في محطة السمارة لم يكن لقاء حزب الاستقلال،الذي عقد السبت 20 شتنبر، مجرد تجمع حزبي عابر، بل مناسبة بعث من خلالها الحزب رسائل سياسية متعددة الأبعاد والدلالات.
فقد شدّد محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، والقيادي في الحزب على أن السمارة ليست فقط مدينة في عمق الصحراء، بل ذاكرة للنضال وعاصمة روحية للأقاليم الجنوبية، بما يجعلها رمزا لتلاحم الشعب المغربي مع العرش.
ومن هذا المنطلق، جاء التأكيد على أن المغرب سيظل عصيا على محاولات الاستهداف والحملات التضليلية، في رسالة صريحة إلى الخصوم بأن الوحدة الترابية تبقى فوق كل خلاف داخلي.
وفي السياق ذاته، اختار الأمين العام نزار بركة في كلمة مطولة، أن يربط بين الشرعية السياسية والتنمية الملموسة، فعرض جملة من المشاريع المرتبطة بالماء والسدود والتحلية ومعالجة المياه العادمة، موضحاً أن حماية الموارد المائية لا تنفصل عن حماية الإنسان في حياته اليومية.
ومن خلال هذا الربط بين الوطني والمحلي، حاول الحزب أن يثبت أنه لا يكتفي بالخطاب الرمزي بل يتحرك في اتجاه تقديم حلول عملية على الأرض.
كما تكررت دعوات الإصغاء ومد جسور الحوار في كلمات المتدخلين، وهي إشارات واضحة إلى رغبة الحزب في تكريس صورة القرب من المواطن، مقابل منافسين يُتهمون بالانشغال بالصفقات أو الصراعات البيروقراطية.
وإلى جانب ذلك، جاء الحضور الجماعي لقيادات الحزب ووزرائه وبرلمانييه من مختلف جهات المملكة، ليؤكد أن الاستقلال يقدم نفسه كتشكيل متماسك داخليا، قادر على لعب دور ضامن للاستقرار السياسي في زمن يعرف فيه المشهد الحزبي ارتباكات وانقسامات.
وما يعزز هذا الطرح أن المشاريع التنموية التي عرضها بركة لم تُقدّم كمبادرات ظرفية، بل أُدرجت ضمن رؤية وطنية تمتد إلى أفق 2050، وهو ما يربط قضايا السمارة بالتصور الشامل لمستقبل المغرب.
وهنا تتضح الرسالة الأعمق، الاستقلال ليس مجرد حامل لإرث تاريخي، بل فاعل في صياغة المستقبل عبر المزاوجة بين الشرعية الرمزية والفعالية العملية.
وبذلك يمكن القول إن لقاء السمارة كان مناسبة لبث رسائل متعددة في كلمات متفرقة من الأمين العام والقياديين والبرلمانيين، رسائل تاريخية تؤكد الشرعية، ورسائل وطنية تعزز الإجماع، ورسائل تنموية تُترجم الوعود إلى مشاريع ملموسة، وأخيرا رسائل تنظيمية تبرز وحدة القيادة وصلابة الصف الداخلي.
كلها مجتمعة ترسم صورة حزب يطمح إلى أن يكون قوة سياسية ذات مشروعية مضاعفة، تستند إلى الماضي وتبني على أساسه مداخلا إلى المستقبل.