أثار قرار حكومة بيدرو سانشيز بالتخلي نهائيا عن اقتناء مقاتلات الجيل الخامس الأمريكية “F-35” جدلا واسعا داخل الأوساط العسكرية الإسبانية، وسط تحذيرات من أن هذه الخطوة قد تفسح المجال أمام المغرب للحصول على هذه الطائرات المتطورة، بما قد يشكل تهديدا لتفوق مدريد العسكري في غرب المتوسط.
وأوضحت صحيفة “الإندبنديينتي” الإسبانية في تقرير لها، أن الحكومة بررت قرارها برغبتها في توجيه 85% من ميزانية الدفاع، التي تفوق 10.4 مليارات يورو، نحو برامج أوروبية، في خطوة وُصفت من قبل خبراء عسكريين بأنها محفوفة بالمخاطر، خاصة مع الطموحات المغربية المستمرة لاقتناء أحدث المقاتلات القتالية.
وشدد الخبراء الذين استطلعت الصحيفة آراءهم على أن الـF-35، بقدراتها الشبحية وإمكانية الإقلاع العمودي، لا تملك بديلا حقيقيا في السوق العالمية، معتبرين أن رفض إسبانيا التعاقد مع الشركة المصنعة “لوكهيد مارتن” قد يسهّل على الرباط تحقيق هدفها، لاسيما وأن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كانت قد أبدت استعدادها لبيع هذه المقاتلات للمغرب.
ونقل التقرير عن ضابط رفيع سابق في سلاح الجو الإسباني قوله إن امتلاك المغرب لهذه الطائرات “سيجعله خصما محتملا وخطيرا لإسبانيا”، مبرزا أنها “تتفوق تكنولوجيا على أي طائرة في الخدمة حاليا”، خصوصا في ما يتعلق بعمليات الإقلاع العمودي الضرورية للبحرية الإسبانية.
وأضافت الصحيفة أن التخلي عن الصفقة لا يرتبط فقط بعوامل مالية، بل أيضا بخلفيات سياسية، إذ شهدت علاقات حكومة سانشيز مع دوائر الأمن القومي الأمريكي المقربة من ترامب فتورا ملحوظا، وهو ما قد يكون من بين دوافع الابتعاد عن هذا الخيار.
وتُعد البحرية الإسبانية الخاسر الأكبر، بحسب التقرير، إذ سيفقد الأسطول قدرة تشغيل مقاتلات على متن حاملة الطائرات “خوان كارلوس الأول” بعد إحالة طائرات “هارير AV-8B” على التقاعد بحلول 2030، ما سيقيد القدرة العملياتية للسفن الإسبانية على المروحيات فقط، ويضعف قدرتها على “الإسقاط العسكري” خارج الحدود.
في المقابل، يشير التقرير إلى أن المغرب عزز خلال السنوات الأخيرة شراكته الدفاعية مع الولايات المتحدة عبر مناورات واتفاقيات تسليح متطور، مما يجعله مؤهلا ليكون شريكا مفضلا في شمال إفريقيا، ويفتح أمامه المجال لاقتناء الـF-35 متى توفرت الظروف.
وختمت “الإندبنديينتي” تقريرها بالتحذير من أن حصول المغرب على الـF-35 في ظل تخلي إسبانيا عنها قد يغير موازين القوى في غرب المتوسط، ويضع مدريد أمام تحديات استراتيجية غير مسبوقة، في وقت تراهن فيه على برامج أوروبية لم تتضح جاهزيتها بعد.