أخنوش رئيس التجمع الوطني الاحرار بين رئاسة الحكومة واكراهات تشكيلها

تمكن عزيز اخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ان يحقق انتصارا تاريخيا استثنائيا في تاريخ المغرب السياسي المعاصر، بهزمه حزب العدالة والتنمية بشكل ديمقراطي بعد ان فشلت باقي الأحزاب وخصوصا حزب الأصالة والمعاصرة من هزمه، رغم ما سخر له من إمكانيات سنة 2016. انتصار عزيز اخنوش في انتخابات 8 شنتبر كان كمًّا وكيفًا ،مهد له الطريق لرئاسة الحكومة المقبلة.

وفي هذا الصدد جاء استقباله من طرف جلالة الملك وتكليفه بتشكيل الحكومة وفق ما ينص عليه الفصل 47 في مدة قصيرة بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات.

دلالات سرعة استقبال وتكليف جلالة الملك لعزيز اخنوش

سرعة استقبال جلالة الملك لعزيز اخنوش وتكليفه بتشكيل الحكومة ليست اعتباطية، بل لها دلالة عميقة تجسد إرادة جلالة الملك بعدم هدر الزمن السياسي استجابة لرغبة المغاربة في التغيير، خصوصا في ظل تداعيات جائحة كورونا والإرث الحكومي الاجتماعي والاقتصادي الثقيل الذي ورثه اخنوش عن رئيس الحكومة السابق العثماني.

كل الظروف الذاتية والموضوعية في صالح اخنوش المكلف بتشكيل الحكومة 

النتائج العامة التي افرزتها انتخابات 8 شتنبر جاءت كلها في خدمة اخنوش الذي لن يجد أي صعوبة في تشكيل الحكومة قبل الدخول البرلماني المقبل ، لكون النتائج المحصل عليها من طرف الأحزاب الكبرى مرتفعة ومتقاربة في الكم :حزب التجمع الوطني للاحرار 102 مقعدا والاصالة والمعاصرة 87 مقعدا الاستقلال 81 مقعدا . نتائج هذه الأحزاب الثلاث تمنح عزيز اخنوش اغلبية جد مريحة ب 270 مقعدا برلمانيا من 395 مقعدا برلمانيا العدد الذي يتشكل منه مجلس النواب، اذا ما قرر اخنوش تشكيل الحكومة من هاته الأحزاب الثلاث لتكون حكومة مصغرة ، وهي ممكنة للتشكل من الغد ، ولها اغلبية برلمانية جد مريحة تستجيب لمضمون الفصل 88 من الدستور الذي ينص :’’بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه. ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية.
يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب.
تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي. ‘’


لكن تشكيل الحكومة من الأحزاب الثلاث الأولى أي حزب التجمع الوطني للأحرار والاستقلال والاصالة والمعاصرة فيها بعض المخاطر تتمثل ان حكومة اخنوش لن يكون لها معارضة بالبرلمان خصوصا بعد ان اصبح حزب العدالة والتنمية مجموعة نيابية ، ولا يتوفر على فريق برلماني الذي يتطلب 20 مقعدا برلمانيا.
لذى، فمن المنطق السياسي لن يشكل اخنوش حكومة من الأحزاب السياسية السابقة الذكر اي احزاب التجمع الوطني للأحرار والاستقلال والاصالة والمعاصرة ، والا فسيقود حكومة بدون معارضة وهو ما يتعارض و الفصل 60 الذي جعل المعارضة مكونا أساسيا في المجلسين، وتشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة.
وانطلاقا من هذا المعطى ،سيتجه اخنوش تشكيل حكومته وامامه عدة سيناريوهات في اقرب وقت أي قبل افتتاح الملك البرلمان الجمعة من الاسبوع الثاني من شهر أكتوبر .

السناريوهات الممكنة امام اخنوش لتشكيل الحكومة

اكيد ان اختوش رئيس الحكومة المكلف لن يجد صعوبة في تشكيل حكومته لانه اصبح الرجل القوي بالمشهد السياسي يمتلك سلط المال والسلطة والقرب من السلطات العليا،بعد تحقيق هدفه اذلال حزب العدالة والتنمية وجعل حزبه القوة الأولى
سيتبع نفس الخطوة في تشكيل حكومة مصغرة منسجمة وفعالة تستجيب لتحديات الاختلالات الاجتماعية والاقتصاديةالتي فرضتها جائحة كورونا وورثها عن حكومتي بنكيران والعثماني مع التسريع في تنزيل النموذج التنموي الجديد.

حكومة مشكلة من ثلاث او اربع أحزاب دون التفكير في الأحزاب الأخرى او المجموعات النيابية التي ستساند اخنوش في البرلمان لخدمة مصالحها الضيقة.

السيناريو الأول:

حكومة مشكلة من أحزاب التجمع والاستقلال والاتحاد الاشتراكي، هذه التشكيلة لها اغلبية برلمانية مريحة ب 218 برلمانيا ، كما يمكن اضافة الحركة الشعبية الى هاته المجموعة .وان كان هذا السيناريو سيخلق بعض المشاكل بين حزبي الاستقلال والتجمع، لانهما سيختلفان حول بعض الحقائب لكونهما يتوفران على نفس البروفيلات، لكن ثقافة اخنوش وبركة ستنصر في نهاية المطاف لإيجاد حل وسط بينهما .

لكن نزار بركة يمكن ان يواجه مشكلا داخليا اذا ما قبل المشاركة في الحكومة مع الرجل القوي داخل حزب الاستقلال حمدي ولدالرشيد الذي سيتشبث بفرض احد افراد عائلته للاستوزار والا انه سيعقد مهام نزار بركة في التفاوض مع اخنوش.

ونشير -هنا- ان مشاركة نزار بركة في حكومة اخنوش تبقى واردة لان خطابه في الحملة الانتخابية في خرجاته كان مرنا قويا وبعيدا عن العنف والتشهير اتجاه اخنوش وحزبه عكس خطابات وخرجات بنعبد الله ووهبي.

وفي هذا السيناريو سيصطف حزب الاصالة والمعاصرة في المعارضة ، وهو امر صعب للحزب الذي لن يقبل البقاء في خارج تشكيلة الحكومة ،وفي هذه الحالة يمكن ان يتصدع الحزب ، وتدعو اجهزته لمؤتمر استثنائي لإزالة وهبي وتشكيل قيادة جديدة يمكن ان تشارك في حكومة اخنوش في اول تعديل حكومي ممكن .

وهذا ما يفسر الاجتماع الاستثنائي للمكتب السياسي لحزب الاصالة والمعاصرة بقبول الحزب المشارك في حكومة اخنوش قبل توصله بأي عرض من هذا الأخير .

السيناريو الثاني:

تشكيل الحكومة من أحزاب التجمع والأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية ودفع حزب الاستقلال للمعارضة ، لان اخنوش لا يريد تشكيل حكومته من الأحزاب الثلاث الأولى التجمع والبام والاستقلال، لان حكومته لن تجد امامها معارضة قوية بعد ان اصبح حزب العدالة والتنمية مجموعة نيابية.

وفي عالم السياسة قوة الأغلبية الحكومية تتحدد من وجود معارضة قوية بالبرلمان.

وهناك سيناريوهات أخرى ممكنة، لكن أهمها يبقى استحالة تشكيل اخنوش حكومة من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والاصالة والمعاصرة والاستقلال لانه سيجد نفسه امام برلمان بدون معارضة، ويمكن ان تخلق له بعض المتاعب خصوصا مع السياسي المشاكس وهبي .

في كل الحالات ، سيجد عزيز اخنوش رئيس الحكومة الجديد امام تحديات كثيرة وواقع عنيد ونخب انتهازية ومؤسسات شكلية ، خصوصا بعد الخطاب الملكي الأخير الذي اكد إن الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية ، تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن.