في أعالي جبال الحوز وتارودانت، حيث الطبيعة رسمت لوحة قاسية من الصخور والوديان، تتشبث عشرات الأسر بخيام مهترئة، شاهدة على مرور عام ونصف على الزلزال الذي قلب حياتهم رأساً على عقب. "الأمطار زادت الطين بلة"، تهمس مصادر بلبريس، مؤكدة أن غياب شروط السكن اللائق وقساوة الطقس فاقما من معاناة السكان، ليتحول فصل الشتاء إلى كابوس يتربص بهم في كل لحظة.
على وسائل التواصل الاجتماعي، تتناقل صور و فيديوهات مأساوية تروي حكايات خيام اجتاحتها السيول، وأمتعة متواضعة جرفتها الأمطار، لتكشف عن عمق الجرح الذي لم يندمل بعد. "التقصير والإهمال" هي الكلمات الأكثر تداولاً بين النشطاء، الذين عبروا عن غضبهم واستيائهم من تباطؤ وتيرة الإيواء وتجاهل المسؤولين لمعاناة المتضررين.
"أين الوعود؟ أين الملاجئ؟"، أسئلة تتردد بين الأسر المنكوبة، في ظل تأكيدات حكومية مستمرة على أن تدبير تبعات الزلزال "عملية كبيرة ومعقدة". لكن هذا التبرير لم يعد يقنع أحداً، فبعد مرور كل هذا الوقت، لم يرَ السكان سوى الخيام الممزقة تتحدى قسوة الطبيعة وتذكرهم بفقدان منازلهم وأحلامهم.
وفي ظل هذا الوضع، ترتفع الأصوات المطالبة بالإسراع في عملية البناء، وتحديد آجال واضحة للإسكان، ومحاسبة كل من تسبب في هذا التأخير. فالخيام، التي كانت حلاً مؤقتاً، تحولت إلى واقع مرير يواجهه السكان للمرة الثانية على التوالي، في ظل قساوة برد الشتاء في جبال الأطلس الكبير.
"كنا نعيش في بيوت طينية بسيطة، لكنها كانت تحمينا من حرارة الصيف وبرد الشتاء"، يقول أحد سكان المنطقة، مستحضراً ذكريات الماضي قبل أن يضيف بحسرة: "اليوم، نحن محرومون حتى من هذا المأوى المتواضع".
وعلى الرغم من الوعود والمتغيرات، لا تزال الخيام هي العنوان الأبرز للوضع في المناطق المتضررة، بينما تسير عملية إعادة الإعمار ببطء يثير التساؤلات والقلق. وحتى كتابة هذه السطور، لم تتضح الأسباب الحقيقية وراء هذا التأخير، مما يزيد من معاناة المتضررين ويفاقم شعورهم بالإحباط واليأس.
الصور القادمة من مناطق الزلزال تدمي القلوب، وتذكر بحجم المأساة التي حلت بالمنطقة وبضرورة التحرك العاجل لإنهاء معاناة السكان. فالأمل يبقى معقوداً على تسريع وتيرة إعادة الإعمار وتوفير مأوى كريم للمتضررين، يضمن لهم حياة كريمة تحفظ كرامتهم الإنسانية.
وفي هذا السياق، يرى نشطاء في المجتمع المدني أن "الضغط المستمر على المسؤولين والمنتخبين هو السبيل الوحيد لتسريع عملية الإيواء وضمان حقوق المتضررين". فمعاناة أهالي الحوز وتارودانت تستدعي تضافر الجهود من أجل تجاوز هذه المحنة، وبناء مستقبل أفضل لأبناء هذه المناطق التي تستحق كل الدعم والاهتمام.