الرميد: نجاح العقوبات البديلة رهين بجدية التنفيذ

دخل اليوم قانون العقوبات البديلة رقم 43.22 حيز التنفيذ، في خطوة وُصفت بالمفصلية في مسار إصلاح العدالة الجنائية بالمغرب.

وفي هذا السياق، نشر وزير العدل الأسبق مصطفى الرميد تدوينة مطولة توقف فيها عند مختلف أبعاد هذا القانون، مبرزًا إيجابياته ومكامن النقص التي قد ترافق تنزيله.

وأوضح الرميد أن القانون الجديد جاء ليضيف صنفًا ثالثًا من العقوبات إلى جانب العقوبات الأصلية والإضافية، وهو العقوبات البديلة، الموجهة لتعويض العقوبات السالبة للحرية في القضايا الجنحية التي تقل عقوبتها الحبسية عن خمس سنوات.

واستثنى النص ثمان جرائم اعتُبرت بالغة الخطورة، من قبيل الإرهاب، غسل الأموال، الاختلاس، الغدر والرشوة، غير أن الرميد اعتبر أن بعض هذه الاستثناءات تطرح إشكالًا، مثل جريمة الإشادة بالأفعال الإرهابية التي قد تقتصر في بعض الحالات على تهور لفظي لا يستوجب العقوبة السجنية، بل يمكن أن يكون استبدالها بعقوبات بديلة أكثر نجاعة، خصوصًا إذا أبدى المتهم الندم وقدم اعتذارًا صريحًا.

وانتقد الرميد بدوره خضوع جرائم الاتجار في المخدرات للعقوبات البديلة، معتبراً أن خطورتها على المجتمع تستوجب استثناؤها، مثلما هو الحال بالنسبة للاتجار في المؤثرات العقلية.

كما توقف عند الجدل الذي رافق التنصيص على الغرامة اليومية، معتبرًا أن تمسك وزير العدل بها كان صائبًا، لأنها لا تُحكم إلا في حالة وجود صلح أو تنازل أو تعويض عن الضرر لفائدة الضحية، بما يعزز العدالة التصالحية.

وأشار الوزير الأسبق إلى أن نجاح القانون مرتبط بمدى جدية المؤسسات المكلفة بتنفيذه، بدءًا من قضاة الحكم والنيابة العامة، مرورًا بقضاة تنفيذ العقوبة، وصولًا إلى إدارة السجون التي ستتولى الإشراف المباشر على العقوبات البديلة،  وحذّر في هذا السياق من مخاطر التلاعب أو التهاون في تطبيق عقوبة العمل للمنفعة العامة، ما قد يُفرغ النص من روحه الإصلاحية.

وختم الرميد تدوينته بالتأكيد على أن اعتماد العقوبات البديلة يمثل خطوة مهمة في استكمال إصلاح المنظومة الجنائية، لكنه يظل قانونًا محاطًا بالعديد من الأسئلة التطبيقية، ويتطلب نقاشًا عميقًا وحسن تنزيل من طرف جميع الفاعلين، حتى لا يتحول إلى مجرد وسيلة للتهرب من العقاب بدل أن يكون رافعة للعدالة المنصفة وإعادة الإدماج.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *