تقرير: دوافع سياسية وصراعات إقليمية تجعل المغرب هدفًا للهجمات السيبرانية

كشف تقرير صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات أن المملكة المغربية أصبحت في السنوات الأخيرة هدفًا متزايدًا للهجمات السيبرانية، مدفوعةً بعوامل سياسية وإيديولوجية، بالإضافة إلى تطور الاقتصاد والبنية الرقمية، ما جعلها بيئة خصبة للأنشطة العدائية لمجرمي الإنترنت.

وأشار التقرير، المعنون بـ “الأمن السيبراني في المغرب: بين الإنجازات والتحديات”، إلى أن النمو السريع الذي يشهده المغرب على مستوى البنية التحتية الرقمية جعله محط أنظار القراصنة، سواء بدافع السطو على الأصول المالية والمعرفية، أو لأغراض استراتيجية مرتبطة بتصاعد التوترات الإقليمية.

كما لفت المصدر ذاته إلى تنامي أنشطة جماعات “الهاكتيفيست”، التي تستهدف مؤسسات مغربية بهدف لفت الانتباه إلى قضايا سياسية أو دعم حركات اجتماعية داخلية، دون استبعاد احتمال تورّط جهات أجنبية مدعومة من دول في عمليات تجسس سيبراني تستهدف مؤسسات حكومية وشركات محلية لجمع معطيات استخباراتية.

ووفق التقرير، فإن طبيعة الحوادث السيبرانية التي تعرض لها المغرب خلال العقد الأخير تنوعت بين تسريبات بيانات، وهجمات فدية، وتجسس رقمي موجه، وصولًا إلى اختراقات يُرجّح ارتباطها بجهات أجنبية. ومن أبرز الهجمات التي وثقها التقرير، استهداف موقع بنك المغرب، وعدد من البوابات الحكومية، والقناة التلفزية العمومية “دوزيم”، إلى جانب الموقع الإلكتروني لبورصة الدار البيضاء، ما تسبب في اضطرابات واضحة في الخدمات الرقمية.

من جهة أخرى، رصد التقرير عددًا من التحديات البنيوية التي تعيق تعزيز منظومة الأمن السيبراني الوطني، في مقدمتها ضعف الوعي العام بالممارسات الرقمية السليمة، وهو ما يُفضي إلى ما وصفه بـ”رداءة النظافة الرقمية”، ويرفع من قابلية الأفراد والمؤسسات للاستهداف.

كما شدد التقرير على محدودية الكفاءات المؤهلة لمواجهة التهديدات المتطوّرة، والقيود المالية التي تعاني منها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والهيئات العمومية، ما يحد من قدرتها على اقتناء حلول حماية متقدمة.

وتطرق التقرير إلى إشكالات تشريعية وتنظيمية قائمة، أبرزها غياب إطار قانوني شامل يتماشى مع المعايير الدولية، وتباين القوانين بين الدول، ما يُعقّد جهود التعاون الدولي ويُصعّب من عملية تتبع منفذي الهجمات أو مساءلتهم.

كما نبّه التقرير إلى مخاطر الاعتماد على أنظمة تقنية قديمة داخل عدد من المؤسسات، مشيرًا إلى أنها تُعد أكثر عرضة للاختراق في ظل غياب خطط استجابة فعالة لمواجهة الحوادث السيبرانية، وذلك في وقتٍ تتنامى فيه أشكال الجريمة الإلكترونية عبر الحدود.

ويخلص التقرير إلى ضرورة تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين، من أجل إرساء منظومة وطنية فعالة في مجال الأمن السيبراني، تشمل تقوية الترسانة القانونية، والاستثمار في التكوين، وتحديث البنيات التحتية الرقمية، إلى جانب تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.