزب منذ اكثر من شهرين مع وزارة الداخلية بسبب الإجراءات الاستثنائية التي فرضتها تدابير السلامة الصحية للحد من انتشار فيروس كوفيد-19،عقد هذا المؤتمر الاستثنائي له اهداف تكتيكية واخرى استراتيجية من اهمها “تمديد ولاية جميع هيئات وهياكل الحزب إلى ما بعد الانتخابات.
لان تنظيم المؤتمر الوطني العادي ليس عملية سهلة تعني تجمعا بشريا، بل انه تخطيط وتجمعات ولقاءات محلية وإقليمية وجهوية لانتخاب المؤتمرين للمؤتمر الوطني الذي يتطلب الكثير من المساطر ومن الاستعداد المادي واللوجستيكي والفكري والتواصلي لكون المؤتمر الوطني محطة حاسمة و مفصلية في مسار أي حزب.
الذهاب لمؤتمر استثنائي في ظروف استثنائية قرار حكيم : قرار اخنوش عقد مؤتمر استثنائي في هذه الظروف الصعبة يبقى قرارا حكيما ، لان عقد مؤتمر عادي سيرفض من طرف وزارة الداخلية أولا ـ عقد مؤتمر عادي ليس امرا سهلا ماديا ولوجستيكيا وتنظيما ثانيا خصوصا وان المؤتمر يتزامن مع وضعية وبائية صعبة ألقت بظلالها على جميع المستويات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية بالبلاد، كما يمكن إعتبار قيادة الحزب الدعوة لمؤتمر استثنائي قرار حكيم وذكي تفاديا لأي مغامرة في ظل وجود إكراهات وتحديات تقتضي تأجيل تنظيم مؤتمر عادي إلى حين توفر الظروف الملائمة لذلك حسب ما تنص على ذلك قوانين الحزب.
ونشير بالمناسبة الى أن تمديد المؤتمر الوطني الاستثنائي مدة الانتداب لهيئات وأجهزة الحزب ليس منحها ولاية انتدابية جديدة ،لان ذلك يتطلب مؤتمرا عاديا، بل لدفع هياكل واجهزة الحزب الاستعداد الجيد للإستحقاقات الإنتخابية المقبلة التي ستكون مصيرية لمستقبل عزيز اخنوش السياسي اما قيادة الحكومة المقبلة او مغادرة السياسية ،وعليه فعقد مؤتمر استثنائي يبقى قرارا صائبا بالنظر لحجم الطموحات والرهانات الكبرى التي يعقدها مناضلوا ومناضلات الحزب على الإستحقاقات المقبلة.
وعليه فدعوة قيادة الحزب التجمع الوطني للأحرار عقد لمؤتمر استثنائي تمت وفق مقتضيات القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، ووفق نظامه الأساسي وقانونه الداخلي. وله دلالات سياسية تتمثل في تجديد الثقة في القيادة والهياكل الحالية وإعطائها شرعية أقوى لتدبير تحديات المرحلة المقبلة في سياق صعب فقدت فيه الكثير من الأحزاب السياسية مصداقيتها وتم فيه تمييع العمل السياسي وفيه استهداف ممنهج لعزيز اخنوش ولحزبه قد يبرره البعض بكون حزب التجمع الوطني للاحرار قوة صاعدة ستكون رقما صعبا في معادلة الاستحقاقات المقبلة التي ستكون صعبة للدولة وللأحزاب خصوصا على مستوى المشاركة الشعبية.