في سياق المبادرة الأطلسية الإفريقية الطموحة التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون بين المغرب والدول الإفريقية، نظمت بمدينة العيون اليوم سلسلة منتدى التفكير والتحليل والنقاش حول موضوع: “المبادرة الأطلسية الإفريقية وإدماج الساحل: تحليل للأبعاد الإستراتيجية الوطنية والإقليمية”.
خبراء ومحللون سياسيون مهتمون بالشؤون الأفريقية أجمعوا في تصريحات مختلفة استقتها “بلبريس” على أن “المبادرة الملكية الاطلسية نحو ادماج لدول الساحل هي مبادرة استراتيجية تنبني علي ثلال اسس :التواصل الانساني،التكامل الاقتصادي و الاشعاع القاري والدولي كما جاء في الخطاب الملكي.
نظم هذا اللقاء جامعه القاضي عياض وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراعنة ومحتبر الابحاث القانونية وتحليل السياسات والمركز الاطاسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الامني والمركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات والمدرسة العليا لتكنولوجيا العيون،
وقدتركزت المداخلات في هذل اللقاء العلمي الاول من نوعه على مقاربة وفراءة ابعاد المبادرة الاطلسية الافريقية وادماج دول الساحل في كل ابعادها الاستراتيجية والاقليمية والدولية.
ورغم اختلاف زوايا المقاربات ، فانها اجمعت ان المبادرة الاطلسية الملكية مبادرة ملكية استشرافية واستراتيجية لإدماج أكثر من 24 دولة اتصبح بذلك قطبا او تكتلا اقتصاذيا وسياسيا وازنا في العالم
وهذه خلاصات بعض المداخلات لبعض الباحثين والخبراء استقاها موقع بلبريس من عين المكان:
د.منار السليمي: المبادرة الأطلسية حققت نتائج إيجابية للمغرب بينما وضعت الجزائر في موقف صعب
اعتبر عبد الرحيم المنار السليمي، أستاذ الدراسات السياسية والدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “مبادرة الأطلسي الإفريقي تشكل نقط تحول داخل المحيط الإقليمي”، موضحا أنها “تعطي للمحيط الأطلسي هوية أطلسية وتفتحه على المحيط الأطلسي لأمريكا الشمالية والمحيط الأطلسي لأمريكا الجنوبية والمحيط الأطلسي لأوروبا، ولكي نفهم أن المبادرة الملكية هي تحول كبير لأنها تعجل من المحيط الأطلسي فضاء جديد للعلاقات الدولية”.
ورأى السليمي في تصريح لجريدة “بلبريس”، أن الخطابات الملكية كانت مضمونها منذ سنوات أن المغرب هو بوابة إفريقيا وأن الأقاليم الجنوبية ستكون هي المنطلق، فجاء النموذج التنموي ليتم الإعلان عن المبادرة الأطلسية الإفريقية وإدماج دول الساحل.
واوضح الخبير السياسي أنه “ولكي نفهم هذه المعطيات فالمغرب منذ أن قدم المقترح الذاتي للتفاوض للأمم المتحدة في سنة 2007، بدأ في سنة 2009 في بناء المبادرة الأطلسية ولما اكتملت أعلن عنها الخطاب الملكي في ذكرى المسيرة الأخيرة، ومعنى هذا أن هناك العديد من الأمور حسمت وأن هناك تحول كبير في المنطقة فاجأ الجزائريون الذين لم يكونوا واعين بهذه المسألة حينما كان المغرب يمد يده لهم، بل كانت تطمح إلى عزل المغرب إقليميا”، واستطرد السليمي قائلا “لكن بهذه المبادرة المغرب هو الذي عزل الجزائر”.
“لهذا نفهم سبب طلب الأمريكيين الداعمين لهذه المبادرة والطلب الإسباني وكذلك الطلب الفرنسي ومجموعة من الدول التي تعرف أن المحيط الأطلسي الذي ظل مهمشا للعلاقات الدولية، وهو الآن منطقة فضاء حيوي ستجري فيه كل التحولات الاقتصادية والجيواستراتيجية وجيوسياسية القادمة حيث ستجري في المحيط الأطلسي الإفريقي انطلاقا من المبادرة الإفريقية”. وفق منار السليمي.
د.ميلود بلقاضي: المبادرة الأطلسية الإفريقية مبادرة ملكية استشرافية واستراتيجية لإدماج أكثر من 24 دولةافريقية
اعتبر د.ميلود بلقاضي رئيس المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية أن “المبادرة الأطلسية الإفريقية لإدماج دول الساحل مبادرة ملكية ستكون لها تداعيات متعددة وطنيا وجهويا وقاريا ودوليا”.
وحسب تصريح د.بلقاضي لموقع “بلبريس”، فإنه على الصعيد الوطني سيصبح للمغرب واجهة متوسطية، تعد صلة وصل بين المغرب وأوروبا، وواجهة اطلسية ستشكا بوابة المغرب نحو افريقيا ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي”،
أما إفريقيا، يضيف الخبير السياسي، فأن المبادرة ستعمل كما قال الخطاب الملكي على تقوية التواصل الإنساني بين دول المحيط وتكاملها الإقتصادي وإشعاعها القاري والدولي.
وفي الجانب الدولي، قال الدكتور بلقاضي إن المباردة الأطلسية الملكية ستجعل من دول الساحل قطبا إقتصاديا هاما سيوفر أولا الخدمات، ثانيا البنيات التحتية، وثالثا التنمية البشرية والاقتصادية.
وأضاف المتحدث ذاته، “تُعتبر المبادرة الملكية مبادرة فريدة من نوعها في العالم، كونها مبادرة تتوفر على كل شروط النجاح وضمان العيش الكريم لشعوب دول المحيط، بل إن المبادرة الملكية تبقى مبادرة متقدمة جدا تخدم دول المحيط وتجعلها دول نامية مندمجة وقادرة على هيكلة فضاء جيوسياسي افريقي جديد”.
وفسر بلقاضي أن “اجتماع وزراء خارجية الدول المعنية جاء لدعم هذه المبادرة وتفعيل مخرجات اجتماع مراكش”، مستطردا في الوقت نفسه، أن “هذه المبادرة الملكية أصبحت تلقى الدعم من عدة دول من بينها دعم رئيس الحكومة الإسباني ورغبته الإندماج في هذا الفضاء الاطلسي لاندماج اسبانيا في الفضاء المتوسطي”.
بل ان المبادرة الاطلسية التي اطلقها جلالة الملك نالت اهتمام حتى القوى العظمى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية . حيث نظمت وزارة الخارجية الأمريكية بتنسيق مع سفارة المملكة المغربية بواشنطن لقاء حول مستجدات الشراكة من أجل التعاون الأطلسي، ’’المبادرة الأطلسية ’’ بحضور 39 من سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية الأعضاء في هذه المبادرة.
وخلال هذا اللقاء، الذي انعقد بمقر سفارة المملكة بالعاصمة الامريكية واشنطن، استعرض سفير صاحب الجلالة، يوسف العمراني، الدور الفعّال الذي تقوم به المملكة من أجل تعزيز مجال أطلسي مستقر، ومزدهر، ومندمج يساعد على تحقيق تحول اقتصادي واجتماعي للمنطقة قاطبة.
وتعد الشراكة من أجل التعاون الأطلسي مبادرة أطلقها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن في 18 شتنبر 2023، على هامش أشغال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، كمنتدى متعدد الأطراف يدشن لحقبة جديدة في التعاون الإقليمي. ومنذ انطلاقة هذه الشراكة، تم عقد العديد من الاجتماعات رفيعة المستوى أسفرت عن اعتماد إعلان التعاون الأطلسي ووضع خطة عمل.
د.محمد غالي: المبادرة الأطلسية ضرورية لاندماج الدول الإفريقية
محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أكد على أن “المبادرة الأطلسية تحتاج إلى نوع من التدقيق والتمحيص حتى يستوعب الآخرون أهميتها الجيوسياسية والاستراتيجية على اعتبار أن هاته المبادرة تشمل أربع دول إفريقية وهي الصومال والنيجر وبوريكينا فاسو والتشاد كدول إفريقية لا تتوفر واجهة ساحلية من أصل 16 دولة افريقية”.
وقال الغالي في تصريح لجريدة “بلبريس”، “مادمنا نتحدث عن فضاء للتعاون والشراكة والاندماج الإفريقي، فواهم من يعتقد أن الإندماج يمكن أن يتحقق في ظل العزلة وفي ظل نوع من اللاعدالة البحرية لهذه الدول التي لا تتوفر على الواجهة البحرية”.
وأضاف المحلل السياسي، “ونعي جيدا أن التجارة العالمية تمر عبر الممرات والواجهات البحرية وهذا يعني بأن بقاء هاته الدول في عزلتها سيحرمها من حركية الأشخاص ورؤوس الأموال، مما لن يساعدها مرة أخرى على أن تحقق أرقاما على مستوى التنمية والنمو، وبالتالي التوغل في عوامل الفقر والبطالة والهشاشة وأن تكون هناك ظواهر الإرهاب والهجرة السرية وتجارة البشر (..) وغير ذلك من المشاكل الأمنية التي يعاني منها العالم.
وتابع الغالي القول: “كما لا يمكن أن ننسى أن هذه الدول دول مقلقة ومزعجة بسبب معدلات الفقر والتي لا تساعد أن يكون داخلها نوع من الاستقرار الذي يجعل المجتمع الدولي غير مرتاح وتجعل الدول غير مشجعة أن تعمق علاقاتها معهم”.
لذلك فمبادرة الملك محمد السادس، حسب المتحدث ذاته، هي مبادرة مستوعبة لكل هذه العوامل الجيوسياسية ومستوعبة حتى للتحولات المستقبلية على اعتبار أن ممر البحر الأحمر وقنوات السويس لم تعد آمنة للشكل الذي كانت عليه.
د.عبد الفتاح نعوم: هذه المبادرة هي واحدة من أهم المبادرات التي تبين الأهمية القصوى التي يوليها الملك للقارة الإفريقية
ومن جانبه صرح عبد الفتاح نعوم، المحلل والباحث في العلوم السياسية لجريدة “بلبريس”، قائلا: إن “هذه المبادرة هي واحدة من سلسلة المبادرات التي تبين الأهمية القسوى التي يوليها الملك محمد السادس للقارة الإفريقية وخاصة فيما يتعلق بمعالم نهضتها الكبرى التي تحتاج من درجة أساسية إلى عاملين أساسيين”.
واعتبر نعوم أن “العامل الأول الذي تحتاج إليه القارة الإفريقية هو نضال خاضه أو يخوضه جلالة الملك من منطلق الترافع عن القضية وعن القارة الإفريقية في المحافل الدولية”، مشيرا إلى أن “هذا الترافع قوامه تبليغ مفهوم العالم نحو القارة الإفريقية باعتبارها منبع للفرص وليس للتهديدات”.
والجانب الثاني، حسب نعوم “هو الآليات الإجرائية من المنطق الجيوسياسي وتنطلق من أن القارة الإفريقية، إذ لا بد لها من آليات وأدوات الصعود، فكانت هناك اجتماعات للدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي وذلك بعد المسار الطويل من المفاهيم التي ابتكرتها الدبلوماسية المغربية المرتبطة بتنمية الجنوب، وبدينامية الجنوب، وانطلاق الجنوب، وهيكلة الجنوب الأطلسي، ومجموعة من المفاهيم التي حفلت بها الدبلوماسية المغربية وكان المرشد إليها هو خطب جلالة الملك”.
وعن مضامين الندوة العلمية المنظمة بمدينة العيون حول المبادرة الأطلسية، فقد أكد نعوم، أن “هذه الندوة تشكل فرصة لتثمين وإبراز الأبعاد الجيوسياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية وحتى البيئية من منطلق علمي أكاديمي يجعل الجامعة المغربية وفاعيليها وباحثيها في قلب التثمين والدراسة والبحث والمواكبة لهذا الحدث الكوني الهام الذي يجعل القارة الإفريقية في موقعها الطبيعي والحقيقي الذي تستحقه وهو الريادة والصدارة بتوقيع مغربي”.
ذ.محسن الجعفري: مبادرة الأطلسي هي مبادرة تكميلية للنموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية
اعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي بجامعة محمد الخامس محسن الجعفري، في تصريح له لـ”بلبريس”، أن “المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء المظفرة، مبادرة تكميلية للنموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية”.
وبحسب الجعفري فقد “شكل هذا النموذج أرضية وبنية أساسية لتحديث البنى التحتية وكذلك بنيات الإنتاج داخل الأقاليم الجنوبية وتوفير كل شروط النجاح الإقتصادي لهذه المنطقة، ما شكل رافعة وحافزا للتفكير في منطق يشكل إطارا جيوسياسيا وإطارا إقليميا فاعلا لخلق الثروة”.
ونوه المتحدث ذاته بإدماج دول الساحل ضمن هذه المقاربة والتي تعبتر الدول الأقل نموا في القارة الإفريقية، وذلك عبر فتح بوابة الأطلسي لتنشيط التجارة البينية بين المغرب وهذه الدول وفتح آفاق التجارة في السياق الأطلسي الشامل”.