كيف عصف ملف أكبر بارون للمخدرات بالمغرب بمدير أمن القصور الملكية

حكاية جريمة

المال القذر للمخدرات

لم يكتف الشريف بين الويدان بالتراجع عن جميع التصريحات التي أدلى بها خلال مرحلة التحقيق، والتي كشفت جزءا من الجانب المظلم لعالم المخدرات وعلاقة بارونات الحشيش برجال السلطة، بل أنكر صلته التامة بالحشيش.

و قال الشريف لرئيس الهيئة إنه يعمل في مجال بيع السيارات المستعلمة المستوردة من الخارج، إلى جانب امتلاكه مصنعا للطوب في محاولة لتبرير مصدر ثروته، قبل أن يمضي قدما في إنكار علاقته بأي عمليات لنقل الحشيش ب«الزودياك» نحو اسبانيا. وأضاف أنه أجبر على توقيع المحاضر من قبل المحققين، ونفى أن يكون قد أدلى بأسماء عناصر من الدرك والأمن بصفتهم متواطئين معه.

بعد تراجع الشريف بين الويدان عن جميع تصريحاته، واصلت المحكمة الاستماع إلى باقي المتهمين والشهود، معلنة اقتراب ساعة الحسم في هذا الملف المتشابك لتختلي من أجل المداولة وسط ترقب كبير.
كان على المحكمة أن تفحص مئات الوثائق قبل النطق بالأحكام، علما أن التحقيقات في هذا الملف استغرقت عدة شهور، تقاطعت فيها عدد من شبكات الاتجار الدولي في المخدرات، وهو ما كشفته التحريات الأمنية التي بوشرت، والتي رصدت وجود علاقات متداخلة مع عدد من العناصر التابعة لأجهزة أمنية مختلفة، بما في ذلك مدير أمن القصور الملكية، الذي وجد نفسه وراء القضبان، إلى جانب أحد كبار بارونات المخدرات بالمغرب.
هذه التحقيقات فرضت في مرحلة معينة دخول مديرية حماية التراب الوطني على الخط، وتكلفت لاحقا، بتنسيق مع باقي الأجهزة، باعتقال أحد مفاتيح تجارة المخدرات بالشمال، والملقب ب«الطاحونة»، بعد أن نجح في الهرب مباشرة بعد سقوط الخراز في قبضة الأمن، قبل أن يتم الإيقاع به، رغم حرصه الشديد.
الساعات التي استهلكتها المداولة مضت كأنها قرون بالنسبة لبعض المتهمين وأسرهم ممن حجوا للمحكمة، قبل أن يعود القاضي وينطق بالأحكام، حيث كان نصيب الشريف بين الويدان ثمان سنوات سجنا نافذا، مع مصادرة 5 ملايين درهم من ثروته. كما قضت بسجن شقيقه وذراعه الأيمن، إلى جانب عدد من معاونيه.
كما قضت غرفة الجنايات الابتدائية بالدار البيضاء ب18 شهرا نافذا في حق إيزو، ومصادرة 700 ألف درهم من أمواله لفائدة خزينة الدولة، بعد أن أدين رفقة باقي المتابعين بتكوين عصابة للاتجار الدولي في المخدرات واستغلال النفوذ والتحريض على الهجرة غير الشرعية، كل حسب ما نسب إليه. فيما تمت تبرئة تسعة متابعين.
متاعب إيزو مع هذا الملف لم تتوقف إطلاقا، فبعد أن قضى عقوبته السجنية، التي قضت بها غرفة الجنايات الابتدائية وعانق الحرية، سيجد نفسه أمام مفاجأة صادمة بعد أن قفزت العقوبة الصادرة في حقه خلال المرحلة الابتدائية إلى أربع سنوات، وهو ما جعله ينهار داخل قاعة المحكمة، بعد أن أصبح ملزما بالعودة إلى السجن. فيما رفعت المحكمة العقوبة في حق الخراز إلى عشر سنوات، مع قرار جديد بمصادرة جميع ممتلكاته العقارية والمالية.
كما قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بثمان سنوات سجنا نافذا في حق شقيق الخراز عوض الخمس سنوات التي نطقت بها المحكمة الابتدائية، مع مصادرة جميع ممتلكاته وممتلكات أحد معاوني الشريف بين الويدان، الذي نال ست سنوات سجنا نافذا فيما تم تبرئة عشرة متهمين.
صدور الأحكام في هذه القضية، التي هزت عددا من الأجهزة الأمنية، لم يكن إعلانا لنهاية الاتجار الدولي في المخدرات في السواحل الممتدة ما بين طنجة وتطوان، بل كانت القضية مجرد استراحة محارب، التقطت فيها الأنفاس، ورتبت أوراق اللعبة من جديد، قبل أن يعلن عن ميلاد بارونات جدد سيحتكرون سوق الاتجار الدولي في الحشيش مع مظلة حماية ستسقط المزيد من الرؤوس.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *