بنساسي: إلغاء الكتابي والشفوي لولوج الماستر يمس تكافؤ الفرص

مازالت ردود الفعل تتقاطر بشأن قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بإلغاء اختبارات الكتابي والشفوي لولوج سلك الماستر للموسم المقبل، حيث اعتبر محمد بنساسي، المحامي بهيئة المحامين بالرباط، ونائب رئيس المنظمة المغربية لحماية المال العام، أن  الاقتصار على آلية الانتقاء من خلال دراسة الملف كشرط وحيد للولوج إلى سلك الماستر يُمثل مساسًا صريحًا بمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلبة”.

وبرر بنساسي قوله بكون “المبدأ الذي يُفترض أن يُؤطر مختلف مستويات التكوين الجامعي، باعتباره ضمانة مركزية لتحقيق المساواة والإنصاف بين جميع الطلبة الباحثين”.

ويرى المتحدث أنه “من غير المنطقي اختزال مؤهلات الطالب في معدلاته المحصَّلة في سلك الإجازة، إذ إن هذه المعدلات لا تعكس دائما المستوى الحقيقي للمترشح أو قدراته العلمية والمنهجية”.

فالمعدلات تبقى في كثير من الأحيان رهينة لعوامل متداخلة”،يقول المتحدث “منها طبيعة التخصصات ونمط الإمتحانات، وتفاوت أنظمة التنقيط بين الجامعات، واختلاف مناهج التدريس وتعدد أساليب التقييم المعتمدة من طرف السادة الأساتذة، وهو ما يجعلها مؤشرًا نسبيًا لا يكفي للحكم على الكفاءة الفعلية والمؤهلات الحقيقية للطالب”.

وانطلاقًا من ذلك، يورد بنساسي فإن “اعتماد المعدل وحده كمعيار حاسم للولوج إلى سلك الماستر سيؤدي لا محالة إلى إقصاء عدد كبير من الطلبة من مواصلة مسارهم الأكاديمي على مستوى سلك الماستر، رغم ما يتوفرون عليه من كفاءات علمية وقدرات بحثية تؤهلهم للتفوق في هذه المرحلة العلمية الهامة”.

وتابع أن “كثير من الطلبة لم تسعفهم ظروف موضوعية في الحصول على معدلات مرتفعة بسلك الإجازة، غير أن ذلك لا ينفي امتلاكهم المؤهلات اللازمة والمهارات الضرورية تؤهلهم لاجتياز الإختبارات الخاصة بسلك الماسر بنجاح وعن جدارة واستحقاق”، معتبرا أن تواضع معدلات بعض الطلبة على مستوى سلك الإجازة لا يمكن أن يُتخذ دليلًا على ضعف قدراتهم العلمية أو مؤشرا على تقاعسهم أو عدم التزامهم، إذ إن المحيط الموضوعي الذي يدرسون فيه غالبًا ما يكون عاملاً سلبيًا مؤثرًا على مسارهم الدراسي”.

وحسب نفس المصدر فإن  “ذلك يظهر بوضوح على سبيل المثال لا الحصر لدى فئة الطلبة القادمين إلى المدن الجامعية من أقاليم بعيدة في إطار مسطرة الانتقال، والذين يُحرم كثير منهم من حقهم في السكن الجامعي، فيضطرون لمتابعة دراستهم الجامعية في ظروف مادية واجتماعية بالغة الصعوبة، وهو ما ينعكس حتمًا على نتائجهم الأكاديمية بسلك الإجازة، دون أن يُلغي ذلك امتلاكهم لمؤهلات حقيقية قادرة على إبراز تفوقهم وتميزهم وتألقهم إذا توفرت لهم شروط منصفة على مستوى سلك الماستر’.

“كان الأجدر بالوزارة الوصية”، يستطرد المتحدث أن “تتيح الولوج إلى سلك الماستر عبر امتحان لجميع الحاصلين على شهادة الإجازة، انسجامًا مع مبدأ الاستمرارية البيداغوجية في المسار الجامعي، على أن تُترك آلية الإقصاء للمرحلة البيداغوجية الداخلية وفق شروط محددة ومعلنة سابقا”.

مشيرا أنه “في هذه المرحلة يمكن اشتراط على الطالب استيفاء جميع الوحدات المقررة بنجاح وفي مدة زمنية محددة، وفي حال تعذّر ذلك لعوامل ذاتية غير مبررة يُقصى بعد أن يكون قد أتيحت له فرصته الكاملة في دراسة الماستر الذي يرغب فيه. وبهذه الطريقة، تتحول المعيارية من انتقاء شكلي مسبق ينطوي على اقصاء واضح إلى اختبار فعلي لقدرة الطالب على التحصيل والنجاح، بما يضمن العدالة والمساواة في الفرص بين جميع الطلبة الباحثين في حقهم في مواصلة مسارهم الأكاديمي الجامعي”.

ونبه إلى أن “اعتماد هذه الآلية لوحدها سيُدخل الجامعة المغربية العمومية في مرحلة جديدة بالغة الخطورة، حيث سيتحول هاجس الطلبة من الانشغال بتنمية ملكاتهم النقدية وقدراتهم الفكرية ومنظومتهم التحليلية إلى التركيز فقط على تحصيل نقط مرتفعة بأي وسيلة كانت، باعتبارها المفتاح الوحيد للولوج إلى سلك الماستر”.

وخلص إلى أن “هذا التحول المفاجئ من شأنه أن يُفرغ العملية التعليمية من جوهرها – المفروض أن ينتصر للتكوين المعرفي الرصين – ويجعل من التقييم غاية في حد ذاته بدل أن يكون وسيلة لقياس مدى تطور الكفاءات العلمية والتكوينية والمهارات المعرفية والمنهجية للطالب، والدفع في إتجاه سقلها وتجويدها وتحسينها”.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *