مركز يحذر من مخاطر طاقية ومائية وغذائية تهدد المغرب

في ظل ما يشهده المغرب من تحولات مناخية وضغوط ديمغرافية متزايدة، أصدر المركز المغربي لتحليل السياسات تقريراً جديداً ينبه من خلاله إلى المخاطر المتنامية التي تتهدد الأمن الطاقي والمائي والغذائي للبلاد، داعياً إلى نهج إصلاحي يضع العدالة الاجتماعية في صلب الانتقال البيئي والاقتصادي.

وجاء التقرير نتيجة مشاورات واسعة مع منظمات المجتمع المدني في مدن أكادير ووجدة وطنجة، حيث أجمع الفاعلون المدنيون على ضرورة اعتماد انتقال طاقي عادل، يُعلي من شأن الطاقات المتجددة ويشرك الفئات المجتمعية في اتخاذ القرار، بدل أن يظل مسار التحول محصوراً في اعتبارات تقنية أو تجارية صرفة.

ويربط التقرير بين التغيرات المناخية المتسارعة والممارسات الزراعية غير المستدامة، مشيراً إلى أن السياسات العمومية الحالية غالباً ما تفتقر إلى النجاعة، مما يُضعف قدرة البلاد على تحقيق أمن غذائي حقيقي ومستدام. كما سجل التقرير وجود ميل مقلق نحو استبدال المحاصيل الأساسية بمنتجات موجهة للتصدير، مما يُهدد السيادة الغذائية ويمسّ احتياجات المواطن المغربي البسيط.

أما على مستوى الموارد المائية، فقد نبه التقرير إلى تصاعد التهديدات المرتبطة بالنمو الديمغرافي وسوء إدارة الموارد، إلى جانب ضعف تفعيل الترسانة القانونية، ما يجعل تحقيق العدالة المائية بعيد المنال.

ويقترح التقرير ربط الأحواض المائية، وترشيد استخدام المياه، خاصة في المجال الفلاحي، مع التأكيد على ضرورة التطبيق الصارم لقانون المياه كركيزة للتدبير الرشيد.

وفي ما يخص الطاقة، لاحظ المركز وجود تحديات هيكلية تتعلق بضعف الإطار التشريعي، وتغافل بعض السياسات عن البعد الاجتماعي في مشاريع التحول الطاقي، ما قد يزيد من فجوة عدم الإنصاف داخل المجتمع.

وشدد المجتمع المدني، بدوره، في هذا السياق على أهمية تثمين المعرفة المحلية وتعزيز دور الساكنة في تدبير الموارد، مطالباً بضرورة التحكم في استخدام المواد الكيميائية الضارة، واستصلاح الأراضي، وتبني استهلاك عقلاني ومسؤول.

واختُتم التقرير بسلسلة من التوصيات الموجهة إلى صانعي القرار، داعياً إلى تقوية الحكامة البيئية، وتشجيع التفاعل بين القطاعات المعنية بالماء والطاقة والغذاء، بما يفضي إلى حلول مندمجة ومتماسكة.

كما أكد على أهمية الرفع من الوعي المجتمعي، وتأطير الفاعلين الميدانيين، والاستثمار في البحث العلمي والتكنولوجيا، دون إغفال تمكين المجتمع المدني كفاعل محوري في حماية الموارد الطبيعية.

ويبقى الرهان، حسب التقرير، قائماً على مدى استعداد الدولة والمجتمع لتبني مقاربة عادلة ومستدامة، تأخذ بعين الاعتبار احتياجات الفئات الأكثر هشاشة، وتضمن ولوجاً منصفاً وعادلاً للموارد الحيوية، في أفق بناء مغرب أكثر توازناً وإنصافاً في وجه تحديات الغد.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *