تهديد الحرس الثوري الإيراني لمضيق جبل طارق يوجه أصابع الاتهام للجزائر في احتضان الإرهاب

بعد تزايد حدة التصعيد من الغرب ضد إيران، إزاء تنامي التهديدات الأمنية، لخطوط الملاحة البحرية، في المحيط الهادي والبحر الأحمر؛ نتيجة لاستفحلت الهجمات ضد السفن التجارية، بدريعة الانتصار للقضية الفلسطينية.

وقد تبنت تلك الهجمات مجموعات مقاتلة موالية لإيران، والتي تحاول إيران استغلالها، والركوب في كل مرة على القضايا العربية والإسلامية، في إطار ما يسمى بالمشروع الإيراني، لتصدير الثورة الخمينية في المنطقة.

وقد نجحت إيران في كثير من الأحيان، من دعم جماعات مسلحة ثورية امتداد لإيران في بلدان عربية، كما هو الحال لحزب الله في لبنان، والحشد الشيعي في العراق، وحركة النجباء في سوريا، والحوثيين في اليمن؛ وغيرهم من الجماعات المسلحة الموالية لإيران في المنطقة.

ومن المعروف أن العقيدة الشيعية معادية للدين الإسلامي، وتشكل مخاطر ضد الأمن الروحي الذي من شأنه تحريف العقيدة الإسلامية المعتدلة، وزرع الأفكار المتطرف والنعرات العرقية، وتقويض الأمن القومي كما قامت في تلك البلدان.

وبتركيز شديد، يمكن اختزال أسلوب إيران، في تبني قضايا الإسلام بصورة عاطفية زائفة، دون القيام بأي فعل على أرض الواقع، قصد تقريب المتعاطفين مع تلك القضايا، وتمرير أفكار شيعية بمرونة؛ وهي عملية غسل الدماغ التي تعتمدها إيران، وتستقطب بها الجماهير.

وخير مثال على أسلوب إيران، ما وقع في لبنان والعراق وسوريا واليمن، حيث أنها تمكنت من تصدير الأفكار الشيعية من خلال خطاب العاطفى، تم تجنيد المتعاطفين ضد دولهم لصالح أيران، وإعلان الولاء لإيران فور أول أزمة سياسي.

وبالرجوع إلى الجزائر، فقد شهدت العلاقات الجزائرية الإيرانية تقاربا غير مسبوق، بدأت تتنامى بعد 1999 في فترة الرئيس الجزائر الراحل "عبد العزيز بوتفليقة"، بعد قطيعة منذ 1993، نتيجة لتورط إيران في دعم الجماعات المسلحة في الجزائر.

وتأتي دوافع ذلك التقارب، نظرا للقوة الدينية التي يمثلها أمير المؤمنين، في العمق الأفريقي وشمال أفريقيا، ما يعطيه شرعية دينية اتجاه الجزائريين، وتجعل من شرعية العسكر هشة، أمام العقيدة الأشعرية التي تحرسها مؤسسة إمارة المؤمنين.

وسبق للعسكر أن راهن على الشيوعية قصد استئصال الدين الإسلامي من الشعب الجزائري، مخافة إعلان الولاء لملك المغرب، ما من شأنه توحيد شمال أفريقيا، وتهديد مصالح أوروبا، الأمر الذي دفع فرنسا إلى تفويض السلطة للعسكر، للقيام بهاته الوظيفة للحيلولة دون إعلان المبايعة للسطان.

فالأمر يبدو غريب وشبه مستحيل، وقد يبدو أمرا مستبعدا بل ومضحك، لكن الحقيقة التاريخية تثبت العكس، فجزائري الأمس ليست كجزائري اليوم، بعد سنين من غسيل الدماغ؛ ففي خضم الاحتلال الفرنسي، سارعت قبائل الغرب الجزائري، وبايعت السلطان المغربي مولاي عبد الرحمن رحمه الله.

وبعد فشل المشروع الشيوعي في اضعاف مركزية النطام الملكي عقدة العسكر، ذهب العسكر يستنجد بالمشروع الشيعي، من أجل تحريف العقيدة الإسلامية بعد فشل استئصالها، الأمر الذي أدى إلى انتشار التشيع في الجزائر بشكل واسع، مخافة تأثير السلاح الديني للدبلوماسية أمير المؤمنين.

وتجدر الإشارة، إلى أن الثورة الخمينية، لعبت فيها فرنسا دورا كبير في انجاحها، كما أن فرنسا كانت تحتضن الخميني قبل عودته إلى إيران، حين كان يدير الثورة من قلب فرنسا؛ ما يفسر تغلغل فرنسا في الجزائر، حيث أنها وظفت العسكر، وصدرت الشيوعية للجزائر رغما انتمائها للغرب نكاية في المغرب، ثم التشيع خوفا من عودة الجزائر لأصولها.

وبعد عودة العلاقات تدريجيا بين الجزائر وإيران، وتبادل الزيارات بين رؤساء الدول، والهيئات الدبلوماسية رفيعة المستوى منذ ذلك الحين، وتعزيز الشراكة والتعاون في العديد من المجالات، بما فيها الصناعة والتجارة والتعليم والثقافة والمواشي؛ وصلت درجة العلاقات السياسية لدرجة التطابق، بما فيها دعم الجزائر لمليشيات حزب الله، الذي إرتكب جرائم صهيونية ضد السوريين والعراقيين واللبنانيين.

بل إن الجزائر، استقدمت عناصر من حزب الله الإرهابي على الأراضي الجزائرية، من أجل تدريب ميليشيات البوليزاريو، الأمر الذي يوضح مستوى التنسيق والتعاون بين الجماعات المسلحة الثورية والمتطرفة، برعاية من الجزائر وإيران، مما يورط الجزائر والبوليساريو في أنشطة إرهابية.

كما يبين هذا المستوى من التنسيق، مدى قدرة إيران البعيدة جغرافيا، في الوصول إلى شمال أفريقيا والساحل الأطلسي، بتسهيل من الجزائر، التي استطاعت إيران اختراقها، وتقويض أمن المنطقة عبر دعم الجماعات المسلحة، كما فعلت في لبنان والعراق وسوريا واليمن.

وبعد تحول الشرق الأوسط لبؤرة توتر، ووضع الرهان العالمي على الساحل الأطلسي، من أجل التعاون الاقتصادي والتجاري والصناعي، ما من شأنه أن يعود بالنفع على شعوب شمال أفريقيا والسحال الأطلسي؛ استقطب العسكر إيران واحتضن الجماعات المسلحة، لتقويض الاستقرار في المنطقة.

بالإضافة إلى كون أن الجزائر، أضحت عاصمة للتشيع في شمال أفريقيا، بعد استفحال ظاهرة التشيع بين الجزائرين، وصلت لحد الاحتفال الرسمي بليلة عاشوراء، دون تجاهل البعد السياسي للتشيع، حيث أن التشيع هو إعلان الولاء للإمام بطهران، ما يعطي لإيران سلطة دينية وسياسية، تتجاوز سيادة الدولة.

كما سبق لعديد من التقارير الدولية، أن كشفت توغل عناصر من الحرس الثوري الإيراني، داخل مخيمات تندوف، بمباركة من الجزائر الدولة الحاضنة، في إطار السياسات الجزائرية المعادية للمغرب، بعد تنامي ظاهرة مراجعة أفكار الثورية، والقبول بالطرح المغربي الحكيم.

وأضافت مصادر من داخل تندوف، أن العناصر الإيرانية أقامت في فندق "جبيلات تندوف" الذي تنشط فيه المخابرات العسكرية الجزائري، كمنصة للتنسيق وإدارة العصابات المسلحة في جنوب الجزائر؛ قبل إطلاق تدريبات لمليشيات البوليساريو، وإمدادها بالطائرات المسيرة الهجومية "درون".

وقد دفع هذا التطور إلى الاحتجاج المغرب، ضد تصدير أزمة الشرق الأوسط إلى شمال أفريقيا والساحل الأطلسي، والتي تسعى من خلالها الجزائر تقويض أمن المنطقة بتنسيق مع إيران وحزب الله، حيث صعدت الرباط ضد طهران، وحذرت المنتظم الدولي في أكثر من مناسبة، حول تورط الجزائر في احتضان الإرهاب والجماعات المسلحة.

وبعد تطور الوضع في الشرق الأوسط، اتضح بالملموس دقة المعلومات التي قدما المغرب بخصوص توغل حزب الله والحرس الثوري في صحراء الساحل، بمباركة من الجزائر، حاضنة وراعية الإرهاب في المنطقة، مما أفضى إلى إشعال فتيل إحتجاجات في مالي ضد الجزائر، اعتراضا على دعم الإرهاب في شمال مالي.

فالتصعيد الذي شهده البحر الهندي والأحمر، فجر قنبلة من العيار الثقيل، بعد تهديد الحرس الثوري الإيراني، بإغلاق البحر الأبيض المتوسط، ومضيق جبل طارق؛ ما دفع مراقبين دوليين، إلى التساؤل، كيف يمكن للحرس الثوري الإيراني أن يقوض أمن مضيق جبل طارق بالرغم من البعد الجغرافي؟

فإغلاق المجال المتوسطي مقبول ومنطقي، بالنظر إلى الأذرع القتالية لإيران في لبنان وسوريا؛ أما مضيق جبل طارق، فالتفسير الوحيد، هو نشاط الحرس الثوري وحزب الله في أراضي الجزائر، وصحراء الساحل، والتنسيق المسلح مع الجماعات المسلحة والإرهابية التي تنشط في المنطقة.

فتهديد قائد الحرس الثوري بإغلاق مضييق جبل طارق، يورط الجزائر في تهديد إستقرار أمن المنطقة، وتسخير مجالها للجماعات الإرهابية لتقويض الاستقرار السياسي والأمني في المجال الأطلسي والمتوسطي؛ ويؤكد صحة المعلومات التي قدمها المغرب، بخصوص أنشطة حزب الله والحرس الثوري في الجزائر مع ميليشيات البوليساريو.