المغرب يحتضن حدثا دوليا وافريقيا: الدورة الثامنة من القمة الإفريقية للحكومات المحلية (أفريسيتي)

د.ميلود بلقاضي

تحتضن مراكش الحمراء الأسبوع المقبل حدثا تاريخيا متميزا ذا أبعاد دولية وافريقية هامة يتمثل في احتضان أشغال الدورة الثامنة للقمة الافريقية للحكومات الافريقية المحلية (أفريسيتي)بمراكش من 20 الى  24  نونبر في موضوع له أهميته وراهنتيه والمعنون ب: »الانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة :   دورالجماعات الترابية  الافريقية.

سياق عقد اللقاء الدولي الافريقي بالمغرب : يتميز سياق تنظيم الدورة الثامنة من القمة الافريقية  للحكومات الافريقية بمراكش بالعودة القوية للمغرب لعمقه الافريقي نتيجة السياسة الملكية الاستراتيجية التي ينهجها جلالة الملك محمد السادس. سياسة ملكية استراتيجية متوازنة بالنسبة للسياسة الداخلية وللسياسة الخارجية. بالنسبة للسياسية الداخلية يراهن جلالته على الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي للمغرب.  اما بالنسبة للسياسة الخارجية يراهن جلالته على تأمين  حاضر ومستقبل الشعوب والدول الافريقية  بهدف تحريرها من التبعية الغربية واستغلال امكانياتها ومواردها البشرية والطبيعية والجيو سياسية  نحو تحقيق قارة افريقية موحدة  نامية ومندمجة وصاعدة ومتموقعة في نظام دولي شرس واقطاب قارية قوية.

ومن الصدف ان تحتضن المملكة المغربية هذا الحدث الدولي والافريقي الهام مباشرة بعد المشاركة  اللافتة والمتميزة  لجلالة الملك الى جانب رؤساء الدول العظمى بالعالم والوقوف الى جانبهم بالصف الأول : رؤساء الولايات المتحدة الامريكية وروسيا والمانيا وفرنسا وكندا بمناسبة احتفالات الذكرى المئوية لهدنة 11 نونبر 1918 بباريز تكريما للجنود المغاربة الذين ناضلوا من أجل نصرة قيم الحرية والسلام خلال الحرب العالمية الأولى من جهة  ، ومن جهة أخرى  توجيه رسالة قوية موجهة للمجتمع الدولي عن التزام المملكة المغربية بقيم السلام والاستقرار في العالم.

كما يميز سياق احتضان المغرب أيضا  لهذا الحدث الكبير بمؤشرين هامين آخرين: أولهما الاحتفاء بمرور 20 سنة على تأسيس منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا. ثانيهما تنظيمها سنتين على انعقاد قمة فرنسا/ إفريقيا ، والتي من المقرر عقدها في عام 2020.

 

دلالات عقد اللقاء بالمغرب: تنظيم الدورة الثامنة للقمة الافريقية للحكومات الافريقية بالمغرب بحضور اكثر من  5000 مشاركا من 2500 مدينة افريقية و750 عمدة و500 متدخلا و35 وزيرا، هو اعتراف  افريقي ودولي بالمكانة التي يحتلها المغرب في العمق الافريقي، ورهان قادة وشعوب القارة الافريقية على المغرب كدولة قارية ودولية صاعدة اصبح نموذجا على اكثر من مستوى  للدول الافريقية لترسيخ سياسة عمومية محلية وجهوية اندماجية وتنموية ووحدوية تؤمن حاضر ومستقبل إفريقيا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وتنمويا للتموقع في النظام الدولي والاقطاب القارية التي أصبحت من الأهداف الثابتة في السياسة التي ينهجها صاحب الجلالة  إقليميا ودوليا.

 

 أهمية ودلالات موضوع اللقاء : اختيار منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية، الانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة : ” أي دور للجماعات الترابية الإفريقية ” موضوعا للدورة الثامنة من القمة الإفريقية للحكومات المحلية (أفريسيتي)، التي ستنظم من 20 إلى 24 نونبر المقبل بمراكش، هو اختيار له قيمته العلمية والفكرية ودلالاته السياسية الهادفة  لنهج سياسات عمومية محلية وجهوية بالمدن الافريقية لتحقيق تنمية حقيقية ومستدامة تلعب فيها الجماعات المحلية والجهوية المحلية الافريقية الدور المحوري لتقوية ولتعزيز الدور الفعلي للحكومات المحلية الإفريقية في مسلسل الاندماج الإفريقي من أجل تنزيل أجندة 2063 لإفريقيا والتي تراهن على معادلة إرساء قيم السلم والاندماج  والتنمية والوحدة الإفريقية بدل الحروب الاهلية والتخلف والتمزق.

أهداف اللقاء الافريقي: الأكيد ان موضوع اللقاء وبرنامجه العام ونوعية المدعوين والمحاضرين والمشاركين في اللقاء يحدد أهدافه التكتيكية والاستراتيجية .تكتيكيا يعتبر فرصة لإسماع صوت الجماعات المحلية، وإحراز تقدم في مسلسل اللامركزية بهف تحسين المعيش اليومي للساكنة المحلية ،والبحث جماعيا عن انجح السبل لجعل السياسات المحلية في خدمة الساكنة المحلية لترسيخ رهان اللامركزية . استراتيجيا تحقيق الاندماج الافريقي الشامل وفق اجندة 2063 لإفريقيا عبر تبادل التجارب والخبرات بهدف تعزيز اللامركزية بالجماعات الترابية الإفريقية.

كما يروم موضوع الدورة الثامنة ل “أفريسيتي” تحديد الاستراتيجيات الملائمة وتطويرها بغية تحسين ظروف عيش الساكنة على المستوى المحلي والجهوي بهدف إرساء قيم السلم والاندماج والتكامل والوحدة الإفريقية عبر تقييم موضوعي  ومناقشة استباقية للمخطط المستقبلي الافريقي المتعلق بأجندة أفريقيا 2063 التي وضع اطارها العام الاتحاد الإفريقي سنة 2013.

جدول أعمال غني وبراكماتي للقاء:  ستنكب مداخلات وعروض اللقاء حول الاستراتيجيات والسياسات والبرامج ومخططات العمل المرتبطة بتدبير الشأن المحلي بالجماعات والمدن الافريقية ، مع تداول مواضيع اخرى هامة وحساسة لمستقبل شعوب ودول افريقيا من أهمها: التحديات الاقتصادية والاجتماعية، التحولات السكانية والديموغرافية، التحديات الإيكولوجية والطاقية ، التحديات التقنية والتكنولوجية الحديثة خاصة المرتبطة بالاتصال والمعلوميات ، التحديات المعرفية والعلمية، التحديات الأمنية والارهاب، تحديات ترسيخ الديمقراطية المواطنة تحديات الشغل والشباب  الخ .كل هذه المواضيع تبقى هامة وحاسمة في أفق الرؤية المستقبلية الاجندة الافريقية لسنة 2063 التي وضعها الاتحاد الإفريقي، منذ سنة 2013 عبر جدولة  100 جلسة عمل التي من المرتقب أن يحضرها 5000 مشاركا  2500 ممثلا لمدن افريقية  و750 عمدة و500 عارضا و35 وزيرا ومسؤولا منتمين لمدن وجماعات وجهات افريقية إلى جانب خبراء دوليين آخرين من العالم لتبادل وجهات النظر حول حاضر ومستقبل إفريقيا وكيفية جعلها قطبا اقتصاديا صاعدا له تداعيات مباشرة على عيش المواطن.

يشار إلى أن المؤتمر وحسب مصادر مسؤولة ستوزع إلى ثلاثة فضاءات: أولها فضاء الجلسات الموضوعاتية  التي ستعمق التفكير في موضوع الانتقال نحو المدن والمناطق المستدامة، فضلا عن بلورة سياسات واستراتيجيات الجماعات الترابية الإفريقية من أجل الإجابة عن حاجيات الساكنة. ثانيها فضاء الجلسات المفتوحة التي ستركز على مختلف شبكات السلطات المحلية الإفريقية والمؤسسات والمنظمات الراغبة في العمل مع السلطات الترابية الإفريقية من تقديم مقترحاتها والمساهمة في التفكير.ثالثها فضاء الجلسات السياسية التي تلخص المؤتمر، وتتضمن لقاءات سياسية بين العمداء وممثلي السلطات الترابية، والوزراء والشركاء في التنمية، ولقاءات وحوارات بين العمداء والوزراء ومختلف الفاعلين في مجالات التنمية المستدامة،  وبالموازاة مع ذلك، سينكب المشاركون في هذا اللقاء على مناقشة بعض المواضيع الراهنة على المستوى الدولي في مقدمتها  كيفية الاحتفال بيوم الهجرة الذي يتزامن مع 21 نونبر، ويوم المناخ (22 نونبر) ويوم التخطيط الحضري وتنمية التراب 23 نونبر.

الأكيد ان هذا اللقاء الدولي الافريقي ستدبره المملكة المغربية بنفس الروح البناءة التي أعلن عنها خطاب صاحب الجلالة بأديس أبابا بمناسبة القمة 29 لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي بقوله

» ان المغرب يريد  أن يساهم في إقلاع إفريقيا جديدة : إفريقيا قوية وجريئة، تدافع عن مصالحها ؛ وإفريقيا مؤثرة على الساحة الأممية.فمن أجل تحديد معالم إفريقيا الجديدة هذه، يتعين علينا التحرر من كل الأوهام. فإفريقيا الجديدة التي نتطلع بشغف إلى تحقيقها، لابد أن تنطلق من نظرة ملموسة وواقعية، بإمكانها أن تفرز قارة إفريقية مبادرة ومتضامنة. «  مضيفا جلالته : »إن إفريقيا اليوم توجد في مفترق الطرق، ويجب علينا أن نختار أنجع السبل الكفيلة بالدفع بها إلى الأمام. ففي هذه الآونة، تتزايد الرهانات التي تواجهها قارتنا، كتعدد الفاعلين غير الحكوميين، مما يتسبب في خلق عدم وضوح الرؤية، وتهديدات الإرهاب العابر للحدود، والتطرف العنيف، إضافة إلى الآثار الناجمة عن الاحتباس الحراري. فأمام هذه التهديدات الجديدة المحدقة بقارتنا، لا بد للاتحاد الإفريقي من مباشرة تطوره، حتى يتمكن من إيجاد أجوبة مناسبة ومجدية«

 استاذ التعليم العالي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. اكدال الرباط


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.