تفاعلت وزارة الداخلية مع انشغالات الإعلام الدولي بشأن احتجاجات شباب “جيل Z” بعدة مدن مغربية، عبر خرجة الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، رشيد الخلفي، اختار التوجه إلى الواجهة الإعلامية الدولية عبر قناة “سي إن إن” الدولية.
وجاءت هذه “الخرجة” كمحاولة من الحكومة لتعزيز خطابها التواصلي وتوضيح روايتها الرسمية حيال الأحداث التي رفع خلالها المحتجون شعارات تطالب برحيل الحكومة، وتغيير الأولويات الإصلاحية مع مطالب ملحة لتجويد خدمات الصحة والتعليم.
الاحتجاجات “دينامية صحية”
وقدم الخلفي في بداية المقابلة تصويراً للحراك الاحتجاجي باعتباره تعبيراً عن “دينامية صحية” في المجتمع المغربي، مؤكداً على حق المواطنين في التعبير السلمي.
وأشار إلى أن المملكة تشهد ما معدله 600 احتجاج سلمي شهرياً، مما يدل، من وجهة نظره، على مناخ من الحريات مقبول من قبل السلطات. ووصف خروج الشباب إلى الشارع بأنه “فرصة للدولة للاستماع وتصحيح الأخطاء”، متجنباً وصف الاحتجاجات بأنها أزمة أو تهديد للاستقرار.
تحقيق في التجاوزات
عند الانتقال إلى التعاطي الأمني والاشتباكات التي رافقت بعض الاحتجاجات، والتي أسفرت عن 3 قتلى وعشرات المعتقلين، دافع الخلفي عن عمل الأجهزة الأمنية واصفاً إياه بـ “التفاعل المعقول”، وبرر الحوادث الأكثر إثارة للجدل، مثل دهس المتظاهرين بمركبة أمنية في مدينة وجدة، بأنها وقعت في “إطار الدفاع عن النفس” بعد تعرض رجال الأمن للخطر، وأكد أن النيابة العامة فتحت تحقيقات في جميع هذه الحوادث “بجدية” لمعرفة الظروف الكاملة، واعداً بتطبيق القانون على الجميع.
الاستثناء المغربي ورفض المقارنة
في محاولة لطمأنة الرأي العام الداخلي والخارجي، سعى الخلفي إلى رسم صورة مفادها أن “السياق المغربي مختلف” عن تجارب دول أخرى شهدت احتجاجات مماثلة أطاحت بحكومات، وأكد أن المغرب لا يتحرك “من فراغ”، مشيراً إلى وجود برامج حكومية وإنجازات تحققت، مع اعترافه بوجود “نقائص” في بعض القطاعات، مشددا على أن الحكومة “واعية بذلك” وتعمل على معالجته لضمان كرامة المواطنين، معتبراً أن ذروة العنف قد انتهت وأن المشهد الحالي يعود إلى الاحتجاجات السلمية المنظمة.
الخرجة بين الإلحاح الدولي واختبار المصداقية
ويرى مراقبون أن خرجة الخلفي جزءاً من استراتيجية تواصلية أوسع فرضتها حدة الاحتجاجات وانتشارها، وخصوصاً مع اهتمام وسائل الإعلام الدولية بتغطيتها، فقد سعت الحكومة من خلالها إلى طمأنة الشركاء الدوليين والمستثمرين بأن الأوضاع تحت السيطرة، وإلى نزع فتيل الغضب الداخلي عبر خطاب الاعتراف الجزئي بالمشكلة.
يبقى التحدي الأكبر الذي تواجهه الحكومة هو ترجمة هذا الخطاب إلى إجراءات ملموسة وقابلة للقياس، حيث ستكشف الأيام القادمة عن مدى مصداقية الوعود وقدرة الحوار الموعود على استيعاب غضب جيل يطالب بمستقبل أفضل.