مليكة حفيظ: الإجهاض في المغرب مأساة يخفيها الصمت الجماعي

دعت القاضية مليكة حفيظ، في تدوينة مطوّلة نشرتها على صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى فتح نقاش وطني جريء ومسؤول حول ملف الإجهاض في المغرب، على خلفية قضية الإجهاض السري التي شهدتها مدينة الجديدة مؤخرًا، والتي أعادت الجدل حول واقع الظاهرة ومحدودية المقاربة القانونية المعتمدة.

واعتبرت حفيظ أن ما جرى في الجديدة “ليس حادثًا معزولًا، بل وجه من وجوه الصمت الجماعي الذي يلف هذا الموضوع الحساس في مجتمعنا”، مشيرة إلى أن كل حالة وفاة أو متابعة قضائية تخفي وراءها “قصة فتاة خائفة وطبيب حائر ونظام قانوني يرفض مواجهة الحقيقة كما هي”.

وفي قراءتها القانونية، أوضحت حفيظ أن فصول القانون الجنائي المغربي من 449 إلى 458 ما تزال تُجرّم الإجهاض إلا في حالات استثنائية ضيقة جدًا، معتبرة أن هذه المقاربة الزجرية “لم تعد منسجمة مع التحولات الاجتماعية والقيمية التي يعرفها المغرب”، إذ إن المنع – حسب قولها – “لم يوقف الظاهرة بل دفعها إلى السرية، حيث تُمارس في ظروف خطيرة، وبعيدة عن أي مراقبة طبية أو ضمانات سلامة”.

كما انتقدت الكاتبة الازدواجية الاجتماعية التي تجعل المرأة، بحسب تعبيرها، “بين نارين: الخوف من الفضيحة والملاحقة، والخطر على حياتها”، مؤكدة أن المجتمع يُدين الفتاة لكنه لا يوفر لها أي بديل قانوني أو طبي أو اجتماعي، ما يؤدي إلى تكرار المآسي نفسها كل عام.

وفي الجانب المؤسساتي، ذكّرت حفيظ بأن الملف أُحيل منذ سنوات على المجلس العلمي الأعلى، الذي أكد في بيانه الصادر بتاريخ 2 دجنبر 2019 أن أي تعديل في القانون الجنائي بخصوص الإجهاض لن يتم إلا “بقدر ما تستدعيه المصلحة ويسمح به الاجتهاد”، وهو ما اعتبرته موقفًا “فتح باب الاجتهاد الشرعي دون أن يُترجم إلى إصلاح فعلي يستجيب لروح الدستور ومقاصد الشريعة في حفظ النفس والكرامة”.

وختمت الأستاذة تدوينتها بدعوة صريحة إلى كسر الصمت وفتح نقاش وطني شامل، يشارك فيه المشرّعون والهيئات الدينية والأطباء والمجتمع المدني، بهدف الوصول إلى “مقاربة إنسانية متوازنة تُنقذ الأرواح وتحفظ الكرامة”.

وأكدت أن “القوانين التي تتجاهل الواقع لا تحمي القيم، بل تدفع الناس إلى الخفاء، وهناك، في العتمة، تولد المآسي”، معتبرة أن ما وقع في الجديدة “ليس مجرد خطأ طبي، بل جرس إنذار اجتماعي يذكّر بأن الوقت قد حان لمواجهة الحقيقة بشجاعة وواقعية”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *