منطق التاريخ: يتغير رؤساء الجزائر ..لكن الصحراء تبقى مغربية

منذ استقلال الجزائر سنة 1962، تعاقب على كرسي الرئاسة عدد من القادة الذين اختلفت توجهاتهم وأساليب حكمهم، لكنّ الثابت في المشهد الجزائري ظلّ واحداً: حضور المؤسسة العسكرية كفاعلٍ رئيسي في صنع القرار السياسي، وتأثيرها المباشر في مسار الحكم. وخلال أكثر من ستة عقود، لم تعرف الجزائر تداولاً حقيقياً على السلطة بقدر ما عرفت تغييرات داخلية أعادت إنتاج نفس المنظومة، في وقتٍ ظلّت فيه قضية الصحراء المغربية تشكّل أحد محاور سياستها الخارجية الأكثر حساسية.

بدأ المشهد مع الرئيس محمد بن بلة، أول رئيس للجمهورية بعد الاستقلال، قبل أن يُطيح به هواري بومدين سنة 1965 في انقلاب عسكري فتح الباب أمام مرحلة من الحكم المركزي ذي الطابع الاشتراكي. تلاه الشاذلي بن جديد، الذي حاول إدخال بعض الانفتاح السياسي والاقتصادي، لكنه واجه اضطرابات انتهت بإلغاء الانتخابات التشريعية سنة 1992، ما أدخل البلاد في دوامةٍ من العنف السياسي. بعد اغتيال محمد بوضياف، وتعاقب كلٍّ من علي كافي وليامين زروال، جاءت حقبة عبد العزيز بوتفليقة الطويلة (1999-2019) التي تميزت باستقرار نسبي، لكنه كان استقراراً هشاً يقوم على موازنة بين نفوذ الجيش وشبكات السلطة. ومع الحراك الشعبي سنة 2019، اضطر بوتفليقة إلى التنحي، ليفتح الطريق أمام الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، الذي يواجه بدوره تحديات داخلية تتعلق بشرعية الحكم والوضع الاقتصادي.

ورغم تغير الوجوه في قصر المرادية، لم تتبدّل السياسة الجزائرية تجاه قضية الصحراء المغربية. فمنذ سبعينيات القرن الماضي، تبنّت الجزائر موقفاً داعماً لجبهة البوليساريو، واحتضنت مخيمات تندوف، مقدّمةً نفسها كـ”مدافع عن حق تقرير المصير”. غير أنّ هذا الموقف ظلّ يثير توتراً دائماً في العلاقات المغربية الجزائرية، ويستهلك جزءاً كبيراً من طاقتها الدبلوماسية في ملفات كان يمكن أن تكون أكثر نفعاً لشعوب المنطقة.

وفي خضم هذا الجمود، جاء قرار مجلس الأمن الدولي الأخير ليؤكد مرة أخرى أن المجتمع الدولي يتجه نحو تبنّي رؤية المغرب الواقعية، الداعية إلى الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحلّ نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء. القرار، الذي حظي بتأييد أغلبية أعضاء المجلس، اعتُبر انتصاراً دبلوماسياً للمملكة المغربية وتكريساً لمغربية الصحراء، في مقابل تراجع تأثير الموقف الجزائري داخل أروقة الأمم المتحدة.

هذا التطور الدبلوماسي يكشف مفارقة لافتة: ففي الوقت الذي يتبدّل فيه رؤساء الجزائر ويتغير الخطاب الرسمي مع كل مرحلة، تظلّ السياسة المغربية ثابتة وواضحة في الدفاع عن وحدتها الترابية، مدعومة بمشاريع تنموية كبرى في الأقاليم الجنوبية، وباعتراف متزايد من قوى دولية كبرى بسيادة المغرب على الصحراء. أما في الجزائر، فإن استمرار الأزمة السياسية الداخلية وتراجع الدور الإقليمي يضعف من قدرتها على مواجهة هذا التحول الدولي المتسارع.

إنّ تعاقب الرؤساء في الجزائر لم يُنتج تحولاً حقيقياً في الرؤية أو في مقاربة العلاقات مع الجوار، بل أبقى البلاد أسيرة خطاب تقليدي حول “القضية ” لم يعد يجد صدى واسعاً في العالم. وفي المقابل، استطاع المغرب أن يثبت بالعمل الدبلوماسي والواقعية السياسية أنّ الصحراء جزء لا يتجزأ من ترابه الوطني، وأن التنمية والاستقرار هما الجواب الأقوى على كل محاولات التشكيك.

لذلك نقول، هناك من رحل من رؤساء الجزائر وهناك من انهزم كالرئيس الحالي تبون ، كلهم ناوروا، تآمروا، حاولوا تغيير مسار مغربية الصحراء، لكن كلهم فشلوا وبقيت الصحراء مغربية ….من احمد بن بلة مرورا ببومدين وبوتفليقة الى عبد المجيد تبون ،،،،،، انه منطق التاريخ .

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *