تشهد العاصمة الجزائرية منذ أيام حالة استنفار أمني غير مسبوقة، على خلفية هروب الجنرال عبد القادر حداد، المعروف بلقبه “ناصر الجن”، الرئيس السابق للمديرية العامة للأمن الداخلي، وفق ما كشفت عنه مصادر جزائرية متطابقة ونقلته صحيفة لوموند الفرنسية.
وأفادت الصحيفة بأن السلطات الجزائرية نصبت عشرات الحواجز الأمنية، وشرعت في تفتيش دقيق للسيارات، كما استعانت بمروحيات في عمليات المراقبة الجوية، في مشهد ذكّر الجزائريين بإجراءات “العشرية السوداء” خلال تسعينيات القرن الماضي.
وأضافت لوموند أن حداد، الذي أُقيل بشكل مفاجئ في ماي 2025 بعد أن كان محسوبًا على الدائرة المقربة من الرئيس عبد المجيد تبون، كان قد اعتقل فور إقالته ونقل بين عدة سجون عسكرية قبل وضعه تحت الإقامة الجبرية في دالي إبراهيم، غير أن فراره أعاد خلط الأوراق داخل دوائر الحكم، ودفع المجلس الأعلى للأمن إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة تداعيات الحادث.
وتشير الصحيفة إلى أن هروب الجنرال لم يكن ليحدث لولا وجود تواطؤ محتمل داخل الأجهزة الأمنية، وهو ما يعكس حجم الانقسامات والصراعات التي تعانيها بنية النظام الجزائري، وترى أن القضية تضع السلطة في موقف حرج، سواء في ما يتعلق بكيفية التعاطي مع الحدث داخليًا أو في ما يخص صورته أمام شركائه الخارجيين.
في هذا السياق، كتب الخبير في القانون الدولي صبري الحو على صفحته بموقع فيسبوك أن اختفاء “ناصر الجن” يفتح الباب أمام عدة فرضيات، منها أن يكون ما وقع عملية تهريب منظمة بتنسيق داخلي وخارجي، أو أن يكون اغتيالًا مقنّعًا أو محاولة لإعادة تدويره سياسيًا، كما لم يستبعد أن يكون الملف مجرد وسيلة لتصفية حسابات داخلية أو للتغطية على أزمات أخرى يعيشها النظام.
وأكد الحو أن فرنسا، بما لها من حضور تاريخي ونفوذ استخباراتي في الجزائر، قد تكون طرفًا في العملية، بينما قد تجد إسبانيا نفسها في موقف حساس في حال وصول حداد إلى أراضيها، إذ ستضطر للاختيار بين التعامل معه كلاجئ أو تسليمه إلى السلطات الجزائرية.