في أجواء مشحونة تسبق الانتخابات، كشفت مصادر مطلعة عن تصاعد لجوء بعض السياسيين إلى ما وصفته بـ”أسلحة الشائعات” وحملات التشويه الممنهجة لتصفية الحسابات مع خصومهم، وذلك من خلال نصب كمائن رقمية وترويج اتهامات خطيرة باستغلال أحداث عابرة، بهدف التأثير على الرأي العام وتغيير موازين القوى الانتخابية.
أحد أبرز هذه الاستهدافات، تقول المصادر، طال رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، الذي وُضع في قلب عاصفة اتهامات عبر منشورات ومقاطع فيديو تدّعي تورطه في خروقات تمس المصايد الجنوبية، عقب حادثة تخلّي إحدى سفن الصيد عن أطنان من أسماك “الكوربين” و”الدوراد” في عرض البحر، ما أثار موجة غضب وسط المهنيين والمدافعين عن البيئة البحرية.
لكن الحقيقة، حسب نفس المصادر، مغايرة تمامًا لما يُروج، إذ أظهرت التحريات الرسمية أن السفينة المتورطة لا علاقة لها برئيس الجهة، لا من قريب ولا من بعيد، كما أن ملاكها لا يقيمون حتى في المنطقة. الأمر الذي فُسّر على أنه استهداف سياسي واضح، في محاولة لضرب سمعة أحد أبرز الوجوه المنتخبة في الجهة.
ودعت المصادر إلى فتح تحقيق معمّق، ليس فقط لتحديد المسؤوليات بشأن استنزاف الثروة السمكية، ولكن أيضًا من أجل حماية العملية الانتخابية من الانزلاقات الأخلاقية، والتصدي لموجة “الصيد في الماء العكر” عبر المنصات الرقمية، التي باتت وسيلة مفضّلة لتصفية الحسابات السياسية.
ولم تكن قضية رئيس جهة الداخلة وادي الذهب سوى مثال من بين حالات عديدة، حيث يواجه عدد من المنتخبين العاملين في قطاع الصيد البحري حملات تشويه مماثلة، مستغلة بعض الحوادث الطارئة لتقويض مصداقيتهم. وقد لجأ بعضهم بالفعل إلى تقديم شكايات رسمية، بهدف حماية نزاهة التنافس الانتخابي، ورد الاعتبار إلى مهنيين نزهاء.
وفي سياق متصل، سلطت الحادثة الضوء على واحدة من أكبر المعضلات البيئية المرتبطة بالصيد البحري، وهي ظاهرة التخلص من الأسماك في البحر، إما بسبب ضعف الجدوى التجارية أو لأنها ناتجة عن صيد عرضي، ما يؤدي إلى نفوقها وهدرها، ويُشكّل تهديدًا خطيرًا للتوازن البيئي البحري.
ورغم إقرار القانون 95.21 الذي ألزم ربابنة السفن بتوثيق عمليات إعادة الأسماك عبر الفصل 10-1، يرى عدد من المهنيين أن الإجراء غير كافٍ، لأنه لا يتضمن آليات ردع فعلية أو حلول بديلة واضحة، مما يُبقي المجال مفتوحًا أمام استمرار هذه الممارسة المثيرة للجدل.
ويستشهد الفاعلون المهنيون والبيئيون بالتجربة الأوروبية التي فرضت منذ 2017 حظرًا صارمًا على التخلص من أي صنف بحري يتم اصطياده، كخطوة لتعزيز العدالة البيئية والحد من الهدر البحري، داعين المغرب إلى اعتماد مقاربة مماثلة أكثر صرامة وابتكارًا، خصوصًا في ظل تزايد الضغط على الموارد البحرية.
ويتفق الخبراء على أن مواجهة هذه الظواهر تتطلب عملاً مشتركًا، يجمع بين المهنيين، والعلماء، والمجتمع المدني، مع ضرورة الاستثمار في البحث العلمي، وتطوير وسائل وتقنيات الصيد، والتكوين الممنهج للحد من الممارسات غير المستدامة، والحفاظ على التنوع البيولوجي للمحيطات.