تعمل عدة جهات متدخلة في القطاع المائي على تنزيل مشروع بيئي جديد يتعلق بإنجاز واستغلال محطة لمعالجة المياه العادمة وإعادة استعمالها بكل من الناظور وبني انصار، بهدف سقي المساحات الخضراء وملعب الغولف أتالايون، في خطوة تروم تثمين المياه المعالجة وتقليص الضغط على الموارد الطبيعية بالمنطقة. ويهدف المشروع، الذي تقدر كلفته الإجمالية بنحو 40 مليون درهم، إلى تحقيق استعمال أمثل للمياه العادمة المعالجة وضمان مطابقتها للمعايير البيئية المطلوبة قبل إعادة توجيهها للاستعمالات الثانوية.
ووفق ما كشفته منصة الما ديالنا، سيتولى تنفيذ المشروع الشركة الجهوية متعددة الخدمات لجهة الشرق خلال الفترة الممتدة ما بين 2025 و2026، بينما ستُعهد مهمة التسيير إلى وكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا، بمساهمة عدد من الشركاء من بينهم وزارة الداخلية في إطار البرنامج الوطني للتطهير السائل المندمج (PNAM)، ووكالة الحوض المائي لملوية، وعمالة إقليم الناظور، والجماعتين الترابيتين للناظور وبني انصار، إلى جانب وكالة مارتشيكا والشركة الجهوية متعددة الخدمات.
ويأتي هذا المشروع في ظرفية دقيقة يعيشها المغرب على المستوى المائي، بعد أن كشفت أحدث المعطيات الرسمية عن تراجع مخزون السدود الكبرى إلى 31.8 في المئة فقط حتى يوم 20 أكتوبر 2025، وفق ما أوردته المنصة ذاتها، وتمثل هذه النسبة انخفاضًا يقارب ثماني نقاط عن المعدل المسجل في شهر ماي الماضي، ما يعكس استمرار أزمة الجفاف الممتدة منذ سبع سنوات والتي أضعفت قدرة البلاد على تلبية حاجياتها من مياه الشرب والري، خصوصًا في المناطق الشرقية والجنوبية التي تعرف هشاشة مائية متزايدة.
وفي عرض أمام البرلمان، أكد وزير التجهيز والماء نزار بركة أن المغرب يعيش وضعًا مائيًا استثنائيًا من حيث حدّته وتأثيراته، مشيرًا إلى أن خسائر التبخر بلغت نحو 650 مليون متر مكعب من المياه، أي ما يعادل سعة سد كبير، موضحا أن العجز المائي الوطني يقدر بـ58 في المئة مقارنة بالمتوسط السنوي العادي، رغم التحسن النسبي في التساقطات التي بلغ متوسطها 142 ملم.
وفي مواجهة هذا الوضع المقلق، تواصل الحكومة تنفيذ البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي يشكل الإطار المرجعي لسياسة تدبير الموارد المائية في البلاد، إلى جانب مشاريع الربط المائي بين الأحواض الكبرى، وتحلية مياه البحر لتغطية أكثر من 60 في المئة من حاجيات المواطنين من الماء الصالح للشرب بحلول عام 2030، فضلاً عن مشاريع إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة كتلك التي سيتم إنجازها بالناظور وبني انصار.
ويُعد هذا المشروع خطوة عملية ضمن الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن المائي الوطني، من خلال اعتماد مقاربة مستدامة لتثمين المياه المعالجة، والمساهمة في الحفاظ على الموارد المائية الطبيعية، وتخفيف الضغط على السدود، وتجسيد التحول نحو الاقتصاد الدائري للماء كأحد الرهانات الاستراتيجية لضمان العيش الكريم للأجيال القادمة.