أكدت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها الأخيرة أن المغرب يشهد تحولا عميقا في خريطة الهشاشة الاجتماعية، موضحة أن هذه الظاهرة لم تعد مرتبطة بالقرى وحدها بل امتدت بقوة إلى المدن.
وأوضحت المندوبية أنه ما بين سنتي 2019 و2022 ارتفع عدد الأفراد المهددين بالفقر من 2,6 مليون إلى 4,75 ملايين شخص، بزيادة سنوية فاقت 23 في المئة.
وبينت أن المدن استحوذت على النصيب الأكبر، حيث تضاعف عدد الفئات الهشة من 1,03 مليون إلى 2,24 مليون شخص، وهو ما جعل ما يقارب نصف المهددين بالفقر يقيمون اليوم في الوسط الحضري بعدما كان الثقل التاريخي للهشاشة يتمركز في القرى.
وأشارت المذكرة إلى أن سنة 2014 كانت نسبة 62 في المئة من الفئات الهشة تقيم في القرى بينما لم تتعد نسبتها في المدن 38 في المئة. لكن بحلول 2022 تغيرت الخريطة بشكل واضح، إذ أصبح 47 في المئة من المهددين بالفقر يقيمون داخل المدن.
واعتبرت المندوبية أن هذا التحول يعكس ضغط الأزمات المتتالية التي واجهها المغرب، من جائحة كورونا إلى موجات التضخم والجفاف، والتي أثرت بشكل مباشر على الطبقة الوسطى والفئات الفقيرة في الوسط الحضري.
وأكدت المندوبية أن انتقال بؤر الهشاشة إلى المدن يحمل انعكاسات خطيرة على التماسك الاجتماعي، حيث إن المجال الحضري يتميز بكثافة سكانية مرتفعة وتطلب دائم للخدمات الأساسية مثل السكن والنقل والصحة والتعليم.
ومع تزايد نسب الفقر والهشاشة تتسع دائرة الاحتياجات الاجتماعية وتتزايد الضغوط على السياسات العمومية.
وختمت المندوبية بتوصية تؤكد فيها ضرورة اعتماد مقاربات جديدة للحد من الفوارق داخل المدن، عبر دعم الحماية الاجتماعية وتعزيز الولوج إلى الخدمات الأساسية وتطوير برامج تنموية تستهدف الفئات الهشة بشكل مباشر، مع الدعوة إلى تجاوز المقاربات القطاعية الضيقة نحو رؤية شمولية تقوم على العدالة المجالية والاجتماعية.