صبري: عقوبة الاعدام ليست انتقاما، وللمجتمع حرية التعبير عن مشاعر غضبه وأنسنته .

صبري الحو*

عقوبة الاعدام من العقوبات الأصلية في القانون الجنائي المغربي، وفي كل المجموعات العقابية المقارنةوهي مقررة كعقوبة لمجموعة من الجرائم المتسمة بالخطورة او ذات طابع سياسي او وحشية.ف

وقد اعتمد القانون المغربي على هذا التصنيف في نوع الجريمة لاقرار عقوبة الاعدام لها، وهي ذات مميزات ثلاث أساسية للحكم بها، خطورة الأفعال الجنائية المرتكبة، أو القتل من أجل ارتكاب جناية، أو
ارتكاب جناية خطيرة يستتبعها قتل.

وقد شكل اغتصاب وقتل الطفل عدنان بطنجة بعد هتك عرضه مناسبة للمطالبة بتوقيع عقوبة الاعدام على الجاني، ويثور جدال حول الموضوع.بين مؤيد لبقاء العقوبة في الترسانة القانونية الجنائية المغربية انصافا وعدلا للضحايا وللقصاص الديني، ومطالبين بالغائها تعزيزا لحقوق الفرد والانسان.

ومهما يكن من أمر، فان الدعوة الى احترام الحياة لمن أعدم الحياة بعد جرائم فظيعة؛كهتك العرض والاغتصاب او السرقة أو التمثيل بالجثة لا يستقيم مع مبادئ الانصاف والعدل وحقوق الانسان المستند عليها، ولا يستحق الفاعل الدفع بحماية حقه في الحياة بعد أن اهدر حياة غيره بوحشية.

وان توجيه اللوم والاتهام لمن يرافع من أجل بقاء حكم وعقوبة الاعدام بحب التأر والانتقام لا يستقيم أيضا، وفيه تجاوز لحقوق الضحايا في الانصاف والعدل، ومغالاة في حقوق المتهم.

فالمجتمع نظم هذه عقوبة الاعدام في القانون، وليست تبعا لذلك مثلما لا تميف انتقاما، وليست مرادفا له، فهي عقوبة تصدر عبر آلية القضاء، الذي لا يتأثر بغضب الشارع تبعا لمبدأ الاستقلالية.

كما أن الشارع يملك حرية التعبير عن ما يخالجه من مشاعر الغضب نتيجة ارتكاب مثل هذه الجرائم، ولا يجب قمعه تحت أية ذريعة، وبأي أسلوب كان فقط لمجرد الاختلاف معه.

فعقوبة الاعدام مقررة من أجل تحقيق غايات انصاف الضحية؛ وتحقيق الردع العام ، ومن أجل زرع واعادة الطمأنينة بين افراد المجتمع، وتحسيسهم بوجود العدل.

وهي فلسفة تبرر استمرار هذا العقاب، وإن الغضب الذي عبر عنه افراد المجتمع طبيعي، ويعكس مدنية المجتمع وأنسنته، ورفضه للجريمة.

فالإنصاف والعدالة كمبادئ تتناقض و حماية حياة مرتكبي هذه الجرائم الفظة باسم حقوق الإنسان، وتحمل تجاوزا لحدودها إزاء حقوق الضحايا وحقوق المجتمع وطمأنينته .

وفي حالة الغاء عقوبة الاعدام من منظومة العقاب القانوني سنكون بمثابة من نزع وسائل وأدوات زرع واعادة الطمأنينة والأمان للمجتمع بين يدي القضاء، وسنفتح باب جهنم أمام جرائم خطيرة تحدث اضطرابا اجتماعيا .

* محامي بمكناس وخبير في القانون الدولي.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تعليق 1
  1. المعضلة يقول

    ان كان القصاص في الشرائع الدينية “والدنيوية” -أغلبها-، مكفول، فإن تساؤلات تفرض نفسها:
    – ما هي الضمانات أن تكون كل الأحكام بالإعدام صدرت عن حق -هناك فرق بين الحق والقانون- وفي حق المتهم ؟
    – إن تم حذف عقوبة الإعدام فهل ذلك لن يساهم في تجبر بعض المجرمين على أساس “أخرتها حبس” كما نسمع أحيانا ؟