قال أنس الدكالي وزير الصحة السابق أن استمرار ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورنا المستجد كوفيد 19 في المغرب، يثير بعض الشكوك بشأن نهاية حالة الطوارئ وبدء تحرير قيود الحجر الصحي.
وأشار الدكالي، في مقال نشرته أسبوعية "ماروك إيبدو" وترجمته "بلبريس"، إلى أنه وبشكل عام، يتخد تطور الحالات اليومية للإصابة بالفيروس منحنى متعرج، موضحا أن الحجر الصحي المبكر الذي اتخذته الدولة، والذي يحظى بالاحترام منذ البداية، سمح بضمان الاستقرار وبانخفاض عدد المصابين بالفيروس، بعد اجتياز "ذروة الوباء".
وأوضح وزير الصحة السابق أنه ولسوء الحظ في الأيام الأخيرة، يبدو أن هذا منحنى الإصابات بالفيروس في اتجاه تصاعدي، مشيرا إلى أن البؤر العائلية والصناعية تستمر في إقلاق السلطات الصحية.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الأمور تزداد سوءًا بسبب تراخي يثير القلق من طرف السكان في شهر رمضان هذا، حيث أضحى احترام القيود التي تفرضها حالة الطوارئ الصحية ضعيف جدا، موضحا أن سلوكات غير حضارية من اللامبلاة أو عدم المعرفة بالخطر المحدق، تنذر بخطر انتشار الفيروس مجددا مع مرور الوقت.
وقال الوزير السابق إن وسائل الإعلام العامة تعمل بجد وتكثف حملات التوعية من خلال اللعب على وتر العاطفة، مردفا أنه في أعقاب ذلك، تم الإعلان عن الإطلاق الوشيك لتطبيق الاشعار بالاصابة ب"كوفيد19". الأمر الذي سيمكن السلطات من المتابعة بسرعة.
وأشار الدكتور إلى أن رجال الأمن لم يتهاونوا في تطبيق الحجر الصحي وحظر التجول الليلي وارتداء الأقنعة الإجباري والتباعد الجسدي وحظر التجمعات، وحتى مباريات كرة القدم المنظمة بسرية، كما أن التسوق مسموح به مرة واحدة كل خمسة أيام.
وفي نفس السياق، لفت المتحدث ذاته إلى المتابعات القضائية لانتهاك حالة الطوارئ الصحية، لافتا إلى آخر بيان صحفي صادر عن النيابة العامة، حيث تمت متابعة 65000 شخص، ومشيرا إلى إعلان هذه الأخيرة الحرب على تصاعد العنف ضد النساء والأطفال في هذه الفترة، وذلك بمساعدة الإدارة والمنظمات غير الحكومية المعنية، ناهيك عن الحرب التي شنتها أيضا ضد "الأخبار الزائفة" وانتهاك الخصوصية التي دفعت إلى فتح أكثر من مائة تحقيق قضائي.
ومع اقتراب الموعد النهائي لحالة الطوارئ، المحدد في 20 ماي بعد التأجيل الأول، يقول الدكالي، يحق للجميع طرح أسئلة حول التاريخ وسيناريوهات الخروج من الحجر الصحي. ولتوضيح الرؤية للمواطنين، يجب على الحكومة التواصل أكثر وبشكل جيد ودون تردد، وعدم خلق الشكوك وعدم الثقة، لافتا إلى انعدام الثقة الذي تولد بعد الكشف عن مشروع قانون رقم 22.20 الذي يفترض به أن يحارب "الأخبار المزيفة" ، قبل أن يتم وضعه على الرف.
وعن الرؤية بخصوص التعليم، شدد الدكالي على قلق التلاميذ والآباء وهيئة التدريس بشكل كبير من فكرة إعادة فتح المدارس، مشيرا إلى أن وزارة التعليم قد قامت باتخاد قرار في الموضوع وتحديد مصيرهم أخيراً، حيث أن العودة إلى الفصل الدراسي ستكون فقط في شهر شتنبر المقبل، مع تأجيل إجراء امتحانات البكالوريا.
وأكد الوزير السابق أن هذا القرار الحكيم لن يحل مسألة عدم المساواة في مواجهة التعليم عن بعد، والذي يعيدنا إلى الفجوة الاجتماعية أو الرقمية. وبطريقة أو بأخرى ، يجب علينا ضمان الاستمرارية التربوية والنظر في تقييم مهارات طلابنا خلال هذه الفترة من الحجر الصحي.
وعلى مستوى الصحة العمومية، يبدو أن وباء كورونا قد طغى على أمراض أخرى، حيث لوحظ انخفاض في الاستشارات المخصصة للأمراض المعدية أو المزمنة. ومخاوف المرضى من الإصابة بالفيروس في المستشفيات والمكاتب الطبية موجودة ويجب معالجتها. ومبادرة وضع منصة رقمية مجانية للاستشارات الطبية عبر الإنترنت جديرة بالثناء، ولكن تأخير الإجراءات الطبية والجراحية لن يؤدي إلا إلى مضاعفات وزيادة عبء أمراض معينة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يوضح الدكالي، كل يوم من الحجر الصحي يجعل وضع مقاولاتنا وأموالنا العامة أكثر تعقيدًا. فالسياحة في حالة جمود وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج نادرة، كما أن الواردات انخفضت والصادرات كذلك بشكل أكبر. والمنتجات المستوردة التي لا يمكننا الاستغناء عنها ، مثل الهيدروكربونات والمواد الخام والمعدات اللازمة لنسيجنا الإنتاجي ، تتطلب منا الحفاظ على توازن احتياطيات النقد الأجنبي لدينا. ولهذا الغرض، يوجد مرسوم بقانون يجيز تجاوز سقوف الاقتراض الخارجي في دائرة التبني. ولحسن الحظ ، التصدير في قطاعات مثل صناعة السيارات المنسوجات والمواد الغذائية استؤنفت بالفعل.
وأشار الدكتور إلى أن التدابير التي اتخذتها لجنة المراقبة الاقتصادية كانت قادرة على إنقاذ آلاف المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا من إفلاس أكيد، ومكنت موظفيها من الحفاظ على مستوى معين من القوة الشرائية، واستئناف نشاط الشركات المتوقفة يجب أن يتم النظر فيها تدريجياً وسريعا. ولا يمكنها القيام بذلك إلا في ظروف صحية تحمي العاملين، مثل نظافة المباني وتوفير مواد التطهير واستخدام الأقنعة والتحقق من درجات حرارة العاملين والتهوية ، ولماذا لا اجراء اختبارات مكثفة ومتكررة.
ومن الواضح أنه لا يزال أمامنا طريق طويل للتغلب على كوفيد 19، فالإرهاق والتعب اللذان يبدو أنهما يؤثران على الكثير منا يجب أن يفسحا المجال للصبر ولروح المسؤولية والتضامن العام للخروج من الأزمة بكرامة. ربما سيتم تمديد حالة الطوارئ الصحية، ولا يمكن الخروج من الحجر الصحي تدريجيًا إلا بشرط تحسن الوضع الوبائي، يضيف المتحدث ذاته.
وعلى العكس تماما، أي اندفاع يمكن أن يجعلنا نخسر المكاسب الموحدة حتى الآن، فبلادنا تجنبت آلاف الوفيات بسبب الفيروس، في حين أن معدل الوفيات منخفض نسبيا، والنظام الصحي تحت ضغط مقبول، ولكن أيضا هذه الصورة الداخلية والخارجية للمملكة تعيد إحياء فخر المغاربة وتحظى باحترام الرأي الدولي.