هزت مدينة ابن أحمد جريمة مروعة أودت بحياة ثلاثة أشخاص على يد شخص يعاني من اضطرابات عقلية، في حادثة أعادت إلى الواجهة إشكالية تقصير السياسات العمومية في التعامل مع ملف الصحة النفسية. الحادثة، التي أثارت استياءً واسعاً، سلطت الضوء مرة أخرى على غياب آليات فعالة للرعاية الطبية والاجتماعية لهذه الفئة الهشة، مما يطرح تساؤلات حول جدوى التدابير المتخذة في هذا المجال.
في رد فعل برلماني على الواقعة، تقدمت النائبة فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، بسؤالين كتابيين إلى وزيري الداخلية والصحة والحماية الاجتماعية، محمّلة الدولة مسؤولية تقصيرها في حماية المواطنين. وأكدت أن الحادثة كشفت عن ثغرات خطيرة في منظومة التكفل بالأشخاص المصابين بأمراض نفسية وعقلية، مشيرة إلى أن غياب رعاية طبية كافية ومتابعة اجتماعية فعالة يزيد من خطر تكرار مثل هذه المآسي.
في سؤالها لوزير الداخلية، استفسرت التامني عن الإجراءات الملموسة التي تم اتخاذها لمراجعة السياسة العمومية في مجال الصحة النفسية، مع التركيز على ضرورة تعزيز الرعاية المؤسساتية والمواكبة المجتمعية. كما طالبت بوضع خطة استعجالية متعددة القطاعات تضمن التكفل الفعال بالأشخاص المصابين باضطرابات عقلية، مع الحفاظ على كرامتهم وأمن المجتمع، مشددة على أهمية توفير مستشفيات متخصصة في الصحة النفسية.
أما في سؤالها لوزير الصحة، فناقشت الاختلالات العميقة التي تعاني منها المنظومة الصحية في هذا الجانب، بدءاً من النقص الحاد في البنية التحتية والتجهيزات، مروراً بقلة الأطر الطبية المتخصصة، ووصولاً إلى ضعف آليات الكشف المبكر والتتبع المجتمعي. وأعربت عن قلقها من استمرار سياسة الإهمال تجاه ملف الصحة النفسية، رغم تداعياته الخطيرة على الأمن العام وصحة المواطنين النفسية والجسدية.
كما دعت التامني وزارة الصحة إلى تقديم تشخيص دقيق للوضع الراهن، واتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز الرعاية النفسية، عبر زيادة عدد المؤسسات المتخصصة وتوفير خدمات القرب للمحتاجين. وتساءلت عن وجود خطة استعجالية حقيقية لمعالجة النقص الفادح في هذا القطاع، خاصة في ظل تزايد الحوادث المأساوية دون أي تحرك جدي لضمان رعاية طبية واجتماعية لائقة.