كشف تقرير حديث صادر عن المكتب الاستشاري “أفينيتكس” المتخصص في تحليل تجربة العملاء، عن مؤشرات مقلقة بشأن جودة الخدمات المقدمة داخل العيادات الصحية بالمغرب، حيث أظهرت المعطيات أن 32% فقط من المرضى المستجوبين أعربوا عن رضاهم العام، مقابل 68% أبدوا استياءهم من تجربتهم الصحية.
وشملت الدراسة، التي جرت بين يناير 2024 وأبريل 2025، 125 عيادة موزعة على سبع مدن رئيسية: الدار البيضاء، الرباط، فاس، طنجة، وجدة، القنيطرة، وأكادير، واستندت إلى تقييمات نحو 4600 مريض، ما وفر قاعدة بيانات واسعة لتشخيص واقع الخدمات الصحية الخاصة.
وبحسب ما ورد في التقرير، فإن أبرز نقاط الضعف التي أثرت على تقييمات المرضى تتعلق بصعوبة الولوج إلى أقسام الطوارئ، وضعف جودة التواصل، فضلاً عن أوقات الانتظار الطويلة وغير المتوقعة، والتي تشكل عبئاً إضافياً على المريض ومرافقيه. كما أشار التقرير إلى غياب توحيد مسارات العلاج، باعتبارها من الملاحظات السلبية المتكررة.
أما فيما يخص الأخطاء الطبية، فرغم الإقرار بوجودها، إلا أن أغلب المستجوبين اعتبروها “غير ذات أهمية من حيث العدد”، وهي خلاصة وصفها التقرير بأنها تستوجب مزيداً من التدقيق والتحليل لفهم دلالاتها.
في المقابل، لم تغب بعض المؤشرات الإيجابية عن نتائج الدراسة، حيث أبدى المرضى تقديراً لمهنية الأطباء والممارسين، وأشادوا بوضوح الشروحات الطبية المقدمة في عدد من المؤسسات، إلى جانب تنوع العروض والخدمات السريرية المتوفرة.
وسجّلت الدراسة تفاوتاً ملحوظاً في نسب الرضا بين المدن، حيث احتلت فاس الصدارة بنسبة 47.7%، بينما جاءت وجدة في ذيل الترتيب بنسبة عدم رضا بلغت 78%.
غير أن التقرير أكد أن هذه التباينات لا تعكس بالضرورة اختلالاً على مستوى المدن بقدر ما تبرز مشاكل أعمق في البنية الصحية الوطنية، مما يستوجب مراجعة شاملة للمنظومة.
وفي سياق التحولات الجارية في قطاع الصحة بالمغرب، خاصة مع تنامي دور القطاع الخاص، شدّد التقرير على ضرورة إعادة تعريف تجربة المريض من مجرد “حالة علاجية” إلى “زبون بخيارات وتوقعات”، مؤكداً أن تحسين هذه التجربة لم يعد ترفاً مؤسساتياً، بل أصبح عاملاً محورياً لضمان استدامة القطاع وجودته، ويختم التقرير”إذا كانت المصحات الخاصة تراهن على الربح والسمعة، فإن الاستثمار في تجربة الزبون أضحى ضرورة ملحة”.