نشرت القاضية مليكة حفيظ تدوينة مطوّلة على حسابها بمواقع التواصل الاجتماعي، تناولت فيها قضية الصحراء المغربية من زاوية قانونية دقيقة وبلغة مؤسساتية تعكس عمق الانتماء الوطني داخل الجسم القضائي.
تدوينتها، التي جاءت في سياق صدور القرار الأممي الجديد حول الصحراء، كانت بمثابة مذكرة تحليلية تشرح المسار التاريخي والقانوني الذي جعل من الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الواقعي والوحيد لتسوية النزاع المفتعل.
وقالت القاضية في مستهل تدوينتها إن “قضية الصحراء المغربية ليست نزاعًا ترابياً عابراً، بل هي قضية وطنية وجودية تمسّ عمق الدولة المغربية في شرعيتها التاريخية والسياسية”.
وأوضحت أن المغرب، منذ استقلاله سنة 1956، اختار طريق الشرعية الدولية في استكمال وحدته الترابية، “دون خرقٍ للقانون أو تجاوزٍ للمشروعية، بل بالاستناد إلى روابط البيعة التي جمعت القبائل الصحراوية بالعرش العلوي الشريف قروناً قبل الاستعمار الإسباني”.
وأضافت أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975 “أنهى كل جدل قانوني حول هوية الصحراء، بعدما أكّد وجود روابط قانونية وبيعية بين سلاطين المغرب وقبائل المنطقة”، معتبرة أن ذلك “شكّل الأساس القانوني للمسيرة الخضراء، التي لم تكن فقط مسيرة شعبية، بل حدثاً حقوقياً بامتياز، استعاد به المغرب أراضيه في إطار السلم والشرعية”.
وتابعت القاضية حفيظ في تدوينتها أن المملكة “لم تتوقف عند حدود استرجاع الأرض، بل جعلت من الإنسان الصحراوي محور التنمية”. واستحضرت المشاريع الكبرى التي أطلقت منذ 1975 في مجالات البنيات التحتية، والطاقات المتجددة، والتعليم، والتدبير الجهوي، لتؤكد أن “الدولة لم تكتفِ بإثبات السيادة قانونياً، بل فعّلتها على الأرض من خلال التنمية والاندماج الوطني”.
أما بشأن مبادرة الحكم الذاتي، فقد اعتبرتها القاضية “تحولاً نوعياً في تاريخ التعاطي الأممي مع القضية، لأنها تترجم فلسفة السيادة المشتركة داخل الوحدة الوطنية، وتمنح لأبناء الأقاليم الجنوبية صلاحيات واسعة في إطار سيادة الدولة المغربية”.
وأضافت أن “هذه المبادرة، التي قدمها المغرب سنة 2007 بدعم ملكي سامٍ، لم تكن استجابة ظرفية، بل رؤية استراتيجية لإرساء نموذج حكم ديمقراطي متقدم، يستجيب لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة في احترام وحدة الدول”.
وفي تعليقها على القرار الأممي الصادر يوم 31 أكتوبر 2025، كتبت القاضية مليكة حفيظ أن “هذا القرار ليس مجرد بيان دبلوماسي، بل وثيقة قانونية تؤكد أن المجتمع الدولي اعتمد مبادرة الحكم الذاتي كأساس وحيد لتسوية النزاع”، مبرزة أنه “تتويج لمسار دبلوماسي قاده المغرب بثبات، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وفق مبدأ لا تفاوض على السيادة ولا تراجع عن الوحدة الترابية”.
وختمت تدوينتها بعبارة جامعة قالت فيها: “إن مسار الصحراء المغربية هو نموذج متفرد في الدفاع عن الشرعية بالوسائل السلمية والقانونية، وهو انتصار لحقّ تاريخي ثابت، تحميه اليوم إرادة ملك وشعب، ويزكيه القانون الدولي في أرقى تجلياته. الصحراء مغربية بحكم التاريخ والسياسة والقانون، وبإرادة أمة لم تعرف التراجع يوماً عن ترابها.