اشتعلت النقاشات مجدداً في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، حول مسألة “تضارب المصالح” بين مهنة المحاماة وعمل النواب، وسط اتهاماتٍ لبعض النواب باستغلال مناصبهم في مهنة المحاماة، ولجوء البعض الآخر إلى تقديم وثائق إلكترونية على شكل صورة فقط دون توفر الأصل.
وأفاد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء خلال مناقشة المادة 238 من المسطرة المدنية، عن إدخال تغييراتٍ جديدة تُلزم المحامين بالكشف عن صحة الوثائق الإلكترونية التي يقدمونها للمحاكم، بتحديد ما إذا كان لديه الأصل أو طبق الأصل أو صورةٍ للوثيقة.
ويهدف هذا الإجراء، وفق وزير العدل إلى تشديد إجراءات التحقق من صحة الوثائق ومنع التزوير والاحتيال في المحاكم، موضحا “أنه في حال قام الطرف الآخر بمنازعة صحة الوثيقة، سيتوجب على المحامي تقديم الأصل أو طبق الأصل، وإلا سيتم رفض الوثيقة، وفي حال ادّعى المحامي وجود الأصل ثم قدم صورةً فقط، سيتمّ متابعته جنائياً بتهمة الإدلاء بتصريحاتٍ كاذبةٍ أمام الهيئة القضائية”.
وبنبرة حازمة، قال وهبي: “لا ينبغي أن يتسرع المحامي في تقديم الوثيقة، وإذ ثبت أنه لا يمتلك الأصل سيتابع جنائيا، ولن أرحمه، لأننا نريد للعلاقة بين المحامين فيما يتعلق بالوثائق أن تُبنى على الصدق”.
وفي سياق التفاعلات مع نواب اللجنة، رفض الوزير أن يستمع لرأي النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي لحسن العمود الذي أصر على مناقشة الموضوع، ليجيبه الوزير “ناقش حتى لغدا، لأنه صعب أن ندفع بالأمور للأمام بهذه الطريقة”.
واعترض لعمود بدوره على كلام الوزير، واعتبر أنه “من غير المعقول أن تكون لدينا الحساسية، لأن المسائل المنطقية تبقى منطقية، وأن الأصل هو حسن النية والمحامي الذي لم يدل بأصل الوثيقة لماذا سنصل به للمتابعة الجنائية، إذ يمكن اعتبار ذلك تقاض بسوء نية ويتم تطبيق غرامة، ثم من سيقول بأن الموكل سيأتي بأصل الوثيقة رغم أنه التزم بذلك”.
وانتفض لعمود ردا على الوزير بأنه “كلما تم مس أمر له علاقة بالمحامين يكون الاعتراض، وأن المهنة جزء من العملية القضائية”، ليجيبه بحدة : “الشاذّ لا يقاس عليه”، وأنّه “لا يمكن الحكم على حالةٍ واحدةٍ لأنّ هناك أناسًا شرفاء.”
ورغم محاولات رئيس لجنة العدل والتشريع سعيد بعزيز، لتهدئة الوضع ومحاولته لتوضيح أن كلمة وهبي ليس فيها أي اتهام له أو لطرف آخر، تابع النائب البرلماني هجومه قائلا: “هناك مغالطات وحقد، وأنّه من الخطأ القول إن المحامي يحب المال فقط لأن الجميع يحب المال، ولا ينبغي التعميم، وأن المهنة أصبحت مستهدفة ولا أريد أن يعتدي أحد على خبير.. هذا يسمى العبث”.
ومن جانبها تناولت النائبة البرلمانية ربيعة بوجة عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية الكلمة، قائلة “نعلم أن عددا من النواب يمارسون مهنة المحاماة ولكن هذا قانون سيسري على المغاربة قاطبة لأربعة أو ستة عقود قادمة”.
وزادت بوجة “المفروض فينا كنواب برلمانيين أن نتحدث بصفتنا نوابا، وإذا كانت لدينا دراية بالمجال نتحدث فيه لا مشكل، شريطة ألا يتم خلط الصفات حتى يكون الجميع سواسية، وإلا كل من ليس محاميا يغادر القاعة، وعندما يأتي نقاش التعليم يناقش الأساتذة فقط”.
ورد بعزيز موضحا “قلت قبل قليل أننا نشرع للوطن وليس للمؤسسات”، ليقاطعه لعمود قائلا: “سمحلي سيد الرئيس بدلتي الخطاب ديالك فنحن نشرع لجميع المغاربة والوطن هو الأول ولكن داخله يوجد مؤسسات”.
وختم رئيس اللجنة النقاش موضحا بأنه يوجد نظام داخلي ينص على أن الشخص إذا كان يوجد في حالة تضارب مصالح يجب أن يغادر منصبه من تلقاء ذاته دون أن يناقش هذه الأمور.