بنبراهيم تبرز خلفيات استقبال رئيس موريتانيا لقادة البوليساريو

عاد الجدل إلى الواجهة في نواكشوط بعد الاستقبال الذي خص به الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الثلاثاء 18 نونبر الجاري، وفدا من جبهة “البوليساريو” برئاسة حمة سلامة.

وحمل هذا اللقاء إشارات صامتة لا تخطئها عين المتابع، بعدما غابت “راية البوليساريو” عن قاعة الاستقبال، خلافا لما كان معمولا به في بروتوكولات سابقة.

وقد بدت الخطوة في ظاهرها تقنية، لكنها تختزل في عمقها جزء من مشهد إقليمي يتغير تحت وطأة القرار الأممي الجديد الذي أعاد رسم قواعد اللعبة.

وفي هذا السياق، أكدت أستاذة العلاقات الدولية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، آمال بنبراهيم، في تصريح لـ “بلبريس”، أن قرار مجلس الأمن الجديد 2797 يشكل “نقلة نوعية في الشرعية الدولية لصالح المقاربة المغربية”، حيث يتبنى بشكل صريح مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، ويستبعد بشكل نهائي خيار الاستفتاء الذي ظل محورا لخطابات الأطراف الأخرى.

واعتبرت المتحدثة أن القرار يحمل مضمونا معياريا جديدا، يعكس دعما واضحا للحكم الذاتي وإسقاطا عمليا لخيارات سابقة كانت مطروحة.

وأضافت بنبراهيم أن المرحلة الراهنة شهدت توالي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، ودعما متزايدا لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق، خصوصا من قبل قوى كبرى داخل مجلس الأمن، مشيرة إلى أن الأمر أضحى يؤثر مباشرة على موازين القوة قانونيا ورمزيا داخل الإقليم.

وترى بنبراهيم أنه وانطلاقا من موقع موريتانيا كدولة جوار ترتبط بالمغرب والجزائر والبوليساريو بشبكة معقدة من الاعتماد المتبادل، أن أي تحول معياري دولي حول قضية الصحراء لا يمكن إلا أن يؤثر بشكل مباشر على صناعة القرار الموريتاني، ويدفع نواكشوط إلى إعادة تدقيق تموقعها، ولو بهامش محدود.

وذكرت الجامعية بنبراهيم، بأن موريتانيا تبنت منذ انسحابها من النزاع سنة 1979 حيادا إيجابيا، وحرصت على الحفاظ على قنوات مفتوحة مع كل الأطراف، لكنها اليوم تواجه ضغوطا متزايدة لاستمالتها، مع حساسية عالية لأي إشارة رمزية.

واستحضرت في هذا السياق أن مجرد ظهور خريطة المغرب كاملة خلال الاجتماعات المشتركة مع الرباط كان يثير “حفيظة بل وغضب إعلام البوليساريو”.

وتفسر بنبراهيم غياب علم البوليساريو خلال استقبال الغزواني للوفد الانفصالي بكونه تحولا في لغة الصورة، حتى وإن لم يرافقه إعلان سياسي صريح، معتبرة أنه قد يعكس إعادة تصنيف للعلاقة بين الطرفين، وإشارة واضحة إلى أن موريتانيا لا تصطف ضد القرار الأممي، بل تنخرط في تكيف حذر مع السياق الدولي الجديد دون الإخلال بتوازن علاقاتها.

لكنها في المقابل تؤكد أن هذا التحول لا يمكن قراءته كقطيعة أو انقلاب كامل في موقف نواكشوط، ولا يمكن اختزاله في بُعد بروتوكولي بسيط، بل هو إعادة لهندسة الحياد، وتحول محسوب في إعادة التموضع بهدوء، بما يتماهى مع تغير المرجعيات الدولية بعد قرار مجلس الأمن الأخير.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *