الفشل الأولمبي المغربي .. مسؤولية القيادات الراسخة في الجامعات الرياضية

 

شهدت الأولمبياد الأخيرة في باريس 2024 فشلاً ذريعاً للرياضة المغربية والجامعات الرياضية ، مما يسلط الضوء على أزمة عميقة في الإدارة الرياضية بالمملكة.

هذا الإخفاق ليس وليد اللحظة، بل نتيجة سنوات من سوء الإدارة وغياب الاستراتيجية الواضحة.

رغم ميداليتي سفيان البقالي الذهبية وبرونزية المنتخب اللتان انقذتا ماء الوجه، فإن المشاركة في الاولمبياد كانت كارثية بكل المقاييس ومنحت المغرب المركز الأخير أفريقيا والسابع والخمسين عالميا  خلف 1- الجزائر (35 عالميا) و2- تونس (49 عالميا)  و3-مصر  (50 عالميا) و 4- البحرين (51 عالميا)

المغرب ليس فيه جامعتان بل جامعات كثيرة ترصد ميزانيات وبها رؤساء عمروا طويلا بعضهم تجاوز ربع قرن في منصبه دون أن يحقق أي شيء ودون أن تتحرك فيه ذرة واحدة من المسؤولية أو الخجل وهذه بعض الأمثلة فقط التي تخفي غابة من الإخفاقات التي تتطلب ربطا للمسؤولي بالمحاسبة:

ألعاب القوى: نموذج للفشل الشامل

رغم تاريخها المشرف، عانت ألعاب القوى المغربية من تراجع مهول. فباستثناء سباقات الجري، يوجد فراغ كبير في باقي تخصصات ألعاب القوى مثل القفز والرمي.

هذا يعكس قصور رؤية الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى وعجزها عن تطوير مواهب في مختلف التخصصات.

لم يحقق المغرب أي ميدالية تذكر في الكثير ن أنواع الرياضات المرتبطة بألعاب القوى مثل  القفز بالزانة ، القفز الطويل، القفز الثلاثي، القفز العالي، رمي الجلة، رمي القرص، رمي الرمح ، رمي المطرقة، العشاري، السباعي، الخماسي الحديث، ورياضات أخرى مثل  المسايفة، الرماية، التجديف، السباحة وغيرها  .

الملاكمة: إخفاق متكرر

بعد 22 عاماً على رأس الجامعة الملكية للملاكمة، فشل محمد بلحاج في تحقيق نتائج ملموسة. الإقصاء المبكر للملاكمات وعدم تأهل أي ملاكم ذكر للأولمبياد يعكس فشل استراتيجية طويلة المدى.

التنس : غياب تام عن الأولمبياد وعمل بدون استراتيجية

غياب التنس المغربي عن الدورة الأخيرة لأولمبياد باريس 2024، ليس وليد الصدفة، بل هو إخفاقات متتالية تكف ازمة بنيوية في التسيير من قبل رئيس الجامعة فيصل العرايشي.

فالمغرب شارك في المجموعة العالمية لكأس ديفيز سنوات 2001 و2002 و2004، أصبح اليوم عاجزا عن الحضور في دورات الألعاب الأولمبية ومسابقات “الغراند سلام” الأربعة، ويتعلق الأمر بيطولة أستراليا المفتوحة ورولان غاروس بفرنسا وويمبلدون ببريطانيا وأمريكا المفتوحة، وعلى جميع أنواع أراضي الكرة الصفراء.

وعجزت جامعة التنس عن إيجاد الخلف للجيل الذهبي للتنس المغربي خاصة هشام أرازي، يونس العيناوي وكريم العلمي، حيث تمت “محاربة” عدد من اللاعبين الواعدين في الكرة الصفراء، آخرهم رضا بناني، صاحب 17 سنة، الذي تم حرمانه من المشاركة في عدد من البطولات.

المصارعة: جامعة تصارع الريح

يبدو أن الجامعة المغربية للمصارعة، لا تصارع سوى الريح الأولمبي منذ تأسيسها لم يظفر أي رياضي او مصارع مغربي بميدالية اولمبية ولثلاث ولايات لم يفلح الرئيس فؤاد مسكوت في اقتناص أي ميدالية او تأهيل فريق من المصارعين ممن يمكن أن يكون لهم شأن اولمبي .

 المسؤولية الإدارية

يتحمل رؤساء الجامعات الرياضية، الذين ظلوا في مناصبهم لفترات طويلة، المسؤولية الرئيسية عن هذا الفشل لعدة أسباب :

غياب التجديد: بقاء نفس الوجوه لعقود أدى إلى جمود في الأفكار والاستراتيجيات.

ضعف التخطيط: عدم وجود خطط طويلة المدى لتطوير المواهب في مختلف الرياضات.

سوء إدارة الموارد: عدم استغلال الموارد المتاحة بشكل فعال لتطوير البنية التحتية وبرامج التدريب.

غياب المساءلة: استمرار القيادات في مناصبها رغم الإخفاقات المتكررة.

الحاجة للتغيير

صرخة البطل الأولمبي هشام الكروج للملك محمد السادس في انتخابات جامعة القوى تعكس الحاجة الملحة لتدخل على أعلى المستويات لإصلاح المنظومة الرياضية. هناك حاجة ماسة لـ:

تجديد القيادات الرياضية وتحديد فترات محددة للرئاسة.

وضع استراتيجيات شاملة لتطوير مختلف الرياضات.

زيادة الاستثمار في البنية التحتية وبرامج اكتشاف المواهب.

تفعيل آليات المساءلة والمحاسبة على النتائج.

 

في الختام، يبدو أن الفشل الأولمبي المغربي هو نتيجة مباشرة لسنوات من الإدارة غير الفعالة والرؤية المحدودة. التغيير الجذري في قيادات الجامعات الرياضية قد يكون الخطوة الأولى نحو إعادة الهيبة للرياضة المغربية على الساحة الدولية.