محمد الشنتوف*
أصدرت قبل أيام "الفيفا" تقييم لجنة "التاسك فورس"الذي يعتبر اختبارا صعبا بالنسبة لترشيح أي دولة لاحتضان العرس الكروي العالمي، ومكن المغرب من المرور إلى مرحلة الحسم، التي تمنح الحق للدول بالتصويت المباشر والعلني على الملف الأجدر، في العاشر من يونيو بالعاصمة الروسية موسكوا.
وأوضح التقرير أن المغرب ينافس ملفا قويا اقترب من الحسم مبكرا بعد حصوله على 4 من أصل 5 بينما حصل المغرب على 2.7 من 5، نقط قوة كثيرة في الملف الثلاثي، جعلته ينتصر على الملف المغربي، بينما عمل كبير ينتظر اللجنة المغربية المكلفة بالدفاع عن الملف المغربي لإقناع الاتحادات الكروية عبر العالم، بأن المغرب قادر على تنظيم المونديال بعد ثمان سنوات فقط .
في هذا الحوار الذي خص به الصحفي بموقع البطولة، والمحلل الرياضي محمد زيد، "جريدة بلبريس" في اتصال مباشر، سنتعرف من خلاله على نقط قوة وضعف الملفين وحظوظ المغرب لتحقيق حلم تنظيم هذا المحفل الكروي العالمي.
بداية، ما هي حظوظ المغرب بعد تخطي عقبة "تاسك فورس" ؟
بالنسبة لحظوظ المغرب في تنظيم مونديال 2026 ، بطبعة الحال تبقى حظوظ قائمة، لأنه مر لمرحلة ما قبل التصويت، في انتظار المرحلة الحاسمة يوم العاشر من يونيو و هي مرحلة التصويت .
على الأقل مرحلة تاسك فورس تبقى هي المرحلة الأصعب، أعتقد أن تخطي المغرب لمرحلة " التاسك فورس " لا تعني نجاح الملف نهائيا، خاصة و أن ما يتعلق ببعض الأمور المتعلقة باللوجيستيك، هي التي تمثل مرحلة الخطر .
لماذا في نظرك "تخطي عقبة تاسك فورس" لا تعني نجاح الملف؟
ببساطة لأن الأمور المتعلقة بتنظيم كأس العالم غير متوفرة في المغرب، عندما نتكلم عن التنظيم نتحدث عن الفنادق، عن الطرقات، وعن البنية التحتية، ونتكلم عن الملاعب أيضا، أما الأمور الأخرى المعنوية، كالدعم الحكومي وحقوق الإنسان وما إلى ذلك ، فهي أمور لن يكون لها أهمية خلال مرحلة التنظيم، يعني أنها أمور لن تعوض، في حين أن الأمور اللوجيستيكية إذا لم تتوفر فمن المستحيل أن تنظم كأس إفريقيا حتى.
ما هي الأمور اللوجيسيكية التي يطالب المغرب بإقناع الاتحادات الكروية أنه يستطيع توفيرها في أفق 2026 ؟
نعم إذا لم يستطع المغرب إقناع البلدان التي ستصوت له، فالحلم لن يتحقق، فمن الصعب جدا أن تنال أصوات وثقة اتحادات لتنظيم كأس العالم و أنت لا تتوفر على الشروط الموضوعية لتنظيمه، وهي الملاعب والبنية التحتية، والتنقل، وهذه الأمور من الصعب تعويضها في مدة 8 سنوات، لأنه عندما نتحدث عن 2018 و2026، فنحن نتحدث عن ثمان سنوات، وسنستضيف 48 منتخب، تقريبا ما يفوق مليوني مناصر، بكل ما يتطلبه هذا العدد من إيواء ومطارات وتنقل، وحتى من تدبير أمني للفوضى التي قد تكون مرتقبة، إضافة إلى ما يزيد عن 12 ملعب، زيادة على ملاعب التداريب.
ما هي قراءتك لتقييم لجنة " التاسك فورس"
لجنة تاسك فورس قامت بزيارتها، وعرفت أن هناك خطر قائم يجب الانتباه إليه، لذلك فالملف المغربي، لكي نكون واضحين مع أنفسنا، و كي لا نبيع الوهم لأنفسنا ونصدقه، هو ملف ناقص، ولجنة تاسك فورس بينت ذلك بشكل واضح.
نعم قالت أن دعم الدولة وحقوق الإنسان نقط إيجابية، ولكنها كما قلت أمور لن نعتمد عليها في 2026، ونقط ضعفنا تتجلى في الأمور الأهم التي ذكرتها من ملاعب وأمور لوجيستيكية.
هل يمكن أن نستحضر عنصر المفاجئة في منافستنا للملف الثلاثي ونحقق حلم التنظيم ؟
نعم، نحن من سنخلق المفاجئة إذا نظمنا كأس العالم، في حين أن الملف الثلاثي، للولايات المتحدة وكندا والمكسيك، ملف متكامل من النواحي اللوجيستيكية، بل يستطيعون تنظيم كأس العالم السنة المقبلة، أما نحن فنحتاج تلك الثمان سنوات، وقد لا تكفينا للاستعداد كما يجب، وبناء كل الملاعب المطالبين بها، وتجهيز البنيات التحتية إلخ...
لجنة التاسك فورس كما تعلم قامت ببعض الزيارات المفاجئة لبعض المدن والملاعب، ما الهدف من تلك الزيارات في نظرك؟
هذه نقطة أساسية، وهي أمر أخطر وأعظم و أجل، نحن عندما نتحدث عن كأس العالم، فنحن نتحدث عن المواطنين، و لجنة التاسك فورس، عندما حلت بالمغرب تعمدت القيام ببعض السلوكات المفاجئة الخارجة عن نطاق البرنامج المسطر، كأن تزور مدينة فجأة، أو أن أحد أعضاء اللجنة يتخفى في زي سائح، ويركب سيارة أجرة، هذه الأمور تجعل اللجنة تقيم مدى كفاءة واستعداد ساكنة بلد معين للاستقبال شعوب أخرى بمختلف تلوينها،
وأتذكر أن أحد أعضاء لجنة تاسك فورس تحدث عن عدم احترام إشارات المرور، وقال: "كيف لشعب لا يحترم الضوء الأحمر، أي لا يحترم إشارات المرور، أن يحترم مشجع قادم من دولة أخرى"، وحتى حقوق الأقليات، مثل زواج المثليين، كلها أمور تساهم في تقيمك على أنك أرض قابلة لاستضافة شعوب العالم بثقافاتها و إيديولوجياتها، أم أنك منغلق على نفسك، هذه كلها أمور مهمة في التقييم النهائي.
ما هي قراءتك لمعدل المغرب، والملف المشترك، بحيث يحتاج المغرب إلى تصويت أوروبا وإفريقيا والعرب لكي يمر في حين أن الملف الأمريكي اقترب من الحسم مبكرا ؟
من جهة فمعدل تخطينا للجنة تاسك فورس، يوضح أننا ملف ضعيف ، و أننا ننافس ملف قوي، و من جهة أخرى فلأرقام جد منطقية، لأن معدل الملف المنافس لو كان بحوزتنا لكانت مفاجئة لا تصدق حتى من طرفنا، و حتى و إن كنا قد أقصينا فلن يكون الأمر مفاجئ لكي نكون واضحين، فعندما تزور اللجنة مدينة وجدة و ورزازات و ملعب الحارثي، حتى إذا أردنا أن نتخيل مباراة ألمانيا والبرازيل في ورزازات ، لن نتخيل الملعب فقط، يجب أن نتخيل البنية التحتية، يجب أن نتخيل الجمهور، يجب أن نتخيل المطاعم، والفنادق، هذه أمور كلها تدعوا إلى طرح علامات الاستفهام، ولكي نكون في قمة الوضوح، وقمة الشفافية، الملف الأمريكي ملف متكامل بخصوص ما هو لوجيستيكي.
أين يمكن أن ينتصر المغرب على الملف المشترك ؟
من نقاط ضعف الملف الثلاثي هو عدم دعم الدولة لهذا الملف، و هذا ربما أمر قد يخدم المغرب، لماذا ؟ لأن الفيفا تركز جيدا على أن تكون الدولة مساندة للملف، لأنها عندما تسانده تتيح له جميع الإمكانيات من أجل تنظيم ناجح...
-مقاطعا- هل الدول الثلاث غير مساندة للملف الثلاثي المنافس ؟
بالنسبة للدعم الحكومي، ليس بنفس قيمة الدعم الحكومي المغربي، و لا نتحدث هنا عن مواقف ترامب وتغريدا ته، لأن الولايات المتحدة ليست ترامب وحده، فهناك مجلس شيوخ وأجهزة تتحكم، وحكومات هذه الدول لا تحبذ مئة بالمائة، أو ليست متلهفة كما المغرب لتنظيم المونديال، وتعتبره أمر غير مهم، وحتى بالنسبة للشعب أكدت بعض الاستجوابات أن بعض المواطنين الأمريكان ليسوا على دراية حتى بأن دولتهم مرشحة لاحتضان المونديال، فالترشيح مسألة غير مهمة بالنسبة لهم لأن الولايات المتحدة نظمت كأس العالم 1994، و المكسيك نظمت نسختين سابقتين، إضافة إلى أنها تعيش أزمات اقتصادية ومشاكل اجتماعية كبيرة جدا، وعلى سبيل المثال أتذكر زيارتي للبرازيل في مونديال في 2014، في خضم البطولة كانت هناك احتجاجات ضد تنظيم هذه المسابقة، بحكم أنه يستنزف من خزينة الدول.
ما الذي يمكن أن يفيد المغرب في تنظيم المونديال ؟
الشيء الوحيد الذي سيفيد المغرب في تنظيم المونديال هو أنه سيستفيد من البنية التحتية و لكن سيخسر ميزانية كبيرة جدا، في حين أن الملف الثلاثي لن يحتاج لميزانية ضخمة لأنه متوفر على بنية تحتية جيدة، على عكس المغرب سيحتاج ربما لبناء مدينة بأكملها من أجل هذا التنظيم.
*صحفي متدرب