ما هي الأهمية الجيو سياسية لتوقف الرئيس الصيني في الدار البيضاء؟ (تحليل إخباري)

بتكليف ملكي سام من جلالة الملك محمد السادس، استقبل ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بالدار البيضاء، أمس الخميس، الرئيس الصيني شي جين بينغ في محطة توقف قصيرة خلال رحلة عودته من البرازيل إلى بلاده.

وكانت طائرة الرئيس الصيني، قد توقفت قبل أيام خلال توجهه إلى ليما للمشاركة في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، وقمة العشرين، في جزر الكناري.

وبعيدا عن الحاجة البسيطة للراحة وإعادة الإمداد، فإن اختيار الرئيس الصيني للمغرب يسلط الضوء على ديناميكيات جيوسياسية واقتصادية ذات أهمية كبيرة، في قلب منافسات بكين العالمية وإعادة تموضعها الاستراتيجي. كما يؤكد على الدور المركزي والحاسم للمملكة المغربية، التي أصبحت لاعبا أساسيا في منظومة الأمم، بفضل موقعها الاستراتيجي وتأثيرها المتزايد على الساحة الدولية.

إن الموقع الجغرافي للمغرب وجزر الكناري يمنحهما أهمية استراتيجية فريدة، حيث يشكلان نقطة التقاء بين أوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

تسعى الصين للاستفادة من هذا الموقع من خلال عدة محاور:

-تعزيز النفوذ في أفريقيا حيث يعد المغرب مركزًا اقتصاديًا واجتماعيًا مهمًا. و تستثمر الصين بكثافة في البنية التحتية والموارد، وترحب الشركات المغربية بالاستثمارات الصينية، خاصة في قطاع السيارات الكهربائية.

-توسيع الامتداد نحو أمريكا اللاتينية حيث يلعب المغرب دور الجسر بين أوروبا وأمريكا اللاتينية، وهما منطقتان أساسيتان في الاستراتيجية التجارية الصينية.

- يعكس توقف الرئيس الصيني في المغرب الثقة الكبيرة في المملكة، مع التأكيد على دورها كمحور استراتيجي يربط بين القارات الثلاث.

العلاقات الصينية المغربية

جذور العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والصين تمتد إلى عام 1958، لكنها شهدت تحولًا نوعيًا في العقد الأخير.

في عام 2016، وقع البلدان اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، مما جعل المغرب أول دولة في شمال أفريقيا ترتبط بميثاق تعاون مع ثاني أكبر اقتصاد عالمي.

انضم المغرب رسميًا لمبادرة الحزام والطريق عام 2017، والبنك الآسيوي للاستثمار في 2018، ووقع اتفاقية تنفيذ المبادرة في 2022.

تركز الشراكة بين البلدين على 14 قطاعًا استراتيجيًا تشمل البنية التحتية والصحة والطاقة والتكنولوجيا، مع التركيز على مجالات واعدة كتصنيع البطاريات والسيارات الكهربائية.

يشكل المغرب بوابة استراتيجية للصين، بفضل موقعه الجغرافي الفريد الذي يربط أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط.

استثمرت الصين بكثافة في القطاعات الحيوية المغربية، خاصة التكنولوجيا والطاقة المتجددة.

وقد أثمرت هذه الاستراتيجية عن نتائج ملموسة إذ أصبحت الصين ثالث أكبر شريك تجاري للمغرب بحجم تبادل تجاري بلغ 7.6 مليارات دولار.

تعد مدينة محمد السادس للتكنولوجيا في طنجة نموذجًا حيًا للتعاون، حيث تستضيف عشرات الشركات الصينية.

ووفقًا لتقرير مؤشر الاستثمار الصيني، كان المغرب ثالث أكثر الدول جذبا للاستثمار الصيني في أفريقيا بعد مصر وجنوب أفريقيا.

يمثل هذا التعاون مكسبًا استراتيجيًا للطرفين، للصين توسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي، وللمغرب فرصة جذب استثمارات وتطوير بنيته التحتية والتكنولوجية.

وتعليقا على اختيار الرئيس الصيني التوقف بالمغرب برغبة منه، يقول خالد الشيات المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية إن هذه ’’ زيارة تعطى لها الأهمية من الناحية الإعلامية حتى من الصين والرئيس الصيني، لها دلالة سياسية.’’

ليضيف في حديث مع بلبريس، أن هناك من يقول إنها محطة من محطات الرحلة، وهي ليست زيارة رسمية، لكن اريد لها أن تكون بهذا الحجم وبهذه الصيغة التي تعكس أولا حجم العلاقات المغربية الصينية التي هي مبنية على شقين سياسي واقتصادي، الشق السياسي مبني على احترام الوحدة الترابية المتبادلة. إذ منذ ان وجدت الصين والمغرب يتعامل في إطار الصين واحد موحدة، وكذلك بالنسبة للصين عضو مجلس الامن الدائم التي تتعامل لا يجاد حل سياسي دائم لقضية الصحراء المغربية.

 

اقتصاديا، يضيف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة، أن ’’ هناك علاقات اقتصادية كبيرة جدا، فالصين تتربع اليوم في الثلاثي الأكثر استثمارا من الخارج بالمغرب، وهي أكبر مستثمر في المغرب من خارج الاتحاد الأوروبي . ’’

وهذه المعطيات كلها تؤكد ان مسارات العلاقات بين المغرب والصين ستذهب في اتجاهات أكثر تطورا على المستويين السياسي والاقتصادي. وزيارة الرئيس الصيني كمحطة بالدار البيضاء يراد لها هذا البعد الرمزي.

وخلص الشيات إلى أن ’’الأهمية الاستراتيجية للمغرب بالنسبة للصين في رؤيتها في تنزيل سياساتها الاقتصادية والتجارية في محيط المغرب الاقتصادي افريقيا وأوروبيا وعلى الساحل الأطلسي.’’