امام المملكة المغربية فرصة تاريخية- اليوم- لحسم ملف مغربية الصحراء خلال ولاية ترامب الثانية، وذلك بالحسم في سبع نقط محورية ندرجها كالتالي: .
1- التسريع بإخراج ملف الصحراء المغربية من اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار:
لا يوجد اليوم أي مبرر ذاتي أو موضوعي لإبقاء ملف الصحراء ضمن أجندات اللجنة الرابعة، في ظل المتغيرات التي عرفها هذا الملف وطنيًا ودوليًا، خصوصًا أن المغرب هو من طالب بذلك سنة 1963 لمواجهة الاستعمار الإسباني آنذاك. واليوم، مع الاعتراف الأمريكي، واعتراف كل من الدولتين الإسبانية والفرنسية بالحقيقة التي كانتا تعلمانها دائمًا -وهي أن الصحراء أرض مغربية بلا منازع- فإن المنطق السياسي يفرض إخراج هذا الملف من أجندات اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة. فاعتراف كل من إسبانيا وفرنسا بمغربية الصحراء له أهميته التاريخية الكبرى والحاسمة في الجانب الترافعي عن قضيتنا الوطنية، إذ إن غياب ذلك الاعتراف سابقًا هو ما أدى إلى بقاء القضية الوطنية معروضة أمام اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة. علماً أن الدولة الإسبانية تملك العديد من الوثائق التي تؤكد أن أراضي الصحراء جزء لا يتجزأ من الأراضي المغربية، وكذلك الأمر بالنسبة لفرنسا التي كانت موجودة في الأراضي المجاورة شرق المملكة المغربية منذ مغادرة الدولة العثمانية سنة 1830 وحتى تاريخ إعلان استقلال الدولة الجزائرية سنة 1962.
وعليه، ما دام المغرب هو من بادر إلى عرض قضية أراضيه الصحراوية على الأمم المتحدة لتسجيلها كأراضٍ محتلة من طرف الدولة الإسبانية -وليس المغرب كما يروج لذلك أعداء الوحدة الوطنية، فقد حان الوقت لإخراج الملف من أجندات اللجنة الرابعة.
وانطلاقًا من هذا المعطى، يتبين إذن أن أقاليمنا الصحراوية كانت موضوع نزاع بين المغرب وإسبانيا كدولة محتلة لأراضٍ مغربية منذ النصف الأول من القرن الماضي، ولم تكن قط -تاريخيًا- موضوع نزاع بين المغرب والجزائر أو مع ما يسمى بـ"البوليساريو"، لأن أيًا منهما لم يكن له أي وجود لا فعلي ولا قانوني بمعيار القانون الدولي. بالإضافة إلى أن شعارات النظام الجزائري وصنيعته "البوليساريو" حول تقرير المصير أو الاستفتاء أصبحت متجاوزة في ظل التغيرات والتطورات الجيوسياسية التي عرفها الملف، بل إن قرارات مجلس الأمن تؤكد ذلك.
2- دفع إدارة ترامب لاعتبار جبهة البوليساريو منظمة إرهابية:
جبهة "البوليساريو"، المتواجدة على التراب الجزائري، هي حركة إرهابية تخدم أجندات النظام الجزائري الراعي لها، وهذه حقيقة يعرفها الجميع. وقد اعترف بها وزير الخارجية الأمريكي الحالي قبل تعيينه وزيرًا في حكومة ترامب بشهر، حيث صنّف جبهة "البوليساريو" كحركة إرهابية. وللتاريخ، تجمع عدة تقارير دولية وقارية على أن مخيمات "البوليساريو" بتندوف شكلت ولا تزال تشكل نقطة محورية لمرور وعبور الأسلحة والمال نحو التنظيمات والمجموعات الإرهابية التي باتت تتخذ من الساحل والصحراء حصنًا منيعًا وامتدادًا طبيعيًا مناسبًا لممارسة أنشطتها الإرهابية. كما تؤكد هذه التقارير أن مخيمات الحمادة أصبحت مشتلًا استراتيجيًا للجماعات الإرهابية، ومصدرًا رئيسيًا لتموينها بكل ما يلزمها من الوسائل اللوجستيكية الضرورية للقيام بأعمالها الإرهابية تحت إشراف النظام الجزائري وبدعم منه. وما الأحداث الإرهابية التي شهدتها منطقة الساحل مؤخرًا إلا دليلًا على تورط جبهة "البوليساريو" والنظام الجزائري في العمل الإرهابي.
3- مطالبة الرئيس الأمريكي بتفعيل مضمون المرسوم الرئاسي الذي وقّعه سنة 2020:
قال ترامب في مرسومه: "لقد وقّعت اليوم إعلانًا يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، وأن اقتراح المغرب الجاد والواقعي للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والازدهار!". وتابع قائلاً: "لقد اعترف المغرب بالولايات المتحدة عام 1777، ومن ثم فمن المناسب أن نعترف بسيادتهم على الصحراء الغربية". وأفاد البيت الأبيض بأنه يعتقد أن إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية "ليس خيارًا واقعيًا لحل الصراع".
وعليه، يعد تفعيل مضمون هذا المرسوم الامريكي عاملا حاسما لاعلاق ملف الصحراء بصفة نهائية.
4- الضغط على إدارة ترامب لفتح قنصلية أمريكية بالصحراء لترسيخ الاعتراف الأمريكي:
تقدّر المملكة المغربية المرسوم الرئاسي الذي وقّعه ترامب سنة 2020 والذي يعترف بمغربية الصحراء. واليوم، المغرب متفائل جدًا بأن إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي ترامب سيكون حاسمًا في الطي النهائي لهذا الملف، وذلك بفتح قنصلية أمريكية بالصحراء، تفعيلاً لخطوته الدبلوماسية الجريئة في ديسمبر 2020، حين كتب عبر منصة "إكس": "اليوم وقّعت إعلانًا يعترف بسيادة المغرب على الصحراء"، مما شكل ضربة قوية لجبهة "البوليساريو" وللنظام الجزائري. إن "دبلوماسية القنصليات" هي تعزيز شرعية السيادة المغربية على أراضيها المسترجعة. وترجّح عدة مصادر أن فتح قنصلية أمريكية بالصحراء مسألة وقت، وسيكون نقطة تحول جيوسياسية حاسمة في هذا الملف.
5- إعادة النظر في مهام بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية -مينورسو- MINURSO:
أصبح واضحًا اليوم، في ظل المتغيرات والتطورات التي عرفتها قضية الصحراء المغربية، أنه لم يعد هناك أي مبرر لتجديد تواجد البعثة الأممية التي أُنشئت في أبريل 1991 باعتماد القرار رقم 690 بالصحراء المغربية، بعد اقتناع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي باستحالة تطبيق خيار الاستفتاء أو تقرير المصير، بإقرار من الأمم المتحدة ذاتها التي اقتنعت باستحالة إجراء هذا الحل في ظل الصعوبات المتعلقة بالكتلة الناخبة. في الوقت نفسه، أصبحت تكرّس سمو مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها إطارًا يضمن للصحراويين المغاربة تسيير شؤونهم بأنفسهم في إطار السيادة التاريخية للمغرب على الصحراء. وهذا ما نصت عليه جميع قرارات مجلس الأمن التي كرّست دائمًا سمو مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها أرقى أنواع تقرير المصير. مع الإشارة إلى أن 164 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة لا تعترف بالطرح الانفصالي في الصحراء، وهو ما يمثل 85 في المائة من المنتظم الدولي، في حين أن 112 بلدًا يدعم بشكل صريح مبادرة الحكم الذاتي، بما في ذلك نحو 75 في المائة من بلدان القارة الإفريقية، وغالبية دول الاتحاد الأوروبي والأمريكتين.
6- تقوية الجبهة الداخلية والالتزام بالمنهجية الملكية الداعية للانتقال من التدبير إلى التغيير في ملف الصحراء:
أبرز الخطاب الملكي الأخير أمام مجلسي البرلمان التحول الذي عرفه تدبير ملف الصحراء، حيث انتقل من التدبير التقليدي للملف إلى مرحلة جديدة تتميز بالحزم والاستباقية. هذا الانتقال يحمل في طياته دعوة مباشرة لجميع الفاعلين لتبني مواقف جريئة وشجاعة في الدفاع عن القضية، مع الاعتماد على منهجية واضحة تستند إلى الشرعية الدولية والقانونية. وتأتي الدعوة إلى "أخذ المبادرة والتحلي بالحزم" ضمن سياق استراتيجي أوسع يسعى المغرب من خلاله إلى فرض وجوده كطرف قوي وقادر على فرض شروطه، سواء عبر القنوات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو حتى العسكرية إن لزم الأمر. كما استهدفت هذه الدعوة كل القوى الحية داخل المملكة، بما في ذلك المؤسسات الحزبية والمدنية، لتعزيز موقف المغرب محليًا ودوليًا في وقت انتقلت فيه المملكة من مرحلة "التدبير" إلى دينامية "التغيير".
7- الاستمرار في عزل النظام الجزائري ونهج خطة إعلامية مؤسساتية:
أمام الانتصارات الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك، وبعد الاعترافات الدولية بالسيادة المغربية على صحرائها، أصبح النظام الجزائري أكثر عزلة إقليميًا وقاريًا ودوليًا بعد اقتناع المجتمع الدولي بمناوراته وتكتيكاته التي خرجت من الكواليس إلى الواجهة. العزلة السياسية والدبلوماسية الخانقة التي يمر منها النظام الجزائري جعلته يعاني من حالة تخبط سياسي نتيجة الانتصارات الدبلوماسية والسياسية التي يعرفها النزاع الإقليمي المفتعل في الصحراء المغربية، مما دفعه إلى ارتكاب أخطاء قاتلة في العلاقات الدولية، آخرها بيان رئاسة مجلس الأمة الانتحاري تجاه فرنسا بعد زيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي للعيون الأسبوع الماضي، التي سبقتها زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية للصحراء في إطار تفعيل الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على صحرائها. لكن خطة عزل النظام الجزائري دوليًا وقاريًا تتطلب تأطيرها باستراتيجية تواصلية مؤسساتية ومهنية تسير جنبًا إلى جنب مع المقاربة الدبلوماسية ضمن استراتيجية متكاملة قبل الحسم النهائي لهذا النزاع المفتعل في ولاية الرئيس الأمريكي ترامب
في العلاقات الدولية وتدبير الازمات تحتاج الفرص التاريخية إلى قيادة حكيمة متمرسة قادرة على التقاط لحظة تمظهرها وكيفية الاستفادة منها،وهذا ما يتوفر اليوم بالنسبة للمملكة، فلها ملك حكيم استراتيجي وبراكماتي ، فاعل في المحيط الاقليمي والدولي ،له علاقات جيدة مع جل قادة العالم الكبار منهم الرئيس الحالي الامريكي ترامب، وعليه اننا امام فرصة تاريخية للطي النهائي لملف الصحراء .