مع حلول فصل الصيف، تنتعش الأجندة الفنية والثقافية في مختلف المدن المغربية، إذ تشهد ربوع المملكة تنظيم سلسلة من المهرجانات المتنوعة، التي أضحت تشكل موعداً سنوياً للاحتفاء بالموروث الثقافي والغنائي، واستقطاب عشاق الفن من مختلف الفئات والأعمار.
وتُعتبر غزارة المهرجانات خلال الموسم الصيفي دليلاً على الدينامية التي يعرفها المشهد الفني الوطني، حيث يتوزع الاهتمام بين إحياء التراث الشعبي والاحتفاء بالألوان الغنائية المعاصرة، في تناغم يعكس غنى الثقافة المغربية وتنوع تعبيراتها.
مهرجان تيفلت.. الفن للجميع
في مدينة تيفلت، عاد المهرجان الصيفي لهذه السنة بزخم فني قوي، حيث ستعرف سهراته التي ستنطلق مساء اليوم الأربعاء 16 يوليوز إلى غاية 20 من نفس الشهر، مشاركة مجموعة من الفنانين الشعبيين والشباب، من بينهم مسلم ونجاة اعتابو وحاتم عمور، في عروض مفتوحة للجمهور بساحة عمومية، ستجعل المدينة تعيش على إيقاع الفرح والاحتفال.
مهرجان الراي بوجدة.. وفاء للأصل وتحديث للتجربة
أما في مدينة وجدة، فقد عاد مهرجان الراي الدولي ليصدح من جديد بأصوات كبار نجوم هذا اللون الموسيقي، الذي يمثل أحد أبرز روافد الثقافة الشعبية بالمنطقة الشرقية.
وستشهد دورة هذا العام التي ستنعقد يوم 24 يوليوز إلى غاية 26 من نفس الشهر، حضور أسماء بارزة من المغرب والجزائر وفرنسا، ممن بصموا على تجارب ناجحة في فن الراي، نذكر منهم فوضيل والدوزي ورشيد برياح وغريب لفطس وبدر سلطان وحميد بوشناق، مما جعل المهرجان جسراً فنياً للتبادل الثقافي المغاربي، وفرصة لربط الجيل الجديد بجذور هذا الفن الذي تطوّر مع الزمن دون أن يفقد هويته.
مهرجان عيساوة بمكناس.. روحانيات وإرث عريق
في مدينة مكناس، سيكون لعشاق الطرب الصوفي موعد خاص مع مهرجان عيساوة، الذي يواصل مهمته في إحياء التراث الروحي المغربي.
ويمتاز هذا الحدث بطابعه الروحاني والاحتفالي، حيث تُنظم عروض جماعية لطوائف عيساوية من مختلف جهات المملكة، في فضاءات تراثية تعبق بالتاريخ بالإضافة الى احتضانه لحفلات فنية لمشاهير مغاربة وعرب نذكر منهم الفنانة بلقيس وحاتم عمور وغيرهم
ويمثل المهرجان فرصة للتعريف بهذا اللون الفني الذي يجمع بين الإنشاد الديني والإيقاعات الشعبية، في أجواء تمتزج فيها الروحانية بالتجربة الفنية، وسط إقبال واسع من الزوار المغاربة والأجانب.
وبين مهرجانات الفرح الشعبي ومواسم الطرب الصوفي، يشهد الصيف المغربي تنوعاً ثقافياً لافتاً، يكرّس أهمية الفن في الحياة اليومية، ويبرز قدرة المهرجانات على لعب أدوار متعددة: من الترفيه والترويح، إلى الحفاظ على التراث وتطوير الذوق الفني الجماعي.
فصل الصيف لم يعد مجرد عطلة، بل أصبح موسماً للفن بامتياز، حيث تُضيء المدن المغربية لياليها بعروض تجمع بين الحنين للأصالة والانفتاح على الحداثة، في مشهد فني يؤكد أن الثقافة ليست ترفاً، بل ضرورة مجتمعية لبناء الوعي وتعزيز الانتماء.