مصدر لـ"بلبريس": السيادة الطاقية وتضخم الكلفة أطاحا بحلم الربط الكهربائي

في تطور لافت ضمن مسار التعاون المغربي البريطاني في مجال الطاقات المتجددة، أعلنت الحكومة البريطانية، نهاية الأسبوع المنصرم، عن قرارها بعدم المضي قدمًا في دعم مشروع الربط الكهربائي بين المغرب والمملكة المتحدة، والذي تشرف عليه شركة "إكس لينكس" (Xlinks). القرار شكّل مفاجأة بالنظر إلى حجم الترويج الذي رافق المشروع خلال السنوات الماضية، خاصة أن التقديرات الأولية كانت تشير إلى قدرته على تزويد نحو سبعة ملايين منزل بريطاني بالكهرباء النظيفة.

مصدر مطلع تحدث إلى بلبريس، واعتبر أن قرار لندن يعكس تحوُّلًا واضحًا في السياسة الطاقية البريطانية، في ظل سياق عالمي متقلب باتت فيه دول كثيرة تميل إلى تعزيز "السيادة الطاقية" عبر التركيز على الإنتاج المحلي والابتعاد عن الاعتماد على مصادر خارجية.
وأوضح المصدر ذاته أن "مشروع الربط مع المغرب، رغم طموحه الكبير، أصبح أقل جاذبية في ضوء التكاليف المتزايدة وصعوبة التحكم في أسعار الإنتاج، وهو ما جعل السلطات البريطانية تعيد النظر في جدواه الاقتصادية".

ورغم الطابع الاستراتيجي الذي طبع الاتفاقية منذ البداية، إلا أن التحديات المرتبطة بتكلفة المشروع باتت ثقيلة على الموازنة، فبينما كانت التقديرات الأولية تتحدث عن سعر إنتاج في حدود 70 جنيهًا إسترلينيًا للكيلوواط الواحد، ارتفعت الكلفة حاليًا لتتجاوز سقف 100 إلى 115 جنيهًا، ما يطرح إشكاليات جدية بخصوص الاستدامة الاقتصادية للمشروع في ظل تقلبات الأسعار العالمية.

شركة "إكس لينكس"، التي تقود المشروع، عبّرت عن خيبة أملها من قرار وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني البريطانية، خاصة بعد رفض طلب الشركة إبرام عقد فروقات (“Contract for Difference”) الذي يضمن سعرًا ثابتًا لبيع الكهرباء، مبرزة في بيان صادر يوم 26 يونيو أن المشروع يتماشى تمامًا مع الأهداف البريطانية في مجال التحول الأخضر، وكان من شأنه أن يوفر أمنًا طاقيًا مستقرًا على المدى البعيد.

وفيما يتعلّق بالجانب المغربي، ورغم أن المشروع كان سيتيح فرصة واعدة لتصدير الطاقة المتجددة وتحقيق عائدات مالية مهمة، إلا أن المصدر ذاته شدد على أن المشروع لم يكن خاليًا من التحديات الداخلية أيضًا، لاسيما تلك المتعلقة بالضغط على الموارد المائية، بالنظر إلى أن إنتاج الكهرباء من مصادر شمسية وريحية يتطلب بدوره استخدامات مائية ملحوظة، ناهيك عن تكاليف تحلية مياه البحر المحتملة في هذا السياق.

وعلى مستوى القيمة المضافة للاقتصاد البريطاني، اعتُبر أن اعتماد المشروع على معدات وتقنيات الربط الكهربائي مُستوردة من آسيا، من خلايا شمسية وتوربينات، كان سيجعل تأثيره الاقتصادي المحلي محدودًا نسبيًا، ما زاد من تردد لندن في المضي قدمًا في دعمه.

ويأتي هذا التراجع في وقت حساس تعرف فيه العلاقات الاقتصادية بين الرباط ولندن دينامية متنامية في قطاعات أخرى، ما يطرح سؤالًا مستقبليًا حول ما إذا كان هذا القرار مجرد محطة عابرة، أم إشارة إلى تغيّر أعمق في أولويات الشراكة الطاقية بين البلدين.