أصبح اليوم وبشكل واضح أن الناس في أحياءٍ بمدن المملكة لا يقومون بما هم مطالبون القيام به لمواجهة جائحة كورونا، فالسلوكات اليومية،غير المسؤولة، للعديد من الأفراد(خاصة بالنهار) تبرز أنهم في صدد القيام بخرق بيِّن وخطير للإجراءات والتدابير الموضوعة للوقاية من الفيروس وللحد من انتشاره، فقد وقع تراجع غير مفهوم وغير مبرر عن احترام تدابير وإجراءات الحجر الصحي.
فإذا كان المغرب سابقا بمثابة "النموذج" في محاربة كورونا، فإن ما يقع اليوم من خرق للتدابير الصحية يبدو أمر غير مقبول، فالعودة إلى الوراء لا يجب أن تحدث لأنها ستضرب أنذاك عرض الحائط ما قدمه الكل من تضحيات ومن مجهودات وما تحقق من مكتسبات..،فلا بد من الاعتراف أنه وقع نوع 'التراخي العام'! وهذا فيه حقيقة تهديدا وخطرا على حياة الجميع، فما لاحظناه في الاسبوع الأخير من ارتفاع مطرد للمصابين بفيروس كورونا أضحى أمرا مخيفا ويدعو للقلق ودق ناقوس الخطر من جديد.
بناء عليه وأمام هذه المعطيات، ومع اقتراب موعد انتهاء تاريخ حالة الطوارئ الصحية، لا بد من القول أن
رفع حالة الطوارئ الصحية في 20 ماي، أوحتى التفكير في ذلك، سيكون مغامرة كبيرة ومكلفة ستعيد الأوضاع إلى حيث بدأنا في 20 مارس الماضي، بل سيزيد الأمر،لا قدر الله، خطورة سواء من حيث ضحايا كوفيد19 أو من حيث الخسائر الاقتصادية وغيرها..
فالمطلوب اليوم هو الانتباه، أكثر من أي وقت مضى، بأن أي خطأ في التقدير لم يعد مسموحا به، لذلك فمجرد الكلام عن 'سيناريوهات' رفع الحجر الصحي يعني العمل على تأهيل المجتمع نفسيا بأنه سيخرج من وضعية إلى أخرى، أي على وشك الخروج من حالتي الحجر والطوارئ الصحيتين، وهذا أمر قد يجعل أفراده(المجتمع) يدخلون في حالة تهاون وعدم احترام شروط الحجر والوقاية.
إن أسباب نزول حالة الطوارئ الصحية لا تزال قائمة، فكوفيد 19 لايزال يحصد ضحايا جدد يوميا، ولا يزال ينتشر بين الناس، ومن ثمة فالاستمرار في ظل الطوارئ الصحية أمر لا مفر منه، لكونه الاجراء الحقيقي الذي جنب المغرب كارثة كتلك التي عرفتها العديد من الدول.
إن هذه اللحظة الراهنة تستوجب أن يكون الوضوح من طرف المسؤولين هو سيد الموقف والقول بشكل صريح؛ بأن: 20 ماي لن يكون تاريخا لرفع الحجر الصحي، وذلك من أجل أن يفهم ويستوعب المواطنين ما يجري، ولكي يأخذوا في الاعتبار أن الخطر لايزال قائما.
كما أن الحالة العامة السائدة تستدعي العودة إلى تشديد الاجراءات وتفعيلها، لكون الاستهتار وغياب الحيطة أمور موجودة، فهنالك ممارسات ناسفة عادت لتسود في أحياء المدن من جديد!، وهذا قد يعصف(لا قدرالله) بالمجهودات التي تقوم بها السلطات ومعظم المواطنين.
إن الظروف الاستثنائية التي يمر منها المغرب تقتضي تعبئة وتضامن الجميع لتجاوزها، فالوقت ليس وقت المزايدات ولا وقت التجذر وممارسة الشعبوية..والركوب على الاشكال أو صنع البطولات الوهمية،فالمغاربة على ذكاء تام و واعون جيدا بتطورات الأحداث وسير الأمور، وعليه، فحينما تُمسّ حقوقهم وحرياتهم ينتفضون في وجه من يحاول ذلك(آخر مثال على ذلك رد المغاربة الحازم على مشروع القانون٢٠.٢٢).
بالمقابل فالصرامة وتشديد الاجراءات الصحية لاتعني دعوةً للقمع أو سلبًا للحريات،أو خلق هامش لاستغلال الأوضاع القائمة حاليا لتمرير أمور قد تصاغ على المقاس لخدمة جهة ما..الصرامة في الاجراءات، أقول الصحية، لانقاذ الارواح البشرية.
إن فيروس كورونا لايميز بين من يملك السلطة ومن تمارس عليه، فهو يأتي على الكل..وتطبيق الاجراءات الصحية مسألة تعني الجميع ولا بد من الانضباط إليها، لكونها السبيل الوحيد، في الوقت الراهن، لانقاذ ما يمكن إنقاذه(في غياب اللقاح)،ومع ذلك فالتركيز اللحظي على مواجهة الوباء لايلغي التفاعل حول مطالب إصلاح منظومة الصحة وغيرها من القطاعات..، لكن الظرفية الراهنة تسدعي تحالف الجميع ضد فيروس كورونا على اعتبار أن مسألة القضاء عليه غدت أولوية قصوى وآنية.
ذ.محمد أشلواح