ظهرت حركة 20 فبراير، منتصف شهر فبراير 2011، حين خرجت مجموعات مستقلة من الشباب تطالب بإصلاحات دستورية تضمن العيش بكرامة في مغرب حر وديمقراطي، قبل انضمام تيارات حقوقية وسياسية أخرى، أياما قليلة بعد ثورة الياسمين بتونس، وثورة 25 يناير بمصر، للمطالبة باستعادة كرامة الشعب المغربي، مما عجل بإعلان نحو 20 هيئة حقوقية وطنية دعمها لتوجه الحركة.
ولخص أول بيان لحركة 20 فبراير، دواعي ميلاد الحركة إلى الاحتقان الاجتماعي، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بسبب تجميد الأجور، والارتفاع الصاروخي للأسعار، والحرمان من الاستفادة من الخدمات الاجتماعية الأساسية كالصحة، والتعليم، والشغل، والسكن.
ولخصت الحركة مطالبها في ضرورة وضع دستور ديمقراطي ومحاكمة المتورطين في قضايا الفساد، والاعتراف باللغة الأمازيغية رسمية إلى جانب العربية، وإطلاق كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.
ورفع المحتجون، منذ الأيام الأولى لمسيرات الحركة، شعارات قوية من قبيل"حرية كرامة عدالة إجتماعية"، "الشعب يريد اسقاط الفساد".. " الشعب يريد اسقاط الاستبداد "، و "ناضل يا مناضل.. من أجل الحرية ناضل.. من أجل الكرامة ناضل.. ضد الاحتقار ناضل.. ضد الاستبداد ناضل.. ضد الاختلاس ناضل ضد الاستغلال ناضل..".. فماذا تحقق بعد ثماني سنوات من ميلاد الحركة؟
الرياضي : ما تحقق من مطالب الحركة جزئي وضعيف
وتعليقا على حراك 20 فبراير وما تحقق من مطالب الحركة قالت خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، "إن هذه المطالب لم تتحقق إلا بشكل جزئي وضعيف جدا، خاصة منه ما جاء في الباب الثاني من الدستور، والمرتبط بالحقوق والحريات، رغم أن ذلك يبقى نظريا لأنه في الواقع، ومع تراجع الحركة واختلال موازين القوى للسلطة من جديد، بعد قدرتها في استيعاب الغضب الذي كان في الشارع والتراجع عما جاء في الدستور".
وقالت الرياضي، في تصريح لـ "بلبريس"، "لم يتم احترام ما جاء في الدستور، سواء من خلال القوانين الإطار، التي وضعت، وكذا من خلال الممارسات اليومية للسلطة، بل رجعت الأمور إلي ما قبل 20 فبراير نظرا للعنف والاعتقالات والمحاكمات الجائرة"، مضيفة أن هذه المطالب، أنه لم يتم الوصول إلي جعلها واقعا لأنه لم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية للالتزام بما جاء في جزئيات الدستور، لكنها استعملت كتاكتيك سياسي لإسكات الشارع.
وعن ذكرى 20 فبراير لسنة 2019، تقول الناشطة الحقوقية، إن هناك حراك متجدد سواء في الريف وجرادة وزاكورة، بالإضافة إلى احتجاجات الأساتذة والتلاميذ والنقابات وباقي القطاعات، التي أصبحت نضالاتها منتشرة في مختلف جهات المغرب.
وشددت المتحدثة ذاتها، أن الحركة أعطت زخما قويا للحراك وللحركة الاحتجاجية والحركة الاجتماعية في المغرب، وأعطت جرأة في طرح المطالب والتعبير بشكل قوي وجريء علي الأوضاع السياسية، وتحميل المسؤوليات من خلال ما ينشره المواطن من فيديوهات حول سياسة التفقير التي تعرفها البلاد، حسب تعبير المصدر.
آيت عيشة: تعديل الدستور مجرد وهم كبير
من جانبه، قال عبد الصمد أيت عيشة، عضو سابق في لجنة الاعلام لحركة 20 فبراير، إن التعديلات الدستورية والإصلاحات التي قدمتها السلطة كانت مجرد وهم كبير، وهو ما نلاحظه اليوم، بعد الاعتقالات الواسعة في صفوف المحتجين في الريف وجرادة وباقي المدن.
وأضاف أيت عيشة، في تصريح لـ "بلبريس"، اليوم، "يتضح جليا أن المغرب لم يتحرك قيد أنملة عن الوضع الذي كانت عليه البلاد قبل 20 فبراير، بل عدنا إلى سنوات رصاص مقنعة بخطابات التنمية والديمقراطية، وما يؤكد ذلك هو وجود شباب أبرياء في السجون، هذا بالضبط مؤشر على أن الوضع في المغرب كارثي".
شنوان:عودة « جبهة 20 فبراير » تطرح أكثر من سؤال
من جانبه، قال الحسين شنوان، الناشط الحقوقي الأمازيغي إن حركة 20 فبراير جزء من سيرورة ترافعية لإنتفاضات شعبية ممتدة من سنوات كأحداث الدار البيضاء، والريف، وايت غيغوش، وبومالن دادس، وإفني، والحسيمة إبان الزلزال، إلا أن الفرق أن هذه الحركات كانت اجتماعية خالصة.
وأشار الباحث في اللغة والثقافة الأمازيغية، إلى أن 20 فبراير حركة، تخرج عن باقي الانتفاضات بكبحها لإديولوجيات متعددة داخل إطار عام سمي بحركة، والتوصيف الدقيق هنا نظرا لتعدد التوجهات داخلها يستقيم مع تسميتها بجبهة 20 فبراير، أما عودتها اليوم فهو كنتيجة لصعود الحركات الاجتماعية المناطقية من جديد كحراك الريف وجرادة وهي عودة تطرح أكثر من تساؤل.
ويتساءل، المتحدث هل الغرض هو مركزة النضال وخلق خلية ناطقة بإسم كل مطالب المغاربة؟ أم أن عودتها ستفتح المجال لحرية ترافع جهوي في ظل مغرب الجهوية؟
ويرى الفاعل الحقوقي، أن النضال من أجل الحقوق العادلة يجب أن تتم مواكبته كيفما كان، ويجب مساندته إنطلاقا من تساوي الحاجة الانسانية، وليس بخلفية ايديولوجية تراكمية تستبعد وتستقوي على شعب أريد له، بل خطط له، لإنشاء أغلبية صامتة أمازيغية.
والوطنية تحتم على الحقوقي في أي موقع كان الترافع من أجل المغاربة كيفما كانت هوياتهم وانتماءهم، أما النضال الحقوقي بخلفية عرقية فلن يخلق سوى وضع أكثر تأزما مما نحن عليه اليوم وواقع تونس اليوم شاهد على ما نقول، حسب تعبير المصدر ذاته.
دحمان: لم نكن جزءا من صناعة قرار الحركة
وبخصوص موقف الجامعة الوطنية لموظفي التعليم من محطة 20 فبراير 2019، قال عبد الإله دحمان، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم،: إننا لم نقرر في محطة 20 فبراير ، ولم نكن جزاء من صناعة قرارها أو المشاورة حولها، ولو دعينا لاستجبنا تقديرا وللنفس الجماعي لـ 3يناير الذي يجب أن يستمر فينا كزخم نضالي وحدوي يدفع في اتجاه توحيد التصور المطلبي الناظم للدينامية النضالية التعليمية في شموليتها، ويقوي موقع التفاوض والضغط للاستجابة لانتظارات الفئات التعليمية المتضررة العادلة وعموم الشغيلة التعليمية" .