مخاوف في مدريد من فقدان “روتا”.. واسم المغرب يعود للواجهة

عاد الجدل داخل الأوساط الإسبانية بشأن مستقبل القاعدة العسكرية الأمريكية في “روتا”، بالتزامن مع تصاعد الترقب لاحتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، في ظل مواقفه المعروفة برفض التموقع العسكري الأمريكي الواسع في أوروبا، ودعوته المتكررة إلى تخلي الحلفاء الأوروبيين عن “الاعتماد المجاني” على الحماية الأمريكية.

ووفق تقرير حديث لصحيفة فايننشال تايمز الأمريكية، فإن قاعدة “روتا”، الواقعة جنوب إسبانيا، قد تكون في صلب حسابات جديدة في حال عودة ترامب إلى الحكم، خاصة أن الرئيس الجمهوري لا يُخفي انتقاداته المتكررة لمواقف بعض العواصم الأوروبية من قضايا خارجية حساسة، مثل الحرب في أوكرانيا، والخلافات حول جزيرة “غرينلاند”، والموقف من الصراع في غزة.

وأشارت الصحيفة إلى أن القاعدة البحرية، التي تحتضن حوالي 2800 جندي أمريكي وتُعد ركيزة أساسية في استراتيجية واشنطن العسكرية في البحر المتوسط وشمال إفريقيا، قد تشهد مراجعة لموقعها الاستراتيجي، لا سيما مع تعثر بعض الالتزامات المتفق عليها سابقًا، مثل إضافة سفينة حربية سادسة كان من المقرر انضمامها إلى الأسطول في روتا منذ عام 2022.

ورغم تأكيدات مسؤولين أمريكيين على متانة الشراكة الدفاعية مع مدريد، إلا أن بعض الأصوات داخل الإدارة الأمريكية، بحسب التقرير، لا تُخفي تذمرها من القيود القانونية التي يفرضها الوضع المشترك للقاعدة، حيث تُصنَّف “روتا” كمنشأة تابعة للبحرية الإسبانية وتُستخدم بشكل مشترك، مما يتطلب موافقة مدريد على بعض التحركات الأمريكية، وهو ما قد يُعقّد أي خطط استراتيجية في المستقبل.

كما لا يُخفي التقرير وجود امتعاض داخل واشنطن من مواقف رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الذي يُنظر إليه كأحد أبرز الزعماء اليساريين في أوروبا، بسبب تقاربه مع الصين، وانتقاداته العلنية للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، إضافة إلى ضعف مساهمة بلاده في الإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي مقارنة بباقي الدول الأعضاء.

وفي ظل هذه التوترات المتصاعدة، يعود إلى الواجهة احتمال نقل القاعدة إلى بلد آخر، حيث طرح التقرير اسم المغرب كخيار بديل محتمل. وأوضح أن الرباط سبق أن أبدت استعدادها لاحتضان قاعدة عسكرية أمريكية على أراضيها، خصوصًا بعد تعزيز علاقاتها مع إدارة ترامب سنة 2020 عقب استئناف العلاقات مع إسرائيل، في إطار اتفاق ثلاثي دعمته واشنطن.

ويؤكد مايكل والش، المستشار السابق في حملة الرئيس جو بايدن وخبير الشؤون الخارجية، أن المغرب يُمثل “فرصة استراتيجية” من حيث الاستقرار السياسي وقلة القيود القانونية، مقارنة بإسبانيا، محذرًا من أن أي استهانة من مدريد بحجم الرهانات الجيوسياسية قد تكلّفها فقدان قاعدة “روتا”.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.