تعيش مدينة المحمدية على وقع احتقان اجتماعي جديد، بعدما فجّر نقابيو شركة “سامير” غضبهم من الطريقة التي يُعامل بها مستخدمو “فندق”، المفوّت في إطار التصفية القضائية للمصفاة الشهيرة المتوقفة عن الإنتاج منذ غشت 2015.
فقد عبّر النقابيون المنضوون تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمحمدية عن إدانتهم الشديدة لما وصفوه بـ“التعسفات الخطيرة والتجاوزات السافرة” التي يتعرض لها العمال والعاملات من طرف المالك الجديد للفندق، معتبرين أن هذه السلوكيات لا يمكن قراءتها سوى كـ“استفزاز وتصعيد مقصود يهدف إلى تسميم الأجواء الاجتماعية داخل المؤسسة، تمهيداً لإغلاقها وتشريد العاملين بها”.
وأشارت النقابة في بيانها إلى أن الممارسات الجارية داخل الفندق تتجسد في عمليات طرد جماعي للنقابيين والعاملين، ورفضٍ لأداء الحقوق المكتسبة المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، إلى جانب المعاملة غير اللائقة للزبائن، في ما يبدو أنه نهج ممنهج لإضعاف النشاط السياحي للمؤسسة ودفعها نحو الإفلاس.
وطالبت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل المحكمة التجارية بالدار البيضاء، بصفتها المشرفة على عملية التفويت القضائي، إلى التدخل العاجل لحماية القانون وإنفاذه، مشددة على أن “لا أحد فوق القانون”. كما دعت مديرية الشغل وعمالة المحمدية إلى تحمل مسؤوليتهما في حماية الطبقة العاملة وصون الحريات النقابية وضمان كرامة العاملات والعمال، إضافة إلى الحرص على استمرار الفندق كمحطة سياحية أساسية في المدينة والجهة.
وفي هذا السياق، أوضح الحسين اليماني، الكاتب الإقليمي للنقابة بالمحمدية، أن ما جرى في حق العاملين بالفندق يشكل “محاولة مفضوحة للتملص من الالتزامات الاجتماعية والقانونية التي تضمّنها عرض التفويت أمام المحكمة، وفي الأمر القضائي ذاته، وكذا خلال جلسات التصفية القضائية”.
وأكد اليماني في تصريح صحفي أن المالك الجديد للفندق “وضع نفسه في موقع التنصل من الالتزامات التي وافق عليها أمام القضاء، وهو ما يستوجب قانونياً فسخ عقد التفويت وإلغاؤه واعتباره لاغياً، مع المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق العمال والدائنين على السواء”.
ولم تتوقف النقابة عند حدود التنديد، بل أعلنت عن برنامج نضالي تصاعدي يبدأ بوقفة احتجاجية يوم السبت المقبل أمام فندق أفانتي على كورنيش المحمدية، تهدف إلى فضح التجاوزات التي طالت العمال والدفاع عن الحريات النقابية وحقهم في العمل الكريم.
وأوضحت النقابة أن هذه الوقفة ستكون “صرخة ضد محاولات تدمير المكتسبات الاجتماعية للطبقة العاملة وضد التلاعب بمصير مئات الأسر التي تعيش من عرق هؤلاء المستخدمين”، مؤكدة أن “السكوت عن مثل هذه الممارسات هو تواطؤ مع الظلم، وأن العدالة الاجتماعية لا تتحقق إلا بإنفاذ القانون ومحاسبة المتورطين في خرقه”.
ويأتي هذا الاحتقان في وقت ما تزال فيه ملفّات التصفية القضائية لشركة سامير تلقي بظلالها الثقيلة على المشهد الاقتصادي والاجتماعي بالمحمدية، حيث تتكرر مظاهر الغموض حول مصير الأصول المفوّتة، وحقوق العمال الذين يطالبون بإنصافهم بعد سنوات من الإغلاق والوعود المؤجلة.
وبينما يؤكد النقابيون أن قضيتهم “ليست فقط دفاعاً عن فندق أفانتي، بل معركة رمزية ضد التسيّب والتمييع في تطبيق القانون”، تتزايد الدعوات لمساءلة كل من يقف وراء ما يعتبرونه “تراجعاً خطيراً في احترام الحقوق النقابية وكرامة الشغيلة”.
في المقابل، لم يصدر بعد أي توضيح رسمي من المالك الجديد للفندق بخصوص الاتهامات الموجهة إليه، فيما ينتظر أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً في الاحتجاجات إذا لم تتدخل السلطات المعنية لإيجاد حل عاجل يضمن عودة الهدوء إلى هذه المؤسسة السياحية الحيوية بمدينة الزهور.