يبدو أن المندوب الاتحادي للمقاومة مصطفى الكثيري يعيش آخر أيامه على رأس المندوبية السامية للمقاومة التي عمر فيها لأزيد من 20 سنة، حتى أصبح يعتبرها ضيعة في ملكيته الخاصة دون أي رقيب أو رادع له، حيث أصبح متفننا لدرجة السادية المرضية في إصدار قرارات غريبة وغير مسبوقة في تاريخ الإدارة المغربية، والتضييق على الأطر والموظفين، لعله ينجو من مقصلة الإعفاء أو الإقالة خلال الولاية الحكومية الحالية أو حتى حل هذه المؤسسة التي لم يعد لوجودها داعي من الأساس.
فلأول مرة في تاريخ المغرب وجه المندوب السامي الاتحادي خلال شهر غشت وشتنبر استفسارات إدارية لأزيد من 50 موظفا داخل المندوبية تحت ذريعة عدم التقيد بتعليمات المندوب السامي خلال احتفالات ثورة الملك والشعب كأنها كتاب مقدس غير قابل للنقاش أو التغيير، حيث أكدت مصادر موثوقة من داخل الإدارة المركزية بالرباط أن المثير للاستغراب في هذا السلوك السلطوي الديكتاتوري ليس عدد الاستفسارات الموجهة وخلفياتها الانتقامية بل كذلك أن تلك الاستفسارات تحكمت فيه المحاباة والعلاقات الشخصية وليس الكفاءة، إذ أكدت نفس المصادر أن عددا من المندوبيات الجهوية والفضاءات المتحفية على المستوى الوطني لم توجه إليها استفسارات مثل بعض الفضاءات المتحفية بالمنطقة الشمالية وبالجنوب وأيضا مندوبيات ابن امسيك والمحمدية والمندوبية الجهوية بالدار البيضاء لأن العلاقات المشبوهة التي تجمع رئيس مصلحة الدراسات التاريخية وبعض المندوبين الجهويين والمشرفين على الفضاءات المتحفية كفيلة بالتغاضي وغض الطرف.
وبالإضافة إلى فضيحة الاستفسارات فإن المندوبية السامية للمقاومة تعيش خلال الآونة الأخيرة على وقع فضائح أخرى يندى لها الجبين خاصة مع خروج ملفات خطيرة إلى الصحافة الوطنية وتخبط تدبيري وتسييري بسبب الطريقة التي يدبر بها مندوبها السامي الاتحادي الخالد في منصبه مصطفى الكثيري هذه المؤسسة التي خلقت لرعاية الشؤون الاجتماعية لأسرة المقاومة وجيش التحرير بدل رعاية المصالح الشخصية وتوفير التعويضات السمينة للتنقلات والأسفار والكلمات الجوفاء للمندوب وحاشيته المستفيدة من الوضع الكارثي التي تعيشه مندوبية المقاومين.
فقد أكدت لنا مصادر مطلعة داخل الإدارة المركزية للمندوبية بالرباط أنه خلال شهر غشت تم اعتقال الموظف (إد.ب) وهو مندوب إقليمي سابق ومسؤول إداري بمندوبية المقاومة بالدار البيضاء من طرف الدرك الملكي بتهم ثقيلة تتعلق بالنصب والاحتيال والتزوير في محاضر بنكية، حيث كان يمارس نشاطا تجاريا مشبوها بالموازاة مع عمله في الوظيفة العمومية وهو ما أدى إلى تورطه وإيداعه بسجن عكاشة في انتظار محاكمته. وقد أكدت لنا نفس المصادر الموثوقة بأن واقعة قيام موظف عمومي بمندوبية المقاومة بنشاط تجاري لم تكن في علم مسؤولي المندوبية على المستوى المركزي، لكن نفس المصادر أكدت أن هناك علامات استفهام كبيرة حول ما إذا كان المندوب الجهوي للمقاومة بالدار البيضاء على علم بالنشاط التجاري المشبوه لهذا الموظف المعتقل، وكان يقوم بالتغطية عن ذلك لأسباب مجهولة أو بسبب مصالح مشتركة ماديا، خاصة أن هذا الموظف المعتقل كانت تربطه علاقات خاصة جدا بالمندوب الاتحادي الكثيري الذي سبق وأن سافر معه إلى ستوكهولم في رحلة سياحية من تدبير نفس الموظف المعتقل تحت غطاء مهمة رسمية.
فهذه الواقعة حسب مصادرنا داخل الإدارة المركزية ما هي إلى شجرة تخفي الكثير من الحالات المشابهة لموظفين أشباح يشرفون اسميا على ما يسمى كذبا وبهتانا بالفضاءات المتحفية وفي نفس الآن يمارسون أنشطة تجارية بالمدن التي يشتغلون بها ولهم مشاريع تجارية موازية في غياب أي مراقبة أو تتبع من لدن المندوب الاتحادي والمندوبين الجهويين الذين لا هم له سوى تمطيط عمر هذه المؤسسة التي انتهت مدة صلاحيتها وانتفت أسباب وجودها.
وأفادت نفس المصادر الموثوقة داخل الإدارة المركزية أن هناك العديد من الملفات الخطيرة والفضائح الإدارية المسكوت عنها بعدد من المندوبيات الجهوية والإقليمية، وهو ما يثبت بالملموس أن الفساد الإداري والمالي قد استشرى بمندوبية المقاومة من رأسها الاتحادي الخالد إلى أصغر موظف بها. وتوقعت مصادرنا أنه في الأيام القليلة المقبلة ستخرج إلى العلن ملفات أخرى تتعلق بأعوان وموظفين متقاعدين يتوصلون بتعويضات مالية ضخمة من الإدارة المركزية وبأوامر مباشرة من الكثيري عن طريق عدد من المندوبين الجهويين، بالإضافة إلى استشراء حالات الرشاوي داخل الإدارة المركزية والابتزاز المالي للموظفين، وهو ما يؤكد أن خروج هذه الملفات سيطيح بالعديد من رؤساء الأقسام والمصالح والمندوبين الجهويين المتورطين في ملفات فاسدة ولعل أول من يجب أن يتم إعفاءه هو مندوبها الاتحادي الذي انتهت مدة صلاحيته ومازال يستفيد من حماية عرابه الحزبي إدريس لشكر الكاتب العام للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يحمي فساده الإداري، وحان وقت تعيين مندوب سامي جديد في مكانه انسجاما مع التوجهات الملكية السامية أو حل المؤسسة وإدماج موظفيها وأطرها في قطاعات حكومية أخرى خاصة في ظل سياق سياسي وحكومي جديد يتطلب من رئيس الحكومة الجديد عزيز أخنوش إحداث تغيير جذري بهذه المؤسسة الوطنية.