زوم على المونديال: في الهزائم يتحد العرب... 10 نقاط توضح ذلك

محمد الشنتوف*

مما لا شك فيه أن عدسات كاميرات القنوات الإعلامية الرياضية العالمية، وأقلام الصحفيين الرياضيين، ومعدات المشجعين في كل بقاع العالم، وصفحات الجرائد الورقية منها والالكترونية، وترددات القنوات في المقاهي الشعبية، لن تجدهم مشغلون في هذه الأيام بموضوع غير ما استجد وما سيستجد في مونديال روسيا 2018.

ولإرضاء عشاق المستديرة نقترح عليكم زوارنا الكرام فقرة " زوم على المونديال" التي نقدم لكم فيها ما جد وما سيستجد بمونديال روسيا على "جريدة بلبريس الالكترونية"، من خلال البحث والتقصي وتقديم لب ما يدور في هذا العرس الكروي العالمي.

في هذا العدد اخترنا أن نتحدث عن خروج المنتخبات العربية تباعا من المونديال، قبل الجولة الأخيرة من دوري المجموعات، خروج يجعلنا نتأكد أن المنتخبات العربية فرحت بالتأهل الذي يعتبره البعض إنجازا، ونسيت تأهيل البيت الداخلي لكل منتخب لتكون مشاركته مشاركة مشرفة وإنجازا حقيقيا فعلا.

وفي خضم الخروج الجماعي للمنتخبات العربية الأربع بعدما كان دخولها تاريخيا، بحيث لم يسبق لأربع منتخبات عربية أن شاركت مجتمعة في مونديال واحد، نجد مجموعة من لحظات الانكسار التي يتحد فيها البعض أو الكل، ونرصد لكم بعض ملامحها القوية التي لا تدع مجالا للشك أن العرب فعلا يتحدون في الهزائم، بعدما تفرقت أصواتهم في محطات كثيرة آخرها التصويت على الملف المحتضن لكأس العالم 2026.

 لعنة البداية والنهاية:

مع بداية المونديال، كان المنتخب السعودي بطلا لخماسية نظيفة سجلت في شباكه، ومع هذه البداية السيئة عجت مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية على أول منتخب عربي يفتتح رحلة العرب في المونديال، وفي ختام الرحلة، وبعدما كان الجميع يعقد آمال ترك بصمة عربية جيدة في المنتخب التونسي، استقبلت شباك نسور قرطاج خماسية جديدة، وبهذا يكون العرب قد دخلوا المونديال بخماسية وخرجوا بنظيرتها.

أولى المنتخبات التي غادرت:

قد يطرح أحدهم سؤالا من باب الاستغراب، أكل هذا صدفة؟، فالمغرب هو أولى المنتخبات التي ودعت المونديال بعد الخسارتين المتتاليتين، بينما ودع كل من منتخب السعودية ومصر تواليا المونديال في نفس الدقيقة بعد خسارة السعودية التي كانت مصر تنتظر فوزها على الأورغواي للمحافظة على آمال التأهل.

لعنة الدقائق الأخيرة:

يعتقد البعض أن لعنة الدقائق الأخيرة بدأت مع المنتخب المغربي، لكن الحقيقة هو أن اللعنة بدأت مع المنتخب السعودي لأن شباكهم استقبلت هدفين في الدقائق الأخيرة من مباراة الافتتاح، وانتقلت العدوى بعد ذلك إلى المنتخب المغربي الذي خسر مباراته الأولى في الدقائق الأخيرة كذلك، أما المنتخب المصري فقدم مباراة كبيرة أمام منتخب الأورغواي لكن شباكه في غفلة زمنية ختامية استقبلت هدفا قاتلا، وسيرا على نهج أشقائه انهزم المنتخب التونسي الشقيق في الدقيقة 91 عن طريق هدف المدفعية الانجليزية هاري كاين.

النيران الصديقة:

في المباراة الافتتاحية للمنتخب المغربي، كانت النيران الصديقة عنوانا بارزا بعد نهاية المباراة، فبدل أن يضع اللاعب بوهدوز الكرة في شباك الخصم أخطأ الوجهة ووضعها في شباك المنتخب، كان هدفه في توقيت حرج لم يترك للمنتخب أي فرصة لإصلاح الخطأ، وعلى العكس تماما كانت نيران الاعب أحمد فتحي في بداية لقاء المنتخب المصري مع نظيره الروسي، لكنها تبقى نيران صديقة ساهمت بشكل أو بآخر في إنهاء مشوار المنتخبات العربية بالمونديال.

انجاز التأهل، وغياب التأهيل:

كثير من التعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكثير من آراء المحللين، اتفقوا في ختام هذه النكسة العربية الرياضية، على أن هناك مبالغة في الاحتفال بالتأهل، وأكد الجميع أن التأهل وحده ليس إنجازا، فأن تغيب 20 عاما مثلا بالنسبة للمغرب و28 عام مثلا بالنسبة لمصر، وتخرج من الدور الأول، ما هو إلا تعبير صريح عن فشل ذريع في تأهيل تلك المنتخبات لتحقيق انجاز يستحق الذكر، وبدل الفرحة المبالغ فيها بالتأهل، تطالب الجماهير العربية قاطبة بتأهيل المنتخبات من أجل مشاركة مشرفة.

الأداء الباهت رغم "الاستثناء المغاربي":

قدمت المنتخبات العربية الأربع أداء باهت في مبارياتها الأولى، فخماسية روسيا في شباك السعودية غنية عن كل تعليق، وكذا خماسية بلجيكا في مرمى تونس، رغم أن تونس والمغرب قدموا أداء جيدا أمام كل من إنجلترا والبرتغال.

أداء تونس رغم أنه كان دفاعيا، لكن نسور قرطاج تمكنوا من الحفاظ على التعادل أمام المنتخب الإنجليزي طيلة التسعين دقيقة، والمنتخب المغربي رغم خسارته أمام البرتغال إلا أن أداءه كان رائعا، وهذا طبعا لا يشفع لهذه المنتخبات خروجها من الباب الخلفي فالتاريخ لا يتذكر من قدم أداء جيد، وإنما يعترف بمن يحق النتائج التي يمكنك أن تحصد بها الإنجازات.

الشلل الدفاعي:

وضحت المباراتين الأولى  للمنتخب السعودي و الثانية للمنتخب التونسي أن هناك عقما دفاعيا كبيرا في خطوط خذين المنتخبين، يتجلى بالأساس في عدم القدرة على مراقبة اللاعبين و التمركز الجيد في خط الدفاع، ومباراتي المغرب سواء أمام إيران أو البرتغال، رغم صلابة الدفاع المغربي بقيادة بن عطية، إلا أن الهدفين كان للشرود الدفاع و عدم التركيز دور كبير في تسجيلهما في شباك الحارس المحمدي، أما مباراة مصر الأولى و كذا تونس توضح من خلالهما عدم قدرة الدفاع العربي على الصمود في الدقائق الأخيرة، وقد وضحت مباراة مصر الثانية أن المنتخب المصري شأنه شأن كل المنتخبات الأخرى باستثناء المغرب و تونس في المباراة الأولى، غير  قدر على التحول من وضعية الهجوم إلى وضعية الدفاع بسرعة، و أن هناك إشكالية في الربط بين الخطوط الثلاث الرئيسية في الميدان، وهي الهجوم، وسط الميدان، والدفاع.

العقم التهديفي:

لم تتمكن المنتخبات العربية من تسجيل أهداف في المونديال عن طريق بناء هجومي محكم، فهدف مصر الوحيد كان من ضربة جزاء، وهدف تونس في مرمى إنجلترا كذلك، في حين كان هدف تونس في شباك بلجيكا من ضربة ثابتة، وربما الهدف الوحيد الذي سجل من خلال هجمة شبه منظمة، هو الهدف الأخير الذي سجله وهبي الخزري في شباك بلجيكا، بينما لم يسجل خط هجوم كل من السعودية والمغرب أي هدف.

التحكيم:

عند الحديث عن التحكيم فأول مباراة ستخطر ببال أي متابع لمباريات المونديال، هي مباراة المغرب والبرتغال، التي عرفت أداء تحكيمي كارثي، بداية من احتساب هدف مشكوك في أمره لصالح البرتغال في الدقيقة الخامسة، حيث أظهرت الكاميرات أن مدافع البرتغال بيبي دفع المدافع المغربي داكوستا ليفسح المجال للمهاجم رونالدوا من أجل التسجيل، إضافة إلى ركلتي جزاء على الأقل لم يحتسبها الحكم، و الكارثة العظمة هي عدم استعمال تقنية الفيديو طيلة المباراة نظرا لمشكل توضح لاحقا يتعلق بتداخل ترددات أجهزة الحرائق مع ترددات تقنية الفيديو ، وفي إطار الحديث عن التحكيم دائما احتسب الحكم ضربة جزاء من خارج الخط لصالح المنتخب البلجيكي ضد نظيره التونسي، ورفض الحكم العودة لتقنية الفيديو للتأكد من صحة قراره.

الخروج المبكر والهزائم المتتالية:

طبعا هذه نقطة غنية عن كل تعريف وتلخص كل ما سبق ذكره، فالمنتخبات العربية بدوء استثناء لم تنتظر الوصول إلى الجولة الأخيرة من دوري المجموعات، بل حجزت تذكرة العودة إلى الديار مبكرا، بعد هزيمتين لكل منتخب في الجولتين الأولى والثانية من كل مجموعة.

هذه النقط التي رصدناها لكم، والتي تجمع منتخباتنا المشاركة بالمونديال، مشاركة تاريخية فعلا من حيث الدخول الرباعي والخروج الرباعي في الجولة الثانية فقط، مشاركة تؤكد أن الكرة العربية تحتاج إلى عمل جاد من أجل إنقاذها من التخلف الذي تغرق فيه، فكما يقول أغلب المتابعين، عدم المشاركة في المونديال خير من المشاركة والخروج مرارا وتكرارا من الأبواب الخلفية للمسابقة، في انتظار ما ستسفر عليه باقي اللقاءات في الجولة الثالثة رغم عدم أهميتها بالنسبة لكل المنتخبات، إذا ما استثنينا البحث عن انتصار معنوي لحفظ ماء الوجه كما يقال.

*صحفي متدرب